أنا آسف وأعتذر

نشر في 23-04-2021
آخر تحديث 23-04-2021 | 00:00
 د. نبيلة شهاب جملة اعتذار تحمل كماً من الجمال والمشاعر الطيبة الراقية التي قد تداوي جروحاً وتنتشل الفرد من الهموم والغضب والأحزان، فالمحظوظ هو الذي نشأ وهذه الكلمات تكون من أساسيات مفرداته التي يستخدمها بسلاسة دون تحفظ أو تردد، لكن البعض يجد صعوبة في بذلها للآخرين، والمحروم ذلك الذي لا يمكن أن يعتذر عن خطأ ارتكبه أو ظلم أوقعه على الآخرين، فالبعض يكابر ويتعالى على أن يعتذر للآخرين مما يترك في نفوسهم ندبات قهر وحزن وغضب وألم، ومن الطبيعي النفور والمشاعر السلبية تجاه المسيء.

ثقافة الاعتذار وتحمل المسؤولية ثقافة تدل على الرقي والاحترام الذي يتميز به من يقدم الاعتذار، ولكونها ثقافة مكتسبة فمن المهم أن تغرس هذه المفاهيم في ذهن الطفل منذ نعومة أظفاره حتى يشب إنساناً سوياً لا يجد غضاضة من الاعتراف بخطئه والاعتذار عنه.

وغالباً ما نجد احتراماً وتقديراً جلياً من الآخرين للشخص الذي يقدم اعتذاره إن وقع في خطأ على أن يكون دون تماد في ذلك، فالاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه من شيم ذوي الأخلاق الحميدة وأصحاب الثقة العالية بالنفس والمتزنين نفسياً والمتوافقين اجتماعياً، ولذا فمن الطبيعي أن الاعتذار يعلي من شأن صاحبه.

ولا يقتصر الاعتذار على من نتعامل معهم كالزملاء والغرباء، ونستثنيه من سلوكياتنا مع أقرب الناس لنا، فالبعض يعتقد أنه لا يحتاج أن يعتذر لمن يعرفونه حق المعرفة ويفترض أنهم من تلقاء أنفسهم سيعذرونه، وقد يفعلون ذلك، ولكن من باب الأدب والاحترام لهم والتقدير لمكانتهم داخل نفسه يجب أن يقدم الاعتذار متى ما أخطأ في حقهم مهما كان هذا الخطأ صغيراً أو كبيراً، فالاعتذار بلسم يجبر كل كسر أو جرح ويرجع الحق لأصحابه وينشر المحبة والمودة، والاعتذار لمن نحبهم أهم بكثير من الاعتذار لغيرهم كالأم والأب والزوج والزوجة والإخوة والأصدقاء المقربين والأهل.

وبعض الاعتذار يجب أن يكون مكتوباً خطياً لما فيه من رد اعتبار وإرجاع حق من حقوق من وقع عليه الظلم أو الإساءة له أو لعمله أو لأمانته وصدقه، وغالباً لا يكون ذلك بين أفراد الأسرة بل بعض من يتشاركون الأعمال والأنشطة وغيره، ومع كل ذلك فإنه أحيانا يساء فهم واستقبال الاعتذار وغالباً ما يكون ذلك ممن يسيء الظن بالآخرين أو المتكبر المتعالي أو ضعيف الشخصية أو من لا يثق بنفسه، فيفسر الاعتذار على أنه ضعف أو حيلة أو نفاق، وقد يسيء التصرف كالرد القبيح وعدم التقدير واحترام المعتذر وعدم قبول اعتذاره.

ولذا من المهم جداً أن نتعلم وخصوصا الأطفال منا أن المسيء يجب أن يعتذر وأن الاعتذار يعلي من مكانة صاحبه ويقرب النفوس ويقضي على التنافر أو حتى التباغض، ويريح نفس المساء إليه أو المظلوم ويشعرها بالعزة وحفظ الكرامة والاحترام.

د. نبيلة شهاب

back to top