هل سياسة بايدن في أوكرانيا تكرار لسياسة بوش في جورجيا؟

نشر في 14-04-2021
آخر تحديث 14-04-2021 | 00:00
 ناشيونال إنترست تبذل إدارة بايدن قصارى جهدها لطمأنة حكومة أوكرانيا حول دعم الولايات المتحدة وحلف الأطلسي لكييف في مواجهتها المتوسّعة مع الانفصاليين المدعومين من روسيا ومع موسكو بحد ذاتها، فقد أكد البيت الأبيض في بيان صحافي بتاريخ 2 أبريل على تواصل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مع جو بايدن، وقد أكد له هذا الأخير على الدعم الأميركي المتواصل لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها في وجه الاعتداءات الروسية المستمرة في دونباس وشبه جزيرة القرم، وأطلق مسؤولون مرموقون آخرون في الإدارة الأميركية مواقف مماثلة، بما في ذلك وزير الدفاع لويد أوستن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن.

بدأت المواقف تزداد صرامة على مستويات أخرى أيضاً، فأعلنت الحكومة الأوكرانية احتمال إطلاق تدريبات عسكرية مشتركة بين أوكرانيا وقوات حلف الناتو خلال الصيف المقبل، وفي المقابل، حذّر المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، من اضطرار روسيا لاتخاذ تدابير إضافية لضمان أمنها في حال انتشار قوات الناتو في أوكرانيا.

تجازف إدارة بايدن بتكرار السياسة الكارثية التي اعتمدها جورج بوش الابن وكانت تقضي بإقناع رئيس جورجيا، ميخائيل ساكاشفيلي، بأن بلده حليف قيّم للولايات المتحدة وأن واشنطن وحلف الناتو سيهبّان لمساعدة جورجيا إذا تورّطت في صراع مسلّح مع روسيا. كان ساكاشفيلي محقاً حين اقتنع بأنه يحظى بدعم أميركي شامل، فقد قدّمت إدارة بوش أسلحة بملايين الدولارات لبلده، حتى أنها درّبت القوات العسكرية الجورجية.

حين اتصل بوش بساكاشفيلي بعد بدء العملية الهجومية الروسية، طلب منه الرئيس الجورجي ألا يتخلى عن دولته الديمقراطية، فطمأنه بوش إلى التزام واشنطن بسيادة جورجيا، لكنه لم يَعِده بتقديم الدعم العسكري. رغم جميع مواقف الدعم السابقة، لم يكن الأميركيون وحلفاؤهم الأوروبيون مستعدين للمجازفة بإطلاق مواجهة خطيرة وغير متوقعة مع قوة مسلّحة نووياً بسبب نزاع غامض على الأراضي، لذا بقيت القوات الأميركية وعناصر الناتو في الثكنات العسكرية، واضطر ساكاشفيلي لتقبّل اتفاق سلام مهين يمنح روسيا الحق بالسيطرة على أوسيتيا الجنوبية ومنطقة انفصالية أخرى.

تبدو نقاط التشابه بين التشجيع الأميركي المفرط لأوكرانيا وأخطاء بوش في تعامله مع جورجيا مريبة ومقلقة، فوجّهت حكومة فلاديمير بوتين تحذيرات عدة للغرب على مر السنين مفادها أن أي محاولة لتحويل أوكرانيا إلى قاعدة عسكرية لحلف الناتو تعني تجاوز الخط الأحمر المرتبط بأمن روسيا. كان يُفترض أن تتّضح هذه الرسالة حين قرر الكرملين في 2014 ضم شبه جزيرة القرم رداً على حملة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لمساعدة المتظاهرين على إسقاط الحكومة الأوكرانية المُنتخَبة والموالية لروسيا واستبدالها بنظام داعم للغرب.

لكن تبدو إدارة بايدن مستعدة لارتكاب الأخطاء نفسها في المرحلة المقبلة. اليوم، تنذر التطورات بحصول حدثَين مؤسفَين بسبب هذه المقاربة: الحدث الأول سيئ والثاني مريع، حيث يرتفع احتمال أن تتكرر أحداث جورجيا، فيقرر البلد التصدي للنشاطات الروسية بعدما شجّعته واشنطن على اتخاذ موقف صدامي لأنه يفترض أنه سيحظى بدعم أميركي شامل لكنه يعود ويتعرض لهزيمة عسكرية حاسمة ومواقف مهينة فيما يمتنع القادة الأميركيون عن خوض الحرب رغم مواقف الدعم السابقة. ستبدو الولايات المتحدة في هذه الحالة ضعيفة وغير مسؤولة.

لكن يبرز احتمال أسوأ بعد، فقد تستنتج إدارة بايدن أنها مضطرة لتنفيذ التزامها الضمني بحماية أمن أوكرانيا، فتقرر الرد عسكرياً على احتدام القتال بين روسيا وأوكرانيا، وستكون هذه الخطوة جنونية بامتياز لأنها قد تتطور وتطلق حرباً نووية في نهاية المطاف.

تحتاج إدارة بايدن إلى إعادة النظر بسياستها تجاه أوكرانيا في أسرع وقت، فمن الواضح أن واشنطن تعطي كييف اليوم وعوداً أمنية لن يرغب أي أميركي منطقي في تنفيذها.

تيد غالين كاربنتر - ناشونال إنترست

back to top