وجهة نظر : استمرار العجز سيؤدي إلى تدهور الاقتصاد

نشر في 19-03-2021
آخر تحديث 19-03-2021 | 00:30
 أحمد قبازرد تتراوح تقديرات المختصين لتوقيت وصول الطلب العالمي على النفط إلى ذروته وبدء الانخفاض التدريجي، من عام 2019 إلى 2029.

في تقرير لشركة النفط البريطانية، إحدى أكبر وأقدم شركات النفط العالمية، عن رؤيتها إلى سنة 2050 تتوقع أن ينخفظ الطلب على النفط 50 في المئة بحلول 2050 في أحسن سيناريو، وبنسبة 80 في المئة في أسوأ سيناريو.

وبينما تشكل المواصلات على الطرق أهم مصادر الطلب على النفط، نجد أن الكثير من الدول سنّت قوانين لمنع بيع سيارات جديدة تعمل على الوقود بتواريخ تتراوح ما بين 2030 و2040.

كما أعلنت العديد من شركات صناعة السيارات العالمية أنها ستتوقف عن صنع السيارات التي تعمل على الوقود بتواريخ تتراوح من 2025 إلى 2035.

تلبية استحقاقات التغير المناخي وتغير نمط الحياة في ظل التكنولوجيا الحديثة كلها عوامل تؤدي إلى خفظ الطلب على النفط، بحيث تظل الأسعار دون سعر التعادل اللازم للقضاء على عجز الميزانية المستمر منذ سبع سنوات.

وتشير توقعات الحكومة للسنوات المقبلة إلى استمرار نمو المصاريف، وأن يبلغ العجز التراكمي 55.4 مليار دينار في الخمس سنوات القادمة.

النقاش يدور حول الاقتراض أو بيع 5 في المئة من صندوق الأجيال القادمة، اليوم بينما الفوائد منخفضة وإجمالي الدين العام منخفض يرجح الاقتراض على بيع الأصول لكن من غير المضمون عدم ارتفاع الفوائد مستقبلاً.

مع أسعار النفط المتوقعة والزيادة المستمرة لنفقات الدولة مع تدفق عشرات الآلاف من الشباب إلى سوق العمل سنوياً واستمرار الوضع القائم، ممكن أن يرتفع الدين العام ليساوي إجمالي استثمارات الأجيال القادمة في حوالي 10 سنوات.

في هذه الحالة تصبح الدولة مدينة بمليارات مستثمرة في الأسواق بدون أن تملك أي رأسمال، ومن الممكن أن تؤدي أي تقلبات في الأسواق إلى زيادة الديون على الاستثمارات، مما سيؤدي إلى انخفاض التقييم السيادي للدولة وارتفاع خدمة الدين العام.

المهم هنا ليس الاقتراض أو بيع 5 في المئة من صندوق الأجيال المقبلة، بل وضع خريطة طريق للقضاء على عجز الميزانية السنوي، الذي سيؤدي استمراره إلى تدهور الاقتصاد.

المشكلة الأساسية أن الحكومة توظف 85 في المئة من الكويتيين في وظائف غير منتجة، وتكلفة التوظيف ليس فقط في بند الرواتب، فالموظفون يحتاجون مباني وأثاثاً وأجهزة ومعدات وخدمات لترتفع التكلفة الإجمالية للتوظيف 50 في المئة وتلتهم ثلاثة أرباع ميزانية الدولة.

من الممكن، بإعادة هندسة الجهاز الحكومي والاعتماد على أنظمة التكنولوجيا الحديثة تخفيض حجم الجهاز الحكومي بنسبة 60 في المئة مما يحقق خفضاً لميزانية الدولة بنسبة 45 في المئة.

بالتزامن مع ذلك تحتاج الكويت إلى تطبيق خطة استراتيجية للتنمية الاقتصادية لتشجيع وتبني الاستثمار المحلي في الصناعات المتطورة والتكنولوجيا الحديثة، بالشراكة مع الشركات العالمية ومؤسسات الأبحاث، مع جذب الاستثمارات بما في ذلك من صندوق الأجيال القادمة ومؤسسة التأمينات الاجتماعية، لاستيعاب حوالي 200 ألف مواطن توظفهم حالياً الحكومة كبطالة مقنعة لينتقلوا إلى وظائف منتجة اقتصادياً.

من المستحيل إجراء إصلاح اقتصادي ما لم يتم أولاً القضاء التام على الفساد بجميع أوجهه، وثانياً الالتزام التام بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب بحيث تكون المناصب والترقيات بناء على النجاح في تقديم الأفكار والابتكارات وتحقيق الأهداف والاجتهاد بالعمل وليس بناء على العلاقات والمحاصصة.

ويجب أيضاً تطوير برامج التعليم والتدريب لتواكب مستلزمات الخطة الاستراتيجية للتنمية الاقتصادية، كذلك تطوير البنية التحتية لتخدم الخطة.

إن حجم التغيير المطلوب كبير والمقاومة للتغيير ستكون قوية جداً، ولايمكن النجاح دون عزيمة سياسية قوية، وتأييد شعبي، وحكومة لديها الخبرة والقدرة لتخطيط وتنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي.

إدارة عملية تغيير بهذا الحجم ستحتاج برامج توعية مجتمعية بأهمية الإصلاح، وتحفيز المواطن للانتقال من البطالة المقنعة إلى وظائف عالية الإنتاجية.

أحمد قبازرد

back to top