مركز البحوث والدراسات الكويتية يوثق تاريخ أسرة الصقر (الحلقة الثامنة)

جاسم حمد الصقر... شغف بالقراءة ومشاركة في المحاضرات واهتمام بقضية فلسطين

نشر في 21-04-2021
آخر تحديث 21-04-2021 | 00:04
غلاف كتاب جاسم حمد الصقر
غلاف كتاب جاسم حمد الصقر
يأتي كتاب «جاسم حمد الصقر- سيرته السياسية والثقافية» في إطار سلسلة من الكتب الخاصة بتاريخ أسرة الصقر، والتي يعمل مركز البحوث والدراسات الكويتية برئاسة وإشراف د. عبدالله الغنيم على أن تكون ذات مرجعية موثقة، نظراً لإيداع أسرة الصقر مجموعة من الوثائق الخاصة بها.

ابتدأت السلسلة بكتاب تناول سيرة حمد عبدالله الصقر، ثم كتاب عن عبدالله حمد الصقر ودوره السياسي والاقتصادي.

اهتم كتاب «جاسم حمد الصقر»، الذي أعده د. فيصل عادل الوزان، بجوانب ذات قيمة في سيرته الثقافية والسياسية معاً. فقد كان العم المرحوم أبو وائل شديد الاهتمام بالوثائق التي تخص أسرته ويحتفظ بها في أرشيفه الخاص، الذي قام بتصنيفه بشكل أولي.

اقرأ أيضا

وتكمن أهمية هذا المخزون الوثائقي في أنه يحتوي على عقود تجارية، ووثائق عدسانية، ومراسلات، ومقتنيات خاصة أسرية، ومسودات أبحاث تاريخية، إضافة إلى مذكرات يومية كان يحرص على تدوينها.

ومن بين الوثائق النادرة رسائل كتبها أحد أعضاء كتلة الشباب الوطني إلى المرحوم جاسم الصقر حول أحداث مجلس 1938، وقصة إيفاده من الشيخ عبدالله السالم الصباح سنة 1963 للاجتماع مع الرئيس العراقي عبدالسلام عارف بعد سقوط عبدالكريم قاسم، ومفاوضات إيصال مياه شط العرب إلى الكويت، فضلاً عن محاضر لجان سرية عُقِدت بمجلس الأمة عن طرح فكرة تنقيح الدستور، وغيرها الكثير من الوثائق.

وفيما يلي الحلقة الثامنة من الكتاب الصادر عن مركز البحوث والدراسات الكويتية.

امتلك المرحوم جاسم الصقر مكتبة كبيرة في بيته، تزخر بكتب قديمة قيمة متنوعة المواضيع، وكثير منها قديم الطباعة، أنفق فيها الكثير من الوقت للقراءة في القانون والسياسة والتاريخ والأدب، وكان حريصاً على الاطلاع على مجلة العربي، المجلة الكويتية الشهيرة، إذ لم يكن يكتفي فقط بقراءة الأعداد، بل يكتب أحياناً معلقاً على مضمون بعض المقالات، وهو ما جعله يتلقى من رؤساء تحريرها ومحرريها رسائل تطلب منه إبداء آرائه في تغييرات حديثة بالمجلة.

عرف القريبون منه شغفه بالقراءة، وتبين وثائق أخرى أن جهات ومؤسسات أكاديمية وثقافية كجامعة الكويت وأكاديميين اعتادوا إرسال الإصدارات الحديثة لجاسم، يحتفظ المرحوم ببعض رسائلهم تلك، وفيما يلي طائفة منها:

إلقاء المحاضرات

نشط جاسم في إلقاء المحاضرات بالمحافل الثقافية والمؤتمرات ونشرت رابطة الاجتماعيين في فترة رئاسة المرحوم عبدالعزيز الصرعاوي اثنتين من محاضراته كانت المحاضرة الأولى في فبراير سنة 1982م حول حركة المجلس، والثانية سنة 1985م عن ملامح تطور المجتمع الكويتي. وكذلك ألقى محاضرة على الطلبة الكويتيين المغتربين في بريطانيا، وفي كلية الحقوق بجامعة الكويت. وكان له حضور أيضا في مؤتمرات قضية فلسطين.

وعلى سبيل المثال مما يحتويه أرشيف الصقر يمكن تقديم بعض الأوراق التي تدل على نشاطه العلمي والتثقيفي ودعمه للبحث العلمي.

دعم الدراسات العربية والإسلامية
في 8 ديسمبر 1982 تلقى جاسم الصقر دعوة لإلقاء محاضرة بعنوان «تطور الحياة الديمقراطية والنيابية في الكويت» في كلية الحقوق بجامعة الكويت.

ساهم جاسم الصقر أيضا ماديا ومعنويا في مشروع دراسات التاريخ الاجتماعي الاقتصادي العربي الإسلامي سنة 1982م وكانت اللجنة التنفيذية مكونة من الأساتذة مطاع صفدي وشاكر مصطفى وخلدون النقيب، وقد جاوزت المساهمة المادية ما يزيد على 39.300 دينار كويتي الذي هو فقط القسط الأول من إجمالي المبلغ.

اهتمامه بمصير المفكر الفرنسي غارودي

بعث جاسم الصقر بتاريخ 25 يناير 1998 بسؤال إلى سفير فرنسا في الكويت حول سبب محاكمة روجيه غارودي بالمحاكم الفرنسية، فجاء الرد من السفير أن غارودي كتب عن مسألة الهولوكوست بشكل يخالف قوانين فرنسا.

سياسة الكويت الخارجية
أرسل الدكتور حسن جوهر من قسم العلوم السياسية بجامعة الكويت رسالة يدعو فيها جاسم الصقر بصفته رئيساً للجنة الشؤون السياسية بمجلس الأمة إلى المشاركة في إثراء مقرر سياسة الكويت الخارجية من خلال ما يراه مناسباً.

راش وأسرة الصباح
ثمة رسالة من راش الباحث البريطاني الشهير صاحب الموسوعات الخاصة بالأسر الحاكمة العربية، والحج، وكتاب عن نسب أسرة الصباح ويبدو أن جاسم الصقر كان يدعم مشاريع راش دعما ماديا ومعنويا، وفيها يخبر راش الصقر عن قرب انتهائه من كتابه.

قضية فلسطين

احتلت قضية فلسطين مكانة مركزية في الفكر السياسي لجاسم الصقر، فكان يدعمها مادياً ومعنوياً منذ نعومة أظفاره. وكما سطرنا في بداية هذا الكتاب، فإن حياته وحياة أخيه فيما دون التجارة كانت مخصصة للشأن السياسي العربي الذي يعد قضية فلسطين قضيته الأولى وفي جوار جاسم الصقر في مجلة «الكويت» تحدث باستفاضة عن هذا الموضوع، فقال:

«لقد تابع جيلنا أحداث النكبة وما سبقها بمنتهى الاهتمام والتفاعل وإن كان من إقرار الحقيقة القول بأن تفاعل الجماهير في كل قطر من الأقطار العربية كان متباينا نظرا لقرب هذا القطر أو بعده عن الأحداث في فلسطين وحسب الظروف السائدة في ذلك القطر. وأستطيع أن أقول بأن منطقة الهلال الخصيب، والمقصود بها العراق وبلاد الشام، كانت أكثر أجزاء الأمة تفاعلا مع القضية فيما فرضت الظروف الاستعمارية القاسية العزلة على بلاد المغرب العربي وشمال إفريقيا، وانشغلت بلاد عربية أخرى بظروف الفقر وعناء البحث عن لقمة العيش.

وعلى صعيد فلسطين نفسها، فإن الشعب الفلسطيني كان واعياً بالمؤامرات منذ بدايتها، وقام منذ دخول الإنكليز لفلسطين وتشجيعهم للهجرة اليهودية إليها بالانتفاضة والثورة ضد المخطط الاستعماري الخطير، ومنذ تعيين اللورد اللنبي مندوباً سامياً على فلسطين- وكان صهيونياً- قام الفلسطينيون بثورة عارمة بقيادة مجموعة من الرجال الأحرار. وقد قمعها الإنكليز بالقوة وقدموا إلى ساحة الإعدام قادتها الذين أذكر منهم المرحوم فؤاد حجازي الذي قال لدى تقديمه إلى حبل المشنقة: مرحباً بأرجوحة الأبطال.

وشهد عقد الثلاثينيات بعد ذلك ثورات عديدة فمن ثورة الشهيد عز الدين قسام إلى عبدالرحيم عبدالهادي إلى الثورة الثالثة التي اشترك فيها فوزي القاوقجي. وهذه جميعاً تمت خلال فترة وجيزة (1934 - 1939م).

وعلى صعيد البلاد العربية، فإن آلافاً من أحرار العرب ساهموا في قضية فلسطين سواء بالنفس أو جهاداً بالسلاح أو بالمال أو بالعمل السياسي والصحافي والأدبي، وحين أعلن عن قيام الكيان اليهودي عام 1948م وتوجهت القوات العربية للقتال ضد الكيان الوليد كان من خيرة من قاتلوا في تلك الحرب مجموعات من الكتاب المتطوعة غير النظامية، وقد عانت عصابات اليهود من الشباب المتطوع أكثر مما عانت من الجيوش العربية النظامية جمعاء، حيث قاتل هؤلاء الشباب بحماس منقطع النظير.

رسالة من عبدالله القاق عضو الهيئة الإدارية لاتحاد الكتاب والصحافيين الفلسطينيين إلى جاسم الصقر (غير مؤرخة)

تهريب السلاح إلى الثوار

ولم تكن الكويت مع نخبة من أبنائها النجباء بعيدة عن ميدان المشاركة في القضية الفلسطينية، وأستطيع أن أتذكر جيدا أن بعض الكويتيين كانوا يساهمون في عمليات سرية لتهريب السلاح والمؤن إلى الثوار في فلسطين فكانت البنادق والذخيرة تصل إلى سواحل الكويت، ثم تحمل إلى منطقة المطلاع على ظهور الجمال ثم ترسل إلى البصرة ثم تدخل في طريق عبر محطات كثيرة في العراق ثم إلى منطقة أبوكمال في سورية ثم فلسطين على ظهور الجمال، وأحيانا السيارات في عملية طويلة معقدة. كانت شحنات الأسلحة هذه مهمة للجهاد في فلسطين، حين كانت مواني البحر المتوسطة تحت الرقابة الإنكليزية الصارمة، ومن هنا جاءت أهمية الوسطاء الكويتيين في نقل السلاح، والذي كان جزء منه بتمويل بعض الوطنيين الكويتيين الذي رأوا الجهاد بأموالهم في سبيل القضية الفلسطينية».

كان جاسم يلقي محاضرات حول أهمية القضية الفلسطينية وضرورة الدفاع عنها وكانت جريدة «القبس» التي كانت أسرته أحد ملاكها تنشط في سبيل شرح القضية ومهاجمة العدو الإسرائيلي.

وقد تلقى المرحوم جاسم الصقر دعوة من عبدالله القاق الصحافي الفلسطيني بجريدة «القبس» وأحد أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية يدعوه فيها إلى إلقاء محاضرة بعنوان القضية الفلسطينية بين الواقع والمستقبل.

تواصله الاجتماعي واشتراكاته في النوادي الأدبية ورعايته للطلبة

إن شخصية جاسم الصقر تميل إلى إقامة علاقات صداقة مع الناس وخصوصاً من فئة المثقفين فكان لا يفوت فرصة الانضمام إلى الأندية الأدبية التي تقام في الكويت والبصرة.

أرسل رئيس الاتحاد الوطني لطلبة الكويت في الولايات المتحدة الأميركية دعوة إلى جاسم الصقر لحضور أول مؤتمر سنوي يعقده الاتحاد في أميركا حيث كتبوا له «نظراً لدوركم البارز في مسيرة الكويت ومساهمتكم الفعالة في بناء كويتنا الكريم يسرنا دعوتكم للمشاركة في هذا المؤتمر 29-30/ 12/ 1982 وبينوا أن المؤتمر سيحضره كثير من الطلاب.

إيصالا تبرع ودعوة لجاسم وعبدالوهاب حمد الصقر

وفاة شقيقه محمد

توفي محمد حمد الصقر إلى رحمة الله، وهو في مقتبل العمر عن زوجة وابنة، بعد معاناة مع المرض، فكانت وفاته صدمة للعائلة والاصدقاء، وتحتفظ مجموعة وثائق الصقر ببعض الاوراق ذات الصلة.

كتب جاسم الصقر في كشكوله عن وفاة أخيه محمد:

انتقل أخي المرحوم محمد تغمده الله برحمته وأسكنه فسيج جنته إلى رحمة الله، فجر السبت السابع من شهر آب سنة 1943م، المصادف يوم السادس من شعبان المعظم سنة 1362، حوالي الساعة الرابعة والنصف».

رثا الشاعر راشد السيف، الأستاذ في المدرسة الأحمدية، محمد حمد الصقر، ودوَّن قصيدته في ديوانه «السيفيات»، وعنوانها (بكتك الأيامى) وقدمها بقوله «رثاء فقيد الشباب محمد حمد الصقر، ارتجالاً عند وصول نعيه من سورية»، وفيما يلي أبيات من مطلعها ونهايتها:

لدار النعيم وخير المقر

دعاك الإله فقيد الصقر

تزودت في الأرض خير التقى

لأخراك زاداً نبيل السفر

فكنت الخيار له من خيار

بهذا القضاء جرى والقدر

محمد إن فعال الفتى

توطد تذكار ثاني العمر

سعيد الحياة سعيد الممات

فسجل السجايا جبين الدهر

فصبر جميل وربي المعين

مصاب عظيم وضيم خطر

بهند أعزي وأخرى ذويه

ومن قد رآه بخير النظر

وأفرغ على كل قلب صديق

بكأس التسلي الرضا والصبر

فيارب أسكنه أعلى الجنان

لتشهد عيناه رؤيا النظر

لسادس شعبان نادى العزا

دعاء يؤرخ فلك الأغر

عضويته في مجلس جامعة الكويت وكلية الحقوق

اختير جاسم الصقر عضواً في مجلس جامعة الكويت سنة 1971م. وكان وزير التربية آنذاك المرحوم صالح عبدالملك الصالح، أما مدير الجامعة فكان المرحوم الدكتور عبدالفتاح إسماعيل.

كان جاسم الصقر عضواً في مجلس كلية الحقوق.

حمزة عليان

حرص دائم على مطالعة مجلة "العربي"... ومساهمات فكرية

ألقى محاضرات في رابطة الاجتماعيين حول ملامح تطور المجتمع الكويتي

مكانة مركزية لقضية فلسطين ودعم متواصل لشعبها

متابعة خاصة لمعرفة مصير المفكر الفرنسي غارودي
back to top