حشد القوات العسكرية لن يطلق حرباً شاملة بين أوكرانيا وروسيا!

نشر في 21-04-2021
آخر تحديث 21-04-2021 | 00:00
أصبح المجتمع الدولي في حالة تأهب قصوى بعدما حشدت روسيا 80 ألف جندي على حدودها الشرقية مع أوكرانيا وداخل شبه جزيرة القرم حديثاً، إذ تسود مخاوف كبرى من نوايا موسكو الحقيقية واحتمال اندلاع الحرب.

عملياً، تخوض أوكرانيا وروسيا شكلاً من الصراع منذ عام 2014، حين قررت موسكو ضم شبه جزيرة القرم ودعمت القوات الانفصالية في منطقتَي "دونيتسك" و"لوغانسك" في شرق أوكرانيا (تُعرفان جماعياً باسم "دونباس").

لم تعد الأعمال العدائية المستمرة في المنطقة جزءاً من عناوين الأخبار الدولية في السنوات الماضية، لكن تدهور الوضع الأمني في الفترة الأخيرة يأتي ليذكّرنا بأن الصراع لن ينتهي في أي وقت قريب، ونظراً إلى أهمية أوكرانيا الاستراتيجية بالنسبة إلى روسيا، يبقى أي حل محتمل للأزمة بعيد المنال.

الغزو الروسي مستبعد

رغم تصاعد الاضطرابات الإقليمية، يبقى احتمال اندلاع مواجهة عسكرية بين البلدين أو حصول غزو روسي مباشر لأوكرانيا خياراً مستبعداً نسبياً، تتعدد الأسباب التي تمنع تطوّر هذا الوضع.

سبق أن استعمل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المغامرات الخارجية لتحسين نِسَب تأييده داخلياً، فهذا ما فعله مثلاً عند ضمّ شبه جزيرة القرم في عام 2014، لكن ستفوق التكاليف الاقتصادية المرافقة لهذا النوع من التدخّل جميع التوقعات على الأرجح، لا سيما قبيل انتخابات مجلس الدوما المحورية في سبتمبر 2021.

في 15 أبريل، فرضت واشنطن عقوبات جديدة على روسيا للحد من شراء ديون سيادية جديدة، فكانت هذه الخطوة لافتة لأنها تثبت استعداد بايدن لدعم كلامه بأفعال ملموسة.

قد يدفع الكرملين ثمناً باهظاً إذاً لأن أي تكاليف إضافية غداة تكثيف عملية التوسع داخل الأراضي الأوكرانية قد تُقابَل بفرض تدابير مسيئة اقتصادياً، فضلاً عن إعاقة مشروع خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" الذي يُفترض أن ينقل الغاز الروسي إلى ألمانيا مباشرةً.

من المتوقع أيضاً أن تكون تكاليف أي تصعيد عسكري محتمل هائلة بالنسبة إلى كييف، لقد تعهد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال حملته الانتخابية في عام 2019 بإنهاء الحرب في "دونباس"، لذا سيؤدي أي وضع معاكس إلى أضرار لا يمكن إصلاحها في نِسَب تأييده التي تشهد تراجعاً واضحاً منذ استلامه السلطة.

ورغم زيادة الخطابات الغربية الداعمة لأوكرانيا، من المستبعد أن يقدم الغرب دعماً عسكرياً من أي نوع إذا تدهور الوضع سريعاً. لم يقدّم المجتمع الدولي أي دعم عسكري حين أقدمت روسيا على ضم شبه جزيرة القرم في عام 2014 ولم تنتسب أوكرانيا إلى حلف الناتو في المرحلة اللاحقة، وستضطر كييف للدفاع عن نفسها إذاً، فلا مفر من أن تتحمّل وحدها التكاليف المترتبة عن هذا الوضع.

مخاطر كبرى

على المدى القصير، قد تؤدي الاضطرابات السياسية المتزايدة بين موسكو وواشنطن إلى إطلاق رد روسي ضد العقوبات الأميركية، ومن المستبعد أصلاً أن يحصل اللقاء الذي اقترحه بايدن مع بوتين خلال قمة رسمية لمناقشة الوضع في أوكرانيا في أي وقت قريب.

لكن رغم تدهور العلاقات السياسية بين البلدَين في الفترة الأخيرة، يبدو أن واشنطن تريد ترك المجال مفتوحاً أمام الحوار مع أن بايدن يبدي استعداده للوقوف في وجه بوتين، واتّضحت هذه النوايا حين بقيت أحدث العقوبات محدودة نسبياً، وعندما قررت واشنطن في 14 أبريل إلغاء عملية نشر السفن الحربية الأميركية في البحر الأسود.

في مطلق الأحوال، لا يمكن استبعاد احتمال الغزو أو التصعيد العسكري في أوكرانيا بالكامل، لكن تثبت غطرسة روسيا في تعاملها مع المستجدات التي ترافق تصاعد التوتر مع الولايات المتحدة أن التطورات الأخيرة، في الوقت الراهن على الأقل، هي مجرّد استعراض متعمد للقوة ولا تعكس أي تهديدات بشن حرب وشيكة.

ليانا سيمشوك - ذا كونسرفيشن

back to top