الصين تهدد أستراليا بعد إلغائها اتفاقاً ضمن «الحزام والطريق»

• «القوة الناعمة» الصينية تتراجع في أوروبا
• هجوم جديد على سفير بكين في كويتا

نشر في 23-04-2021
آخر تحديث 23-04-2021 | 00:03
صينيون أمام لوحة تظهر الزعيم الشيوعي الصيني الراحل ماوتسي تونغ خلال معرض في ساحة تيانامين بذكرى 100 عام على تأسيس الحزب الشيوعي الصيني (رويترز)
صينيون أمام لوحة تظهر الزعيم الشيوعي الصيني الراحل ماوتسي تونغ خلال معرض في ساحة تيانامين بذكرى 100 عام على تأسيس الحزب الشيوعي الصيني (رويترز)
على وقع تفاقم النزاع على السيادة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ بين الصين وجيرانها، وارتفاع منسوب التوتر بعلاقتها مع الولايات المتحدة وحلفائها، ردّت الصين بعنف على إعلان الحكومة الأسترالية إنهاء اتفاق وقّعته ولاية فكتوريا للانضمام إلى مبادرة "الحزم والطريق" الصينية، معتبرة أن هذه الخطوة تشكّل "مساساً خطيراً" بالعلاقات الثنائية والثقة المتبادلة، مؤكدة أنها "تحتفظ بالحق في اتخاذ إجراءات إضافية بهذا الصدد".

واتهم المتحدث باسم "الخارجية" الصينية، وانغ وينبين، الحكومة الأسترالية بأنها "وضعت بشكل غير عقلاني فيتو على اتفاق التعاون، وتدخلت تعسفياً في التعاون والمبادلات الطبيعية".

وقررت وزيرة الخارجية الأسترالية، ماريز باين، إلغاء النصوص الموقّعة في 2018 و2019، معتبرةً أنها تتعارض مع السياسة الخارجية لكانبيرا.

لكنّ وزير الدفاع، بيتر داتون، رأى أن كانبيرا "قلقة" من عقد حكومات محلية اتفاقات من هذا النوع مع بكين "لأنها تستخدم لأغراض دعائية"، موضحاً أن مشكلة الحكومة ليست مع الشعب الصيني، بل في "قيم أو رؤية الحزب الشيوعي".

في أوج الخلاف مع بكين، تبنت كانبيرا العام الماضي قوانين جديدة لإلغاء أي اتفاق يبرمه ممثلو ولاية أسترالية ودول أخرى، وتعتبر أنه يهدد المصلحة الوطنية.

وبدأت العلاقات الثنائية تتراجع في 2018، عندما استبعدت أستراليا مجموعة الاتصالات الصينية العملاقة هواوي من بناء شبكتها للجيل الخامس (5 جي) باسم الأمن القومي. وتفاقم التوتر عندما دعا رئيس الوزراء سكوت موريسون العام الماضي إلى إجراء تحقيق دولي في مصدر وباء كورونا، الذي ظهر في الصين أواخر 2019.

وفرضت بكين سلسلة من الإجراءات الاقتصادية الانتقامية في الأشهر الأخيرة ضد عشرات المنتجات الأسترالية، بما في ذلك الشعير ولحوم الأبقار والنبيذ.

استهداف السفير

وفي باكستان، استهدفت حركة طالبان، التي تتشارك مع سكان بلوشستان استياءهم من مشروع الممر الاقتصادي الصيني، الذي يعد جزءاً أساسياً من "الحزام والطريق"، مقر إقامة السفير الصيني نونغ رونغ بفندق "سيرينا" الفاخر في مدينة كويتا عاصمة الإقليم، مما أسفر مقتل 4 أشخاص على الأقل وجرح 12 آخرين بانفجار قنبلة.

ودانت الصين، التي وظفت استثمارات كبيرة في باكستان في إطار مبادرة

"الحزم والطريق"، المستهدف بشكل منتظم من الجماعات المسلحة والحركات شبه القومية، بشدة الهجوم، مؤكدة أنه "عمل إرهابي".

ووصف وزير الداخلية الباكستاني شيخ رشيد أحمد العملية، التي تبنتها "طالبان" لاحقاً، بأنها "عمل إرهابي استهدف وفداً صينياً من أربعة أشخاص على رأسهم السفير كان ينزل في الفندق، لكنهم كانوا في اجتماع خارجه عند وقوع الانفجار".

وانتشرت لقطات مصورة للانفجار على مواقع التواصل، وأظهرت اندلاع حريق في أعقاب الانفجار بساحة انتظار السيارات بالفندق.

الممر الاقتصادي

ورغم غناها بالموارد الطبيعية من غاز ومعادن، يعم الفقر بلوشستان، وهو ما شكّل مصدر غضب لسكانها الذين يشكون من عدم حصولهم على حصة عادلة من ثرواتهم.

وما زاد استياءهم تدفّق الأموال للمنطقة عبر الجزء الأساسي من مشروع "الحزام والطريق"، الذي يعتبرون أنه لم يدرّ عليهم سوى القليل في حين ذهبت معظم الوظائف الجديدة للغرباء.

وفي 2019، اقتحم مسلحون فندقاً فاخراً آخر يطلّ على مشروع ميناء غوادار، الذي يمنح الصين منفذاً استراتيجياً لبحر العرب، مما أسفر عن مقتل 8. وفي يونيو استهدف المتمردون البلوش البورصة الباكستانية المملوكة جزئياً لشركات صينية. وأعلن "جيش تحرير بلوشستان" مسؤوليته عن جميع هذه الهجمات.

ويريد المتشددون الاستقلال عن بقية أنحاء باكستان ويعارضون مشروعات البنية التحتية الصينية الكبرى، وخصوصاً خطة الممر الاقتصادي الباكستاني المقترحة وقيمتها 60 مليار دولار، والهادفة لمنح بكين الوصول إلى الأسواق في الشرق الأوسط وأوروبا وإفريقيا عبر أقصر طريق بري وبحري.

القوة الناعمة

إلى ذلك، خلص تقرير موسّع نشره المعهد الهولندي للعلاقات الدولية (كلينغدايل) وأعده نحو 17 معهداً بحثياً أوروبياً، أن القوة الناعمة الصينية في أوروبا التي تُعرَّف على أنها القدرة على التأثير من خلال الجذب أو الإقناع، تتراجع.

واعتمد تقرير "القوة الناعمة الصينية في أوروبا تواجه أوقاتاً عصيبة"، الذي يقع في 117 صفحة، على تحليلات منفصلة تناولت التأثير الصيني في 17 دولة أوروبية ومؤسسات الاتحاد الأوروبي، وقسّم هذه الدول إلى 4 مجموعات:

• الأولى، تضم النمسا والمجر وبولندا والبرتغال وسلوفاكيا، ولم تضطر الصين فيها إلى إظهار قوتها الناعمة بنشاط، ويرجع ذلك في الغالب إلى عدم اهتمام الرأي العام في هذه البلدان بها.

• الثانية، وتضمّ إيطاليا واليونان تستخدم الصين نهج القوة الناعمة، بهدف وقف تدهور صورتها واحتواء الضرر.

• المجموعة الثالثة، وتضم ألمانيا ولاتفيا وهولندا ورومانيا وإسبانيا والمملكة المتحدة، وأطلق عليها اسم "مجموعة اليقظة المتزايدة"، والتي ظهر فيها بوضوح أن بكين أصبحت أقل تفضيلًا في هذه الدول وتكافح من أجل تحسين أوضاعها.

•المجموعة الرابعة، وتضم تشيكيا والدنمارك وفرنسا والسويد، حيث القوة الناعمة للصين بحالة سقوط حر.

وأشار التقرير إلى أن مؤسسات الاتحاد الأوروبي تتبع الاتجاه الموصوف في المجموعة الثالثة أي "اليقظة المتزايدة"، حيث تم التأكيد بشكل متزايد على المخاطر التي تشكلها الطموحات الجيوسياسية للصين.

ويعزو التقرير هذا التراجع لعدة عوامل، منها تداعيات وباء كورونا والتطورات الداخلية في الصين، خصوصاً ملفّي شينجيانغ وهونغ كونغ، وكذلك تأثير تنافسها المتزايد مع الولايات المتحدة، لافتاً إلى أن هذه العوامل أكثر جوهرية من المصادر التقليدية للقوة الناعمة، وهو ما دفع بكين إلى اعتماد رسائل استباقية على نحو متزايد في أوروبا، بل وحتى عدوانية بما في ذلك من خلال فرض العقوبات.

back to top