تركيا على خط الأزمة الأوكرانية... وتوتّر في البحر الأسود

لوكسمبورغ تعتبر إردوغان مستبداً لا دكتاتوراً... وميشال يجافيه النوم منذ «حادثة الكرسي»

نشر في 11-04-2021
آخر تحديث 11-04-2021 | 00:04
سفينة حربية روسية تعبر البوسفور الأسبوع الماضي (رويترز)
سفينة حربية روسية تعبر البوسفور الأسبوع الماضي (رويترز)
في حين لا تزال «حادثة الكرسي» تتفاعل في أوروبا، دخلت أنقرة على خطّ الأزمة في أوكرانيا من بوابتين، أولاً باستقبالها الرئيس الأوكراني، ثم من خلال التوتر المستجد في البحر الأسود الذي يأتي وسط ارتفاع منسوب التجاذب بين واشنطن وموسكو.
دخلت تركيا بقوة على خط الأزمة الأوكرانية التي تشهد تصعيداً قد يكون الأكبر منذ 2014، متأثرة بارتفاع منسوب التوتّر الأميركي ـــ الروسي، بعد دخول الرئيس الديمقراطي جو بايدن البيت الأبيض ووصفه نظيره الروسي فلاديمير بوتين بـ "القاتل".

وغداة اتصال بين بوتين والرئيس التركي رجب إردوغان، شدّد خلاله الرئيس الروسي على ضرورة الالتزام بـ "اتفاقية مونترو" الدولية، بالتزامن مع إعلان دخول سفن أميركية الى البحر الأسود، استقبل إردوغان في إسطنبول، أمس، الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي في قصر هوبر بإسطنبول، وأجريا محادثات تطرّقت إلى التطوّرات الدولية والإقليمية، وكذلك المستجدات الأوكرانية، خصوصا التصعيد في منطقة الدونباس شرق أوكرانيا، بين كييف والانفصاليين الموالين لموسكو والقوات الحكومية الأوكرانية، وكذلك أوضاع تتار شبه جزيرة القرم، وهم مسلمون ناطقون بالتركية تربطهم صلات وثيقة بأنقرة التي لم تعترف بضمّ روسيا لهذه المنطقة بطريقة أحادية في 2014.

وترأس إدورغان وزيلينكسي الاجتماع التاسع لمجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بحضور الوزراء المختصين، واستعرضا جميع نواحي العلاقات التركية ـــ الأوكرانية التي ترقى إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية.

الأزمة الأوكرانية

جاءت زيارة زيلينكسي الى تركيا بالتزامن، مع استبعاد كييف شن هجوم واسع على منطقة الدونباس، حيث يسيطر الانفصاليون الموالون لموسكو على منطقتي دونيتسك ولوغانسك المعلنتين من طرف واحد، بينما صدرت إشارات متضاربة من موسكو حول إمكانية تدخّلها عسكريا لمصلحة حلفائها.

وحذّر البيت الأبيض، أمس الأول، من أنّ عدد القوات الروسية عند الحدود مع أوكرانيا صار أكبر "مما كان عليه في أي وقت منذ 2014"، عقب زيارة وفد أميركي برئاسة الملحق العسكري في كييف العقيد بريتاني ستيوارت، الى خط التماس في منطقة النزاع في دونباس. ووافق وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في محادثات مع نظيريه الفرنسي والألماني، على "دعم أوكرانيا في مواجهة الاستفزازات الروسية وضرورة إنهاء روسيا خطابها الخطير وغير المسؤول".

وفي موسكو، شدد سكرتير مجلس الأمن الروسي، نيكولاي باتروشيف، على أنه ليس لدى روسيا أي "خطوط حمر" يمكن أن يؤدي تجاوزها إلى التدخل في النزاع شرق دونباس.

تصريحات باتروشيف جاءت متناقضة مع تأكيد الناطق باسم "الكرملين"، ديمتري بيسكوف أن موسكو لم تتخلّ عن خطط استخدام الخيار العسكري لحل المشكلة.

وحذّر بيسكوف من أن بلاده قد تضطر للتدخل لدعم انفصاليي الدونباس في حالة وقوع "كارثة إنسانية مماثلة لسربرنيتشا"، في إشارة إلى الإبادة الجماعية لأكثر من 8000 مسلم بوسني على يد القوات الصربية في يوليو 1995.

توتر في البحر الأسود

على صعيد آخر، أجرى إردوغان أمس الأول، محادثة هاتفية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين الذي دعا بوتين نظيره التركي، إلى المحافظة على "اتفاقية مونترو" التي تعود بالفائدة على موسكو، وتنظم حركة الملاحة البحرية عبر مضيقي البوسفور والدردنيل في البحر الأسود.

وتضمن الاتفاقية، حريّة عبور السفن المدنية في السلّم والحرب، كما أنّها تنظم استخدام المضيقين من قبل سفن عسكرية من دول غير مطلة على البحر الأسود، بما في ذلك الولايات المتحدة وأعضاء حلف شمال الأطلسي (ناتو) اللتان تشهد علاقاتهما بروسيا توتراً شديداً.

وتنصّ شروط المعاهدة على وجوب تقديم السفن الحربية الأجنبية إشعاراً مسبقاً قبل المرور، وتسمح لها بالبقاء في البحر الأسود لمدة 21 يوما.

وتأجج السجال بشأن "اتفاقية مونترو" بعد تحذير 104 ضباط أتراك متقاعدين في رسالة مفتوحة من المساس بالاتفاقية في حال المضي بمشروع "قناة إسطنبول"، إلا أن إردوغان أوقف 10 إدميرالات من ضمن الموقعين على الرسالة، وأكد أن العمل في انشاء القناة سيبدأ الصيف المقبل.

يأتي ذلك، بينما قلّلت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) من شأن إعلان وزارة الخارجية التركية، إن الولايات المتحدة ستنشر سفينتين حربيتين في البحر الأسود بدءا من 14 و15 الجاري على خلفية التصعيد في أوكرانيا. وقال الناطق باسم "البنتاغون" جون كيربي: "هذا ليس بالأمر الجديد".

في المقابل، أثار نائب وزير الخارجية الروسي ألكساندر غروشكو مخاوف من "تزايد النشاط البحري في البحر الأسود من جانب حكومات دول غير مطلة على البحر في المنطقة"، مضيفا أن عدد زيارات دول حلف "الناتو" وفترة بقاء سفنها في المنطقة يشهد تزايدا.

حادثة الكرسي

في سياق آخر، لا تزال "الهفوة" الدبلوماسية، التي تعرّضت لها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين في أنقرة، الثلاثاء الماضي، خلال استقبالها مع رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، من قبل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان تتفاعل.

وغداة استدعاء أنقرة السفير الإيطالي احتجاجا على وصف رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي الرئيس التركي بأنه "دكتاتور" بسب حادثة الكرسي، شدد وزير خارجية لوكسمبورغ جان أسيلبورن على ضرورة "الانتباه إلى العبارات المستعملة"، وفضّل وصف إردوغان بـ "المستبد"، محذراً من أن "الاتجاه الذي اتخذته تركيا مقلق للغاية. يتجه الرئيس إردوغان نحو الاستبداد، وليس مستعدا لتطبيع العلاقات مع الاتحاد الأوروبي".

أما رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال الذي وجهت اليه انتقادات بسبب تجاهله عدم منح فوندرلاين مقعداً الى جانبه، فقد قال في مقابلة صحافية نشرت أمس: "لا أخفي سرا أنني لا أنام جيدا ليلا من وقتها، لأن المشهد لا يفارق رأسي".

وقال ميشال إنه يتمنى لو أن عجلة الزمن ترجع للوراء لإصلاح الأمر، لكنّه برر موقفه بالقول لوكالة "بلومبرغ": "إذا ما كنت تفاعلت بطريقة مختلفة أمام جميع الكاميرات، ربما كنت خلقت موقفا أكثر خطورة".

back to top