اتفاق الصين مع إيران... مجرّد بداية!

نشر في 14-04-2021
آخر تحديث 14-04-2021 | 00:00
بينما تسعى بكين إلى تغيير ميزان القوى في المنطقة لمنافسة الدول الغربية، ستضطر إدارة بايدن لتحمّل مسؤولية التصدي للمكائد الصينية في الشرق الأوسط، علماً أنها تتراوح بين التدخّل في شؤون شركاء واشنطن التقليديين ودعم خصوم الولايات المتحدة، لذلك يبدو أن الاتفاق الصيني الإيراني هو مجرّد بداية للتطورات المقبلة!
 ناشيونال إنترست أعلنت الصين وإيران حديثاً عقد "شراكة استراتيجية شاملة" مدتها 25 سنة لتوسيع التعاون العسكري والدفاعي والأمني بين البلدَين في ظل تنامي مخاوف خصومهما.

كان توقيت الاتفاق مثالياً بالنسبة إلى إيران كونها تتوق إلى تلقي الأموال النقدية بعدما شلّت العقوبات الأميركية اقتصاد البلد، وهي تأمل تخفيف وقع تلك العقوبات بفضل اتفاقها الجديد مع الصين، وبما أن الصين ستشتري صادرات النفط الإيراني خلال العقود المقبلة، فستجد إدارة بايدن صعوبة متزايدة في جرّ طهران إلى طاولة المفاوضات، وفي المقابل، من المتوقع أن تستفيد الصين من النفط لدعم اقتصادها المتنامي وتحظى بحليف إقليمي يشاركها طموحها بكبح النفوذ الأميركي العالمي.

بالإضافة إلى الاتفاق مع إيران، زار وزير الخارجية الصيني، وانغ لي، الشرق الأوسط حيث وضع خطة أمنية إقليمية مع المملكة العربية السعودية، واجتمع مع نظيره التركي في إسطنبول، وأعلن أن الإمارات العربية المتحدة ستنتج مليونَي جرعة من لقاح "سينوفارم" الصيني، وفي غضون ذلك، بدأت الشركات الصينية المملوكة للدولة تُوسّع استثماراتها في إسرائيل والسعودية والإمارات كجزءٍ من "مبادرة الحزام والطريق".

تطرح نشاطات الصين في الشرق الأوسط خطراً على الولايات المتحدة لأن بكين تتعامل مع الوضع بناءً على مبدأ الواقعية السياسية، مما يعني أنها قد تدعم أعداء الولايات المتحدة (مثل إيران) أو تتقرب من حلفائها (مثل إسرائيل)، ولا تحمل بكين ولاءً ثابتاً لأي طرف، بل تحاول تقوية خصوم واشنطن أو سرقة شركائها التقليديين.

لن تعجز واشنطن عن احتواء النفوذ الصيني في المنطقة، لكنها تحتاج إلى استراتيجية واضحة لكبح مساعي الصين إلى توسيع نفوذها في الشرق الأوسط، والحد من تأثيرها على شركاء واشنطن، وإعاقة الجهود الصينية الرامية إلى تقوية خصوم الولايات المتحدة.

في المقام الأول، يجب أن تتعاون واشنطن مع شركائها لمنع بكين من الوصول إلى البنى التحتية الأساسية والملكية الفكرية والتقنيات المتطورة في الدول الشريكة للولايات المتحدة، فوفق توصيات "المعهد اليهودي للأمن القومي الأميركي" لإسرائيل حديثاً، ثمة حاجة إلى دعم الشركاء لتطوير أنظمة قوية لمراقبة الاستثمارات الخارجية المباشرة والصادرات وتأمين مصادر تمويل تنافسية للشركات المتعطشة للاستثمارات في الشرق الأوسط.

في الوقت نفسه، يجب أن تعترف الولايات المتحدة بأنها تعجز عن إعاقة جميع النشاطات الاقتصادية الصينية في المنطقة وتُشجّع بكين على الاستثمار في البنى التحتية الإقليمية غير الأساسية وفي الشركات التي تُعنى بتحديات مشتركة مثل الاحتباس الحراري.

للتعامل مع محاولات الصين الرامية إلى تعزيز علاقاتها مع خصوم واشنطن، قد تسمح تكتيكات "ناعمة" بالحد من قدرة بكين على إقامة علاقات مستقرة مع الأنظمة الإقليمية، وفي ما يخص طهران مثلاً، تستطيع الولايات المتحدة أن تطلق خليطاً من العمليات السيبرانية والمعلوماتية والنفسية للكشف عن الاضطرابات الداخلية الكامنة بين حكومتَي الصين وإيران، وقد تشمل هذه الجهود تسليط الضوء على الإبادة الجماعية المريعة التي ارتكبتها الصين بحق جماعات الإيغور ونفاق الأنظمة المسلمة التي تتقبّل هذه الممارسات.

على مستوى المعلومات، انتقدت جهات كثيرة الطابع السري والغامض لعملية المفاوضات، لذا يُفترض أن تُضخّم الولايات المتحدة تلك الأصوات عبر منصات دولية متنوعة، وقد تسهم هذه الحملة المنسّقة في إضعاف مصداقية الاتفاق الأخير ومنع الطرفَين من الاتكال على بعضهما على المدى الطويل.

وفي جين تسعى بكين إلى تغيير ميزان القوى في المنطقة لمنافسة الدول الغربية، ستضطر إدارة بايدن لتحمّل مسؤولية التصدي للمكائد الصينية في الشرق الأوسط، علماً أنها تتراوح بين التدخّل في شؤون شركاء واشنطن التقليديين ودعم خصوم الولايات المتحدة، يبدو أن الاتفاق الصيني الإيراني هو مجرّد بداية للتطورات المقبلة!

إيرييل ديفيدسون وآري سيكوريل - ناشونال إنترست

back to top