مرافعة: باب المرافعة مُغلق!

نشر في 27-04-2021
آخر تحديث 27-04-2021 | 00:30
 حسين العبدالله قرارات تصدرها بعض الدوائر القضائية في المحكمتين؛ الكلية والاستئناف، بحجز صحف القضايا والطعون للحكم، رغم عدم صحة الإعلان أو الإخطار فيها أو عدم تمكين المتقاضين من حقّي الدفاع والاطلاع على المستندات تستلزم من رؤساء المحاكم والمكاتب الفنية وجهاز التفتيش القضائي التنبه لها والتنبيه بشأن خطورتها على حق التقاضي المعتمد أساسا على مبدأ المواجهة.

ورغم أحقية الدوائر القضائية في إصدار ما تشاء من قرارات وأحكام في النزاعات المعروضة أمامها، دون ان يصادرها أحد بذلك، فإنّ ذلك مشروط بضرورة اتباعها عددا من الضوابط التي يجب الوقوف عليها أولا والالتزام بها، فالعدالة مقررة لطرفي الخصومة، وما القضاء إلّا مقرر لها، وذلك حتى يشعر أطرافها بتحقيقها قولا وعملا، ابتداء بالالتزام بضوابطها الإجرائية، ثم الموضوعية وانتهاء بسلامة تسبيبها للأحكام.

وخلوّ المحاكمات من تلك الضوابط يعني إهدارها حق التقاضي الذي كفله الدستور ووجّه المشرع بقوانين المرافعات والإجراءات وتنظيم القضاء الى الإشارة اليه بوضوح، بما يعززه من قواعد ونصوص تحميه وترفض التعدي عليه، وتوجب البطلان لكل تصرّف يحدّ منه.

ومهما بلغت الاعتبارات التي تنطلق منها بعض الدوائر القضائية برفض طلبات فتح باب المرافعة التي تقدّم، خاصة برفض تلك المعتمدة على اعتبارات تنال من سلامة شكل المحاكمة، كالإعلان أو عدم صحة المطالبات المقامة أو بحق المتقاضي، وكان من الواجب على تلك الدوائر الإنصات لها وتمكين أطرافها من حقّي الاطلاع والمواجهة.

ورغم تلقّي بعض الدوائر لطلبات فتح باب المرافعة المدعمة بالأوراق كالمذكرات والمستندات، فإنّها ترفض الإشارة اليها في صدر الحكم رغم وجوب ذلك قانونا أو كأنها، مع التقدير لمنهجها، تبعث برسائل مفادها رفض مبدأ تقديم طلبات فتح باب المرافعة، رغم مخالفته للقوانين، أو انها لا ترغب في الاستمرار بنظر الدعوى، لأنّ لديها العديد من الدعاوى، ومن يرغب الاستمرار في ذلك عليه الطعن أمام المحاكم العليا، وهو أيضا منهج يتعارض مع صريح الدستور المقرر لحقّ التقاضي، إذ لا يضير العدالة أن تتمهل في تمكين المتقاضين من الاطلاع على الدفاع والمستندات المقدّمة منهم، خاصة أن بعض المتقاضين يتعمّد تقديم المستندات في آخر جلسات الخصومة، وهو أمر لا ذنب للأطراف الآخرين في الدعوى لتحمّله أو أنها لا تمكنهم حتى من الاطلاع على تقارير إدارة الخبراء للوقوف على مراكزهم القانونية.

ما أتمناه أن تنصت الدوائر القضائية أكثر الى طلبات فتح باب المرافعة، وأن تمنح أطراف الخصومة تأجيلات ولو قصيرة، ولو أنها لا تتجاوز الأسبوع الواحد للرد على ما يقدمه الخصوم، إعمالا لمبدأ المواجهة أو فتح باب المرافعة إذا طرأت مستندات من شأنها الفصل بالدعوى أو فتح باب المرافعة للمتقاضي الذي لم يحضر، وعلم بتداول دعواه ولم يثبت صحة إعلانه بشخصه، وهي صور جدية تتطلب من الدوائر النظر إليها، ولا يضيرها إصدار قرارات بقبولها بما يكفل حق التقاضي ويصون مبدأ المواجهة.

كما أتمنّى من جهاز التفتيش القضائي أن يلتفت الى النهج الذي تتبعه بعض الدوائر القضائية في ذلك، لاسيما بما يتسبب من ضرر على أطراف الخصومة بسبب تجاهل أو رفض تلك الدوائر لطلبات فتح باب المرافعة، خاصة أن ذلك الأمر يتّصل بالعمل الفني المرتبط بسلامة شكل المحاكمة، ولما يعده من تفعيل لأفكار المعالجة الداخلية، وبأن القضاء يطهّر نفسه بنفسه، ويعالج أخطاءه بذاته وبالطريقة التي تتلاءم مع الخصوصية التي يتعيّن أن يحظى بها.

حسين العبدالله

back to top