قضية ثقافة وقضية نظام

نشر في 11-04-2021
آخر تحديث 11-04-2021 | 00:18
 حسن العيسى هل يمكن للشعب الفنلندي أن ينتج شخصاً مثل بشار الكيماوي؟ نسينا أن قانون "كيفما" يقرأ في الاتجاهين: "كيفما يولى عليكم تكونوا"، أي أن حكاماً فاسدين يبثون فيكم الفساد ويجعلونكم من الفاسدين... وأيضاً "كيفما تكونوا يولى عليكم"، أي أنه إذا كان المجتمع فاسداً فإنه بالضرورة سينتج حكاماً فاسدين.

كيف لا تنتج مجتمعاتنا الاستبداد وهي متشبعة بثقافة استبدادية في جوهرها استبطنت أن العصبية هي محور السلطة، وأن الشوكة والغلبة هي الطريق للوصول إليها، وأن الحكم غنيمة حرب، يوزع بين الأهل والقبيلة، وأن العاجز من لا يستبد، وأنه لا منقذ من الأزمات إلا الرجل القوي، أي العنيف الفظ القاسي الدموي.

الفقرة السابقة كانت لطبيب الأعصاب رئيس تونس السابق منصف المرزوقي، كتبها في موقع قناة الجزيرة، بمناسبة مرور عشر سنوات على ثورات الربيع العربي. في مقاله، يشخص هذا الطبيب المرض المزمن لمجتمعاتنا وثقافتنا وأنظمتنا العربية بدقة، فالمسألة ليست مجرد تغيير النظام الحاكم، وينتهي بعدها الاستبداد والفساد في الدولة، المرضان السابقان أصبحا متأصلين في هذه المجتمعات، كما هو الحال في أنظمة حكمها، لا نتخيل أن النرويجيين أو الدانماركيين يمكنهم أن ينتجوا بشار أو من هم على شاكلته في النظام العربي، وأيضاً يستحيل إذا قفز للحكم مستبد فاسد في تلك الدول "السنعة" أن يبقى في السلطة، ولو ساعة واحدة، هي ثقافة وتاريخ طويل من النضال الشعبي في الدول الغربية حتى وصلت إلى ما وصلت إليه.

مناسبة هذا الكلام عندنا، ليس نقد السلطة فقط، فهي مسؤولة بداية ونهاية عن الكثير من قضايا الفساد والاستبداد بالدولة، لكن أيضاً لنراجع خطابات بعض رموز المعارضة، ونجد فيها الكثير من عبارات الاستبداد والتهديد بالبطش بالآخر المختلف معها بالرأي ووصمه بالخيانة، ولو كان هذا الآخر ناقداً للسلطة، فلماذا تلك العبارات الاستبدادية، التي قد تقلل من رصيدها وتعاطف الناس معها؟ لنهدأ قليلاً، فالتغيير نحو ثقافة احترام حرية الرأي وبتر أمراض الفساد بحاجة إلى نفس طويل.

back to top