حسن حسني... جوكر السينما المصرية (4-5)

«والد أم كلثوم»... أهم أدواره على الشاشة الصغيرة

نشر في 30-04-2021
آخر تحديث 30-04-2021 | 00:00
انطلقت نجومية الفنان حسن حسني في التسعينيات، وحقق مزيداً من الانتشار غير المسبوق مع أجيال من المخرجين، منهم صلاح أبوسيف وهنري بركات وعاطف الطيب، وتقمّص عشرات الأدوار في زمن قياسي، وأصبح امتداداً لعمالقة التمثيل في زمن الفن الجميل، وحصد جوائز أفضل ممثل، رغم ابتعاده عن أدوار البطولة المطلقة، وتوالت رحلة "الجوكر" في السينما والمسرح والدراما التلفزيونية، حاصداً في كل محطة فنية حب الجمهور له ولأدائه المتفرد.
تراكمت أعمال حسن حسني خلال أكثر من 55 عاماً، وصارت مكتبةً تضم مئات الشرائط السينمائية والدرامية والمسرحية، وتحمل بصمته المتفردة في تقمص شخصيات مختلفة، وكان من الطبيعي أن يتم تتويج تلك المسيرة البالغة الثراء لهذا الفنان المتميز بحصوله على بعض مظاهر التكريم، وعلى عددٍ كبير من الجوائز والأوسمة وشهادات التقدير المحلية والدولية.

واتسعت دائرة انتشار "الجوكر" عبر الشاشة الصغيرة، وضمت عدداً كبيراً من المسلسلات الدرامية، منها "سباق الثعالب" عام 1981، وأسند إليه المخرج حسام الدين مصطفى دور "عبدالسلام رئيس تحرير إحدى الصحف" أمام محسن سرحان وصفاء أبوالسعود وإبراهيم خان ومحمد خيري، ودارت قصته في أجواء بوليسية حول شركة سياحية وهمية تديرها عصابة خطيرة، وتقوم "راوية" الصحافية بتتبع أخبار العصابة من أجل كشفها أمام الرأي العام، وتتصاعد الأحداث.

وشارك في عام 1985 من خلال مسلسل "الزنكلوني" تأليف إبراهيم محمد علي، وإخراج فايز حجاب، وظهر في عدة حلقات أمام نجم الكوميديا محمد رضا وآثار الحكيم وحسين الشربيني، وتدور أحداث المسلسل في حلقات متصلة منفصلة، حول قصص مختلفة، وفي كل حلقة يقترف "الزنكلوني" العديد من الأخطاء، ولكن ضميره يلازمه ويؤنبه دائماً على كل خطأ.

اقرأ أيضا

وفي العام التالي، حقق نجاحاً جماهيراً كبيراً حين ظهر كضيف شرف في مسلسل "غوايش"، تأليف محمد جلال عبدالقوي وإخراج محمد شاكر، وبطولة فاروق الفيشاوي وصفاء أبوالسعود ونبيل الحلفاوي، وأحمد بدير وزوزو نبيل ومحمد توفيق، وتحكي قصته عن فتاة تساعد والدها البائع المتجول، وتتنقل معه بين القرى، وتصادفهما الكثير من المتاعب في ترحالهما اليومي.

بوابة الحلواني

وتتابعت أعمال "الجوكر" خلال عقد التسعينيات، وقدّم عدداً من أهم أدواره على الشاشة الصغيرة، منها مسلسل "بوابة الحلواني" 1992، الذي دارت أحداثه في حقبة تاريخية أثناء فترة حكم الخديوي إسماعيل وحفر قناة السويس، ويحكي عن مجموعة من العائلات من بينها عائلة الكاشف، وقام حسن حسني بتجسيد شخصية "شريف الكاشف" الذي يقع في غرام مطربة، لكنها ترفض الزواج منه، ويتعرض لصدمة نفسية كبيرة.

المسلسل ضم مجموعة كبيرة من الفنانين مثل عبدالله غيث، وخالد النبوي، وسميرة عبدالعزيز، وليلى طاهر، وصلاح قابيل، وسعاد نصر، وعلي الحجار، وسمية الألفي، ومن تأليف محفوظ عبدالرحمن، وإخراج إبرهيم الصحن، ويعد من أهم الأعمال الدرامية خلال حقبة التسعينيات.

ومن ذلك النجاح إلى نجاح آخر، حيث شارك حسني عام 1993 في المسلسل التلفزيوني الشهير "المال والبنون"، وتقمص شخصية "الصول شرابي" الذي ينتمي للحارة الشعبية، ويحمل أحلاماً يتمني تحقيقها، أهمها أن يصبح ابنه ضابط شرطة، والمسلسل بطولة عبدالله غيث، ويوسف شعبان، وأحمد عبدالعزيز، وشريف منير، وعبلة كامل، وزيزي البدراوي ووحيد سيف، وسيد زيان، وتأليف محمد جلال عبدالقوي، وإخراج مجدي أبوعميرة.

كذلك لعب دور "الرسام وفائي" وجسّد شخصية مليئة بالحزن والشجن، وهو رجل قعيد تقوم ابنته الصغرى برعايته ورعاية ابنة أختها الصغيرة بعد وفاة الأم، وقدمها من خلال مسلسل "أرابيسك" في عام 1994، بطولة صلاح السعدني، وهدى سلطان، وكرم مطاوع، وهالة صدقي، وسهير المرشدي، وتأليف أسامة أنور عكاشة، وإخراج جمال عبدالحميد.

ودارت قصة "أرابيسك" حول مجموعة من الشخصيات تسكن في حي شعبي بالقاهرة، وتربطهم علاقة وطيدة بالشاب "حسن" الذي يمتلك ورشة لصناعة فن الأرابيسك في حي شعبي، يتميز بالشهامة والرجولة والوقوف إلى جانب الآخرين في مشكلاتهم وأزماتهم، ما يعرضه لأزمات متكررة، حتى يواجه أصعب اختبار في حياته المهنية.

على باب الوزير

ولعب "الجوكر" دور الموظف البسيط في مسلسل "على باب الوزير" 1995، تأليف سمير عبدالعظيم وإخراج أحمد صقر وبطولة شريف منير وشيرين سيف النصر ووحيد سيف ووائل نور وسامي مغاوري. وتدور قصة المسلسل حول "كمال عبدالصمد" الطالب في كلية الطب، الذي يعمل والده موظفاً في مصلحة الضرائب ويحب زميلته الثرية "نورا" بنت الجزار "حلاوة العنتبلي"، الذي يرفض بشدة ارتباطهما، ويلفق لوالده جريمة رشوة يدخل بسببها السجن.

وانضم هذا المسلسل إلى قائمة الأعمال المأخوذة عن أفلام سينمائية، وأراد المؤلف سمير عبدالعظيم أن يستثمر نجاح فيلم "على باب الوزير" (إنتاج 1982) للمخرج محمد عبدالعزيز، وبطولة النجم عادل إمام ويسرا وسعيد صالح، ولكن النسخة الدرامية وضعت صنّاعها في اختبار صعب، ومقارنتهم بأبطال الفيلم، وتألق حسن حسني في تجسيد شخصية الموظف البسيط، من دون أن يتأثر بأداء الفنان توفيق الدقن، وكلاهما أدى الدور ببراعة، وأضفى على الشخصية بصمته المتفردة في الأداء.

وقي عام 1996، حجز "الجوكر" لنفسه مقعداً في مسلسل "أبوالعلا 90" الجزء الثاني من "أبوالعلا البشري"، للكاتب أسامة أنور عكاشة والمخرج محمد فاضل، وقام بدور "ياسين أبو سمانة" أمام الفنان محمود مرسي وكريمة مختار وسوسن بدر ومحمود الجندي ومدحت صالح، ويدور المسلسل عن شخص ريفي شديد المثالية بالفطرة، ويتعرف إلى "الأستاذ فهلوة" خبير في النصب والاحتيال ويعيش معه أبوالعلا الكثير من المغامرات على طريقة الشخصية الشهيرة "دون كيخوتي" للكاتب الإسباني ثربانتس.

وللمرة الثانية يلتقي حسن حسني مع المخرج جمال عبدالحميد والفنان صلاح السعدني في مسلسل "حلم الجنوبي"، ولكن في ثوب وشخصية مختلفين، لعب فيه دور "عمران الجارحي"، رجل صعيدي فقير تقع في يده بالمصادفة قطع أثرية ويصبح من أغنياء المدينة من التجارة في الآثار، ويمثل السعدني على الجانب الآخر مدرس التاريخ الذي يحاول الحفاظ على تراث بلده فيدخل في صراع مع الجارحي. والمسلسل من تأليف محمد صفاء عامر، وشارك في بطولته معالي زايد ومحمود الجندي وعبدالله فرغلي وأبوبكر عزت وسناء شافع وسيمون وطلعت زكريا. وحقق نجاحاً كبيراً حين عُرض على الشاشة الصغيرة في يناير 1997.

حواء واللص

وللمرة الأولى يجسد حسني شخصية "الجد" من خلال مسلسل "اللص الذي أحبه" تأليف رؤوف حلمي وإخراج أحمد صقر وبطولة شيرين سيف النصر وشريف منير ورجاء الجداوي وياسر جلال وهاني رمزي وعايدة كامل وفؤاد خليل، وتحكي قصة "الجد إبراهيم الأسيوطي" مع حفيدته المدللة "رشا" ومعاناته من سوء تصرفاتها، فيقرر الاتفاق مع الشاب "أكمل" الذي يعمل كبير المهندسين في شركته، ويحاولان تغيير سلوكها، وتحدث الكثير من المفارقات الكوميدية بينهما.

وهذا العمل يحمل أصداءً من فيلم "آه من حواء" للمخرج فطين عبدالوهاب وبطولة رشدي أباظة ولبني عبدالعزيز وحسين رياض، والمأخوذ عن مسرحية "ترويض النمرة" للكاتب الإنكليزي ويليام شكسبير، وهناك العديد من الأعمال المقتبسة عن هذا النص، منها فيلم "استاكوزا" للمخرجة إيناس الدغيدي، وبطولة أحمد زكي ورغدة وحسين الإمام.

ولا ينتهي عام 1997، من دون أن يشارك الممثل "القشاش" في مسلسل "جمهورية زفتي" للكاتب يسري الجندي والمخرج إسماعيل عبدالحافظ، وتقمص حسن حسني دور "حشمت باشا" أمام صابرين وممدوح عبدالعليم وعبدالرحمن أبوزهرة، ودار المسلسل حول مدينة صغيرة تشغل حيزاً جغرافياً صغيراً في إحدى محافظات مصر، تُسمى "زِفتى" هذه المدينة وفي أعقاب ثورة 1919 أعلنت استقلالها بعد معاناة أهل البلدة من ظلم وبطش الباشاوات والإنكليز والإقطاع والسُخرة التي يتعرض لها قطاعٌ كبير من سكانها.

ولعبت المصادفة دورها، ليجسد حسن حسني شخصيتين، سبق أن جسدهما الفنان حسين رياض، الأولى شخصية "الجد" في مسلسل "اللص الذي أحبه" والثانية في مسلسل "رد قلبي" عام 1998 المأخوذ عن قصة للكاتب يوسف السباعي وإخراج أحمد توفيق، ولعب شخصية "الريس عبدالواحد" وهو رجل بسيط يعمل جنايني في قصر الباشا، والعمل يحكي عن الفترة التي سبقت قيام ثورة يوليو عام 1952، وقام رياض بتجسيد هذه الشخصية في الفيلم المأخوذ عن ذات القصة ويحمل الاسم ذاته، وأخرجه عزالدين ذوالفقار عام 1957.

وارتبط مسلسل "رد قلبي" بذكريات مر عليها أكثر من نصف قرن، عندما شارك حسن حسني في فرقة المسرح المدرسي، وأثنى عليه الفنان حسين رياض، وتنبأ له بمستقبل واعد في التمثيل، وبعد تلك الأعوام رشحه المخرج أحمد توفيق، ليقوم بدور "الجنايني" واستطاع أن يتقمص الدور برؤية محتلفة من دون أصداء من أداء رياض في النسخة السينمائية.

وفي العام ذاته، شارك في مسلسل "قط وفار"، تأليف لينين الرملي وإخراج رائد لبيب، وبطولة ياسمين عبدالعزيز وأحمد راتب وممدوح وافي ويوسف داوود، وتدور القصة الكوميدية حول شخصين أحدهما شرير واﻵخر طيب، ويتتبعان بعضهما البعض مثل "القط والفأر" في مواقف طريفة.

وتابع حسني أدواره الكوميدية في مسلسل "يوم عسل ويوم بصل" عام 1999، تأليف فيصل ندا وإخراج محمد عبدالعزيز، وبطولة شريف منير وشويكار وحنان شوقي وحسن مصطفى وعبدالله فرغلي وفام بدور "بيومي"، وتدور أحداث المسلسل في إطار كوميدي حول صديقين يتزوجان من شقيقتين وبعد فترة طويلة من الزواج يشعران بالملل، فيفكر الصديقان في تغيير نمط حياتهما الأسرية لكسر حدة الملل بعد زواج روتيني استمر سبع سنوات.

كوكب الشرق

وكان حسني حسني على موعد مع دور استثنائي في عام 1999، حين جسّد شخصية "إبراهيم البلتاجي" في مسلسل "أم كلثوم" الذي يحاكي السيرة الذاتية لكوكب الشرق أم كلثوم، ولعب فيه حسني شخصية والدها المنشد في الموالد وصاحب الصوت الأصيل الذي أورثه لابنته، وكان إحدى المحطات المهمة والدافعة في نجاحها الأول.

ولاقى المسلسل نجاحاً كبيراً، ولعبت دور "أم كلثوم" الفنانة صابرين، وشارك في البطولة كمال أبورية، وأحمد راتب، وسميرة عبدالعزيز، ورشوان توفيق، وعبدالعزيز مخيون، ورياض الخولي، ويعد من أهم أعمال الكاتب محفوظ عبدالرحمن والمخرجة إنعام محمد علي، ولا يزال يحظى بنسبة مشاهدة عالية عبر القنوات الفضائية والإنترنت.

آن الأوان

ومن أم كلثوم إلى وردة، حيث شارك حسني حسن الفنانة الجزائرية في آخر أعمالها الفنية، من خلال مسلسل "آن الآوان" عام 2006، وهو العمل الذي حقق نجاحاً كبيراً، ودرات أحداثه حول مطربة مشهورة لها معجبون يفتقدونها بعد اعتزالها الغناء حين شعرت أنها بلغت القمة وأن المناخ بدأ يتغير فأنشأت معهداً خاصاً لتعليم الغناء لاكتشاف المواهب الحقيقية والمشاركة في الارتقاء بمستوى الأغنية العربية، وهناك العديد من الصور التي تجمع وردة بـ"الجوكر" أثناء كواليس التصوير.

فاتن حمامة تستعين به لتهدئة أحمد رمزي

حفلت مسيرة الفنان حسن حسني بالعديد من المواقف الطريفة بين كواليس أعماله الفنية، وارتبط بأجيال من النجوم منذ الستينيات وحتى رحيله، ومن بين هؤلاء سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، وظهر معها في بداياته عام 1963 من خلال فيلمي "لا وقت للحب" 1963 للمخرج صلاح أبوسيف و"الباب المفتوح" إخراج هنري بركات وتجدد اللقاء معها عام 2000 في مسلسل "وجه القمر" للمخرج عادل الأعصر.

وشارك حسني في هذا المسلسل، بعد سبع سنوات من فوزه بجائزة أحسن ممثل بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام 1993، وحينها شعر بالسعادة لأن تلك الجائزة كانت تحمل اسم فاتن حمامة، تلك الفنانة التي عاصرها في أوج تألقها الفني، واتسمت بالتواضع الشديد، وتتعامل مع فريق العمل بمحبة بالغة من دون استثناء.

وتعرض حسني لموقف في كواليس "وجه القمر" وكان الفنان أحمد رمزى عصبياً جداً، وأحياناً يغادر الاستوديو غاضباً، فكانت سيدة الشاشة تتساءل: "حسن حسني فين؟" لأنها تثق أنه سيقنعه بأن يعود للتصوير، وذات يوم كان حسني نائماً في غرفته، وطلبت أن يوقظوه سريعاً، وأن يذهب إلى رمزي ليهدئه، وبالفعل نجح في مهمته واستأنف النجم الغاضب تصوير المسلسل.

أحمد الجمَّال

«أرابيسك» مواجهة درامية بين «الرسام» وصلاح السعدني

«الجنايني» يدخل في مباراة تمثيلية مع بطل فيلم «رد قلبي»

تقمّص دور الجد للمرة الأولى من أجل «ترويض النمرة»

«القشاش» يرتحل مع صفاء أبوالسعود إلى «سباق الثعالب»
back to top