مأزق «السويس»... فرصة لطريق بحر الشمال الروسي

نشر في 04-04-2021
آخر تحديث 04-04-2021 | 00:00
 مؤسسة جيمس تاون في 23 مارس الماضي، أُغلِقت قناة السويس في الاتجاهَين بسبب جنوح سفينة الحاويات الضخمة «إيفر غيفن» حين كانت في طريقها من ماليزيا إلى هولندا، وطوال أسبوع تقريباً، بقيت السفن الضخمة الأخرى عالقة على طول السدَين في قناة السويس التي تُعتبر من ممرات النقل الأكثر ازدحاماً في العالم. وفق تقديرات متنوعة، كلّف كل يوم تعطيل الاقتصاد العالمي نحو 9.6 مليارات دولار. بحلول يوم الاثنين 29 مارس، نجحت السلطات المصرية أخيراً في تحرير سفينة الحاويات وإزاحتها من الطريق.

أدت هذه الحادثة الدراماتيكية إلى نشوء موجة ابتهاج داخل روسيا، فتعالت مجدداً أصوات المؤسسات التي تنتظر منذ وقت طويل تسويق طريق بحر الشمال على طول ساحل القطب الشمالي الروسي الذي يربط بين منطقة آسيا والمحيط الهادئ وأوروبا. كانت شركة الطاقة النووية الحكومية «روس آتوم» أول جهة تتفاعل مع هذه الأحداث، فأطلقت حملة على «تويتر» للسخرية من قناة السويس والإشادة بطريق بحر الشمال باعتباره خياراً بديلاً عنها. في غضون ذلك، اعتبر نيكولاي كورتشونوف، ممثل روسيا في مجلس القطب الشمالي (ستتسلم روسيا رئاسة هذه المنظمة الدولية بين العامين 2021 و2023)، أن حادثة السويس تؤكد ضرورة تطوير طريق بحر الشمال كبديل حيوي لتقليص المخاطر المطروحة على عمليات التجارة والنقل حول العالم.

رغم استئناف معظم عمليات النقل عبر قناة السويس، من المستبعد أن يتوقف الجدل الداخلي بين الخبراء الروس بشأن الآفاق الاقتصادية التي سيستفيد منها طريق بحر الشمال في المرحلة المقبلة بعد تلك الحادثة، وبناءً على استطلاع شمل مصادر روسية ناقشت تلك الأزمة، برز معسكران أساسيان.

يعتبر المعسكر الأول أن إغلاق قناة السويس مؤقتاً يشكل فرصة إيجابية لطريق بحر الشمال، أما المعسكر الثاني، فيشكك في قدرة روسيا على الاستفادة جدياً من أزمة قناة السويس الأخيرة.

بناءً على التحليل الأخير، يمكن استخلاص أربعة استنتاجات أساسية:

أولاً: يتفوق طريق بحر الشمال فعلاً على قناة السويس في نقاط عدة، فهو أقل عرضة للانسداد على الأقل، كما أن التغير المناخي العالمي يزيد قدرته التنافسية بوتيرة تدريجية. ذكرت «الخدمة الفدرالية الروسية للأرصاد الجوية المائية والرصد البيئي» في تقاريرها أن سنة 2020 كسرت رقماً قياسياً جديداً على مستوى درجات الحرارة، وقد تراجع الغطاء الجليدي في القطب الشمالي بخمس إلى سبع مرات مقارنةً بما كان عليه خلال الثمانينيات.

كذلك، تفيد التقارير بأن منطقة الغطاء الجليدي في المحيط المتجمد الشمالي انكمشت بمساحة قياسية وصلت إلى 26 ألف كيلومتر مربّع في السنة الماضية. تستطيع روسيا طبعاً أن تحاول الاستفادة من هذه النزعة المناخية باعتبارها الدولة الوحيدة التي تملك أسطولاً كبيراً نسبياً من كاسحات الجليد في العالم اليوم.

ثانياً: سيصبح طريق بحر الشمال، كما ذكر عدد هائل من الخبراء، أكثر جاذبية من الناحية الاقتصادية (بعد تحقيق الشرط الأول طبعاً) في حال تأمين التمويل اللازم لتطوير البنى التحتية المحلية (تبلغ الميزانية المطلوبة مليارات الدولارات بناءً على أكثر الحسابات تحفظاً). على أرض الواقع، وحدها الصين تستطيع مساعدة روسيا في هذا الإطار، لكن من المستبعد أن تقدّم لها بكين التمويل الذي تحتاج إليه.

ثالثاً: قد يؤدي ذوبان التربة الصقيعية في الشمال الأعلى إلى كوارث بيئية قد تترافق مع تداعيات اقتصادية سيئة وتضرر سمعة روسيا، بما يشبه ما حصل مع «كارثة نوريلسك».

أخيراً: قد تنهار امتيازات طريق بحر الشمال التجارية بكل وضوح إذا قرر الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة توسيع العقوبات الاقتصادية ضد روسيا أو إذا تحوّل مضيق «بيرينغ» إلى نقطة اختناق خطيرة.

سيرغي سوخانكين - جيمس تاون

back to top