مركز البحوث والدراسات الكويتية يوثق تاريخ أسرة الصقر (الحلقة الثالثة)

جاسم حمد الصقر (1918- 2006) الدور الوطني في مجلس 1938 وكتلة الشباب الوطني

نشر في 15-04-2021
آخر تحديث 15-04-2021 | 00:04
غلاف كتاب جاسم حمد الصقر
غلاف كتاب جاسم حمد الصقر
يأتي كتاب «جاسم حمد الصقر- سيرته السياسية والثقافية» في إطار سلسلة من الكتب الخاصة بتاريخ أسرة الصقر، والتي يعمل مركز البحوث والدراسات الكويتية برئاسة وإشراف د. عبدالله الغنيم على أن تكون ذات مرجعية موثقة، نظراً لإيداع أسرة الصقر مجموعة من الوثائق الخاصة بها.

ابتدأت السلسلة بكتاب تناول سيرة حمد عبدالله الصقر، ثم كتاب عن عبدالله حمد الصقر ودوره السياسي والاقتصادي.

اهتم كتاب «جاسم حمد الصقر»، الذي أعده د. فيصل عادل الوزان، بجوانب ذات قيمة في سيرته الثقافية والسياسية معاً. فقد كان العم المرحوم أبو وائل شديد الاهتمام بالوثائق التي تخص أسرته ويحتفظ بها في أرشيفه الخاص، الذي قام بتصنيفه بشكل أولي.

وتكمن أهمية هذا المخزون الوثائقي في أنه يحتوي على عقود تجارية، ووثائق عدسانية، ومراسلات، ومقتنيات خاصة أسرية، ومسودات أبحاث تاريخية، إضافة إلى مذكرات يومية كان يحرص على تدوينها.

ومن بين الوثائق النادرة رسائل كتبها أحد أعضاء كتلة الشباب الوطني إلى المرحوم جاسم الصقر حول أحداث مجلس 1938، وقصة إيفاده من الشيخ عبدالله السالم الصباح سنة 1963 للاجتماع مع الرئيس العراقي عبدالسلام عارف بعد سقوط عبدالكريم قاسم، ومفاوضات إيصال مياه شط العرب إلى الكويت، فضلاً عن محاضر لجان سرية عُقِدت بمجلس الأمة عن طرح فكرة تنقيح الدستور، وغيرها الكثير من الوثائق.

وفيما يلي عرض حلقات الكتاب الصادر عن مركز البحوث والدراسات الكويتية.

لم تنقطع علاقة جاسم الصقر بالكويت بالتأكيد، فكان يزور بلده في أوقات العطل، ويمكث فيها، ويلتقي أهله وأصدقاءه. وكان له حضور خلال فترة مجلس الأمة التشريعي الذي تأسس سنة 1938م وحُل سنة 1939م. فكان منتمياً إلى كتلة الشباب الوطني ذات التوجه القومي العربي. ويمكن أن نعده من بين الصف الثاني لشباب الحراك السياسي خلف قيادييه المعروفة أسماؤهم، ومن بينهم أخوه عبدالله، الذي كان عضواً في المجلس التشريعي. ولا ننسى أيضاً أن انتخابات المجلس واجتماعات النواب كانت تحدث بديوان الصقر في القبلة.

احتفظت مجموعة وثائق أسرة الصقر بالكثير من المراسلات والأوراق التي تعود إلى هذه الفترة التشكلية من حياة جاسم الصقر. فمراسلات أصدقائه إليه تحتوي على أخبار الكويت في نهاية الثلاثينيات وبداية الأربعينيات. وهي تعطينا وجهة نظر من زاوية معينة لما حدث في الكويت بتلك الفترة. وهي بلا شك لا تمثل الحقيقة المطلقة، بل تمثل تيارا معينا ذا فئة اجتماعية معينة وفئة عمرية محددة، وتوجها سياسيا محددا. وسنرى فيما يلي طائفة من تلك الوثائق:

المشاركة في كتلة الشباب الوطني

انضم عدد من شباب الكويت المتطلع إلى التقدم الحضاري إلى جماعات وتنظيمات حركة القوميين العرب التي أخذت بالظهور في العراق والشام ومصر، وتلقت تأييدا ودعما من بعض الدول، كمملكة العراق. وتأثرا بهذا المد الأيديولوجي تأسس حزب في الكويت يُعد الأول من نوعه في البلاد، أطلق عليه تسمية كتلة الشباب الوطني. ومن خلال المراسلات الشخصية والوثائق البريطانية وبعض الكتب يتضح انضمام جاسم حمد الصقر إلى كتلة الشباب الوطني تلك.

يخبرنا عبدالله الحاتم في كتاب «من هنا بدأت الكويت»، عن تأسيس أول حزب سياسي في الكويت، وهو كتلة الشباب الوطني. فيقول إنه تأسس في يوليو عام 1938م – أي بعد تأسيس المجلس التشريعي مباشرة – وبإيعاز منه. وجرى انتخاب أعضاء مجلس إدارته في بيت الشيخ يوسف بن عيسى القناعي. وتم انتخاب اثني عشر عضوا، وهم:

أحمد زيد السرحان، جاسم حمد الصقر، عبداللطيف صالح عثمان الراشد، عبدالعزيز صالح المطوع، عبدالرحمن الفارس، محمد صالح إبراهيم العدساني، محمد الحاج حبيب، عبداللطيف طباطبائي. وهناك أربعة أعضاء لم يذكر الحاتم أسماءهم. كما تم اختيار أحمد زيد السرحان سكرتيرا، واختير عبداللطيف محمد ثنيان الغانم رئيسا فخريا لكتلة الشباب الوطني.

ثم بدأ كثير من الناس بالانضمام إلى الكتلة، أو التعبير عن تأييدها عبر وسائل متعددة. وأقيم حفل لأداء قسم الولاء والإخلاص لمبادئ الكتلة وأهدافها، وترمي هذه المبادئ والأهداف إلى:

1) دعم المجلس التشريعي، وتأييد ما يتخذه من قرارات.

2) نشر الوعي الثقافي في البلاد.

3) إذكاء روح القومية بين المواطنين، باعتبار الكويت جزءا لا يتجزأ من الوطن العربي الكبير.

ويستمر الحاتم بقوله إن الكتلة أصدرت كتيبا صغيرا كتب فيه قانونها، ووزعته على الأعضاء والمنتمين إليها. ووصف بأن هذا الحدث تُوّج بإقامة مهرجان كبير اشترك فيه أعداد كبيرة من المواطنين، وبشكل لم تشهده الكويت من قبل. وافتتح المهرجان بتلاوة القرآن الكريم، ثم كلمة للسيد أحمد زيد السرحان، أعقبها كلمة السيد خالد سليمان العدساني سكرتير المجلس التشريعي، ثم ألقى أحمد السيد عمر قصيدة حماسية تضمنت نقدا لاذعا لأحد خصومهم السياسيين، ذكر نصها عبدالله الحاتم. وبعد ذلك ألقى الأستاذ عبدالرزاق البصير كلمة مطولة. وبعد فترة زمنية قصيرة من العمل الحزبي توترت العلاقة بين السُّلطتين، فأدت إلى حل المجلس التشريعي سنة 1939م، وبالتالي أُغلق أيضا حزب كتلة الشباب الوطني، وخُتم مقرها بالشمع الأحمر لتنتهي هذه التجربة الوليدة.

ويروي جاسم الصقر بنفسه أن كتلة الشباب الوطني كلَّفته حمل رسالة إلى المقيم السياسي البريطاني في بوشهر، ويسمى رئيس الخليج، يشتكون فيها من الوكيل السياسي البريطاني في الكويت ديجوري غير المتعاون معهم. وحين قدم رئيس الخليج البريطاني إلى الكويت، وكان يأتيها بالسنة مرة، حمل جاسم الرسالة وذهب إلى الوكيل السياسي البريطاني ديجوري لكي يُسلمه الرسالة الموجهة إلى رئيس الخليج في بوشهر، إلا أنه رفض تسلمها، ولم يستطع جاسم مناقشته، فبلّغ رفاقه، مما حتم عليهم إرسالها بواسطة البريد. وقال جاسم إنهم لا يعلمون ما إذا كان تسلَّمها رئيس الخليج أم لا.

رسائل حول أحداث المجلس

جديد وثائق أسرة الصقر، رسالة مكونة من ثلاث صفحات بعثها أحد أعضاء الحركة في الكويت، وهو محمد حبيب التتان، في ديسمبر 1938م إلى جاسم الصقر وهو في البصرة يخبره فيها عن أخبار الكويت، وما جرى فيها، وخاصة ما يتعلق بالحراك الوطني، ونشاط المدرسين الفلسطينيين، ونشاط محو الأمية، والدعوة إلى مبادئ الحركة، والجلسات التي ضمت الأعضاء والمتوقع انضمامهم إلى التنظيم، إضافة إلى برنامج إحدى الجلسات.

إن هذه الوثيقة تبرز الصف الثاني من الكتلة الوطنية التي نعلم أسماء أعضائها المؤسسين الاثني عشر الذين ذكر أسماءهم المرحوم خالد سليمان العدساني في مذكراته، حيث نقرأ أسماء: جاسم الصقر، ومحمد حبيب [التتان]، وأحمد السرحان، وموسى أحمد السرحان، وعبدالعزيز الصالح، وأحمد البشر [الرومي]، وعيسى المطر، وعبدالله الطبطبائي. ويتبين فيها أن جاسم الصقر كان مقرر لجنة الثقافة والأدب في كتلة الشباب الوطني.

«13 شوال سنة 1357هـ الكويت

لحضرة المكرم الأخ العزيز السيد قاسم الصقر المحترم

تحية وإخلاصا...

وبعد، أرجو أنكم بخير وسرور، وأتمنى لكم من صميم فؤادي الموفقية والنجاح.

عزيزي: كنت أود أن تكون كلمتي إليك ليست قصيرة، إذ كنت أود أن (أنبئك؟) بكل ما يجول بخاطري، بيد أن الوقت لم يسع ذلك، فمعذرة.

أخبار طرفنا. - المعارف – بعدما قدّم الأستاذية التقرير إلى مديرية المعارف حدث بعض التغييرات من جانب المديرية. أما المديرين، فقد استاؤوا من ذلك، وكاد أن يحدث بينهم وبين الأستاذية ما لا تحمد عقباه. الأمر الذي اضطر الأستاذية أن يخرجوا من البيت (حوطة السميط) ويؤجروا بيت خاص. وقد حاول الشيخ يوسف إقناعهم غير أنهم أظهروا له ما حدث فعذرهم.

وقد رأت لجنة الثقافة والأدب أن نعزز مركز الأستاذية، فكتبتُ إلى كل من الشيخ يوسف وإليهما كتابان: شكرتُ أولا الأساتذة على غيرتهم، ولفتّ نظر الشيخ يوسف إلى أهمية الملاحظات التي أبدوها. وقد أجاب الشيخ يوسف جواب (نصف شافي). أما الأساتذة فهم جدا مرتاحين من عمل لجنة الثقافة والأدب.

أعمال الكتلة – تسير أعمال الكتلة على أحسن صورة، وقد دبت في الأعضاء روح جدية هذه الأيام. وقد لاحظت في هذه الجلسة شعور فياض غمر جميع شباب الكتلة. وقد أُلقِيَتْ عدة خطب، أهمها كلمة لـ (عبدالعزيز الصالح)، ومحاضرة عن علي المصري، ألقاها الأخ أحمد البشر، وهي من المحاضرات القيمة.

تعليم الأميين – يزداد عدد الطلاب يوما بعد يوم. وقد ضاق نطاق الصف، الأمر الذي جعلنا نفكر في فتح صف ثاني. والمعلمين سائرين على التعليمات التي أعطيناها لهم. وقد ألقيت هذا الأسبوع كلمة شكرت فيها المعلمين، وطلبت منهم المواظبة والاجتهاد.

أخبار منوعة – وصل إلى الكتلة كتاب مبهم من البصرة، يدعو فيه مرسله شباب الكتلة إلى الاتحاد والعمل يداً واحدة، وأنا أظن أن الكتاب من (السيد عبدالله الطبطبائي) والله أعلم. والحمد لله أن الكتاب جدا مفيد. وأتمنى لو يتكرر إرسال هكذا كتب تعزز مركز الكتلة وتبث في الشباب روح طيبة.

عناصر الشغب – لم يبق لديهم إلا تطيير الإشاعات الكاذبة، ومن ذلك أن عبدالله الملا يدّعي أنه وصله كتاب تهديد من - شاب وطني غيور – يقول فيه (...................)، ونحن نعرف أنها إشاعة باطلة. هذا ما لزم علي ذكره إليكم.

ولا يسعني في الختام إلا أن أؤكد لكم أن الأمور جميلة، وجميلة جدا، والبلاد تسير بخطوات سريعة إلى حيث التقدم والرقي إن شاء الله. والكتلة أقوى من الفولاذ. وأخيرا لجنة الثقافة والأدب قائمة بالواجب خير قيام (...؟) وقد أحضرنا برنامج الاجتماع العام ليلة الجمعة القادمة، وهو كما يلي:

كلمة لجنة الثقافة والأدب، يلقيها المقرر (حضرتك).

كلمة السيد عيسى المطر

محاضرة صحية، يلقيها السيد أحمد السرحان

محاضرة دينية من الشيخ عبدالرحمن الفارسي (العالم) تُلقى بالنيابة عنه.

سلامي إلى (الإخوان) ومنا الأخوين موسى أحمد السرحان وعبداللطيف الصالح يسلمون عليك، والسلام.

أخوك محمد حبيب».

وثيقة انتخابات المعارف سنة 1951م
تخبرنا إحدى الرسائل المرسلة إلى جاسم الصقر بأنباء فوز عدد من الشخصيات الكويتية بانتخابات مجلس المعارف سنة 1951م، حيث صنع الكاتب جدولا ضمن فيه أسماءهم، وعدد الأصوات التي حصلوا عليها. ويخبر الكاتب أيضا أنه استقال من المعارف بسبب عدم تعاون الإدارة معه بإحضار مساعدين له يتقاسم معهم أعباء العمل الكثيرة.

رسالة إلى جاسم الصقر عن انتخابات مجلس المعارف عام 1951م

واجب الناس تجاه الحكومة

وهذه رسالة أخرى حول نفس الموضوع أُرسلت لجاسم الصقر من قبل صديق، لعله يدعى حسين، وفيها يتحدث عن برنامج حفلة أو اجتماع عام لأعضاء كتلة الشباب الوطني، ويبدو أن أطرافا من العراق كانت تراقب الوضع وترسل لهم نصائح وإرشادات تخص العمل السياسي، وبصورة غير مباشرة. إذ كانوا يرسلون لهم رسائل غير موقعة. وقد حصل هذا أكثر من مرة.

وفيما يلي نص الرسالة وصورتها:

«أخي الأعز جاسم حفظه الله

تحيتي وبعد، فقد أرسل لك الأخ محمد حبيب ريبورتاج كتلوي فيه ما يكفيني عن التبيان لحضرتكم، مع أنه لا يوجد لدينا شيء مهم.

سنحقق اقتراحك، وستقيم هذه الحفلة، حفلتنا أو بالأصح اجتماعنا العام. وإني على يقين 100 بالمائة أنها ناجحة على طول. فالخطباء جدا كويسين وخطبهم أكيس وأكيس. فهم الشيخ عبدالرحمن الفارسي، كلمة في الأخلاق تلقى بالنيابة عنه من أحد الأعضاء. كلمة عيسى المطر أخلاقية دينية. كلمة عبدالرحمن ملا حسين جميلة في حالة البلاد الحالية، وواجب الناس تجاه الحكومة الشعبية. كلمة محمد حبيب في الوضع الراهن للبلاد ووضع الكتلة وخدماتها ونواياها في المستقبل. وقد قررنا أن نفرش الليوان بالمداد ونجر الكهرباء من الحجر.

جاءني كتاب من البصرة بدون إمضاء، بالآلة الطابعة. فيه نصائح وإرشادات وغيره. الحالة هادئة لدى المعلمين، ولكن الأستاذية: عبداللطيف الصالح ومحمد محمود نجم سينتقلان بكرة إلى محل آخر خاص بهم، لأنهم رأوا من الجانب الآخر مضايقة وتحدي اضطروا معه إلى الانعزال. أخوك (حسين؟)».

المطالبة بالدستور ومنع المظاهرات

تُطلعنا إحدى وثائق أسرة الصقر، وهي رسالة يبدو أنها مرسلة من محمد حبيب التتان إلى جاسم الصقر على حلقة من حلقات أحداث مجلس 1938-1939م، وهي تخص المظاهرات، وردة فعل شرطة الكويت. ومع الأسف، فإن هذه الرسالة غير مؤرخة، ولكننا نعلم التاريخ من سياق الأحداث في بداية سنة 1939م. وتظهر فيها أسماء جاسم الصقر ومحمد الثنيان الغانم ومحمد البراك، وتحدث الكاتب أيضا عن الشباب، ويعني كتلة الشباب الوطني. ويتضح فيها أن اجتماعات الشباب كانت في ديوان الصقر.

وفيما يلي نص الرسالة:

«حضرة سيدي الأخ العزيز جاسم الحمد الصقر المحترم

بعد التحية والاحترام

قبل هذا أرسلت لكم كتاب بالبريد، الأمل وصلكم. وقد حدثتكم فيه عن أحوال الشباب وما يعانونه من الضغط الشديد من قبل السلطة الحاكمة (فقط)، وذلك بتأثير الدعايات المضرة التي يشيعها المغرضون لتعكير الصفو.

يوم أول أمس مساء ذهب وفد لمقابلة الأمير، وأخذ الجواب النهائي منه عن الدستور، غير أن الوفد فوجئ بخبر لم يكن يحسب له حسابا، إذ قال له الأمير إن الشباب ينوي القيام بمظاهرة (بكرة)، وهذا أمر لا بد من مكافحته، وسوف أصدر أوامري إلى الشرطة بأن تضرب المتظاهرين، إلى غير ذلك من الكلام الذي لا يخلو من تهديد الشباب (فكذَّبَ الوفدُ هذا الخبر، ولكنه لم يقتنع). وأخيرا، أوعد الوفد بأنه سوف يخبرهم عن الدستور هذا اليوم (والظاهر أن هذا اليوم الثلاثاء تظهر نتيجة والله أعلم). نرجع الآن على خبر المظاهرة، فأقول:

لقد أصدر الأمير أوامره المطاعة إلى دائرة الشرطة بأن تستعد لمطاردة المتظاهرين. وما كاد الأمر يصل إلى مسامع الشرطة ومديرية الأمن حتى قامت القيامة وفار التنور، وجمعت الشرطة كلها تلك الليلة، واستعدت مديرية الأمن، وكثرة السلاح والرجال وبقوا حتى الصباح لم يناموا (وفي كل ساعة من الوقت ينهضون ويستعدون ويمسحون السلاح ويصبون الخراطيش) والشباب في نوم هادئ عميق، لم يدروا بكل ذلك، ولم يعلموا بهذه الحوادث. وفي صباح أمس انتشر الخبر في الأسواق، فعجب الناس من خوف الشرطة والمديرية واستعدادهما. وبينما الناس كذلك وإذا (بالجند [....]) يدخلون السوق بشكل مظاهرة مسلحة، حتى جاءوا إلى قهوة الشباب ووقفوا أمامها، ثم ذهبوا إلى قهوة بوناشي، ثم إلى السوق الداخلي. وبعدها رجعوا. وقد استغربت الناس ذلك. وعادت فيهم روح الأمل في الشباب، حيث إن الناس كانوا يظنون أن الشباب (مات)، فأيقنوا الآن بعد هذه الاستعدادات أن الشباب لا يزال حي، ويستطيع أن يقوم بمظاهرة. والحاصل أنهم بعملهم هذا أحسنوا إلى الشباب وهم لا يشعرون.

أخبرتكم برسالة سابقة أن التشديدات على السيارات بلغت الدرجة الأولى. وأن لا أمر لسيارة بالخروج إلا بعد أخذ رخصة. وأخبرتكم عن مركبتنا لما ذهبنا إلى حولي، فرجعونا. والآن أفيدكم أنه بعد إرسال المديرية علينا واشتهار الخبر، استاء الناس من هذه المعاملة. وقد أصدر الأمير أوامره بإسقاط الرخصة. والمدير أول الأمر لم يمتثل، ولكنه بالأخير أذعن، فأمر بإسقاطها. وأصحاب السيارات الآن يتبرأون من الشباب (وإذا قالولك ان شاب ركب سيارة أجرة لا تصدقه)، حيث إن الشاب أصبح يخوف القهوجية والسواق، ولا سيما الشاب (.........) فإنه والعياذ بالله أشبه شيء بالشيوعي المطارد. هذا ولنا أمل وطيد بأن تزول كل هذه العقبات في المستقبل القريب.

محمد الثنيان؛ منذ قدومه وهو يعمل مع الجماعة يداً بيد. وحسب ما يظهر لي أن الأمور تسير على خطة منظمة من قبل الجماعة، والحاصل أننا محتارين، وربنا يحنن علينا.

الشباب؛ على ما نعهده مؤمنين لا تهمهم الحوادث متحدين فيما بينهم، شعورهم قوي وفياض، ولا زالوا يجتمعون كل ليلة (بديوانكم العامر) ويتباحثون في شؤونهم الخاصة.

بلغ تحياتي الحارة للأخ محمد البراك، وقل له إن جميع الشباب يتلهفون عليه، والطلاب أكثر، ولكن مع ذلك يعرفون (أن المسألة حامضة)، والجميع يسلمون عليه وعليك، وأخص منهم بالذكر (أبوحميد: وإلطيف) اند كمباني ليمتد.

هذا وبالختام تفضلوا بقبول فائق الاحترام.

كل ما يصير عندنا من حوادث أخبركم عنها بوقتها إن شاء الله.

سامحني الكتابة عجلة، لأني مشغول ومرتبك جدا.

(توقيع [محمد حبيب؟])

الورقة الأولى من رسالة محمد حبيب التتان إلى جاسم الصقر مؤرخة بـ 13 شوال 1357هـ / 6 ديسمبر 1938م

الرئاسة والخلاف على الدستور

وفي رسالة أخرى أيضا تُلقي أضواء جديدة على تفاصيل تجربة المجلس التشريعي 1938-1939م، وقد كتبها نفس الصديق. وهي تتحدث عن إجراء انتخابات رئاسة المجلس في المدرسة المباركية، وعن الخلاف حول الدستور، وعن القبض على مأمور الجوازات وتعيين آخر مكانه، واجتماع الأمير بنواب المجلس الذين طلبوا من سموه الإفراج عن المأمور، واحتجوا على زيادة أعداد الحرس والتمسوا تسريحهم، وغيرها من تفاصيل كتبت بلغة عصبية.

رسالة من صديق يدعى (حسين؟) إلى جاسم الصقر حول آخر أخبار النشاط السياسي لشباب الكتلة الوطنية، غير مؤرخة

أصداء حركة المجلس في عدن

وضمن الرسائل المهمة تلك التي توضح اهتمام أقطار عربية بما يحدث في الكويت، وهي مرسلة إلى جاسم الصقر من عدن بتاريخ 27/ 12/ 1938م والتي يرغب كاتبها في معرفة تطورات الأوضاع بعد حل المجلس الأمة في ديسمبر سنة 1938. كما تبين نشاط الجالية الكويتية في عدن واهتمامها بالقضية الفلسطينية، ودرجة تواصلها مع الوطن، واهتمامها بنشر أخبار نشاطاتها وتغطيتها إعلاميا. وهذا نصها:

«عدن في 5 ذي القعدة سنة 1357 إلى البصرة

لجناب الأكرم جاسم بن سيدي العم المرحوم حمد العبدالله الصقر المحترم

السلام عليكم ورحمة الله. بطيه بيان استقبال أحرار فلسطين في عدن بعد اطِلاعكم عليه أرجوكم تسلمونه لعبدالله الصقر، وإذا هو بالكويت إرساله. كما أني أرجو الإفادة منكم عن أحوال الكويت هذي اليومين، وعن إقالة المجلس لنكون في طمأنينة. الأخبار التي زودناك كلها ليست صحيحة لأنها من أناس أهل أغراض. ودمتم. (توقيع عبدالرحمن....؟)

اليوم ستقام حفلة شاي في محل خالد العبداللطيف الحمد باسم الجالية الكويتية لأحرار فلسطين بتقدير الجالية الكويتية، واختاروا المحل. وإذا هناك نشر عن هذا الاستقبال يجب أن يذكر بعد تقرير الجالية الكويتية اتفقوا على محل خالد. أرجوكم إذا (...) نشرها أرسلوا لنا كم عدد منها. ودمتم، وسنوافيكم الأسبوع القادم بالخطب التي ألقيت».

حمزة عليان

ضغط من قبل السُّلطة والشرطة دخلت السوق لمنع المظاهرات

من قيادات الصف الثاني لكتلة الشباب الوطني بأعضائها الـ 12

الشباب يتلهفون على محمد البراك «والمسألة حامضة»

وفد من شباب الكتلة قابلوا الأمير مطالبين بحل «القوة التي أرهبت الكويتيين»

«يا معودين الدستور مو حبر على ورق»
back to top