واشنطن وطهران... مزايدات واختبارات قبل التفاوض

جنرال أميركي عن مشاهد جديدة من ضربة «عين الأسد»: كادت تشعل حرباً

نشر في 03-03-2021
آخر تحديث 03-03-2021 | 00:05
عسكريون أميركيون يتفقدون الخسائر في قاعدة «عين الأسد» بعد قصفها في يناير الماضي
عسكريون أميركيون يتفقدون الخسائر في قاعدة «عين الأسد» بعد قصفها في يناير الماضي
يبدو الطريق إلى المفاوضات بين إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن وإيران حول الملف النووي وغيره من القضايا الإقليمية بما فيها أنشطة إيران الإقليمية وبرنامجها البالستي، مليئاً بالمطبات التي تزيد من تعقيد الوضع، لكن هل ستقضي المزايدات بين الطرفين على المسار الدبلوماسي؟
تحرص كل من الولايات المتحدة وإيران على عدم الظهور في موقع ضعف أمام خصمها، فتدخلان في مزايدات لاختبار الطرف الآخر، ولو أن ذلك يهدد بتأخير العودة إلى الاتفاق حول الملف النووي الإيراني الذي وعد جو بايدن بإنقاذه.

وبعدما تركت واشنطن عالقة عشرة أيام، رفضت طهران في نهاية المطاف الأحد عرضها للدخول في حوار مباشر، معلنة أن العرض "سابق لأوانه".

وجاء الموقف الإيراني رداً سواء بشكل مباشر أو غير مباشر على غارات شنتها القوات الأميركية الجمعة على فصيل عراقي مسلّح مدعوم من طهران في سورية تتهمه بالوقوف خلف عمليات إطلاق صواريخ على مصالح أميركية في العراق، كذلك الموقف الحازم الذي اعتمده الأوروبيون حيال مخالفة إيران بعض التزاماتها بموجب الاتفاق المبرم معها عام 2015 لضمان عدم سعيها لامتلاك السلاح النووي.

وإن كان الرفض الإيراني لا يعني نهاية السبل الدبلوماسية، لكنه يزيد من تعقيد الوضع.

وأعلنت الولايات المتحدة أمس الأول، أنها "تبقى على استعداد" للدخول في مفاوضات مع إيران، مؤكدة أنها ليست "متصلّبة" فيما يتعلق بـ"صيغة هذه المحادثات".

ورأت باربرا سلافين من "المجلس الأطلسي" للدراسات متحدثة لوكالة فرانس برس أن "الإيرانيين يريدون أن يثبتوا أنهم ليسوا في عجلة من أمرهم" للتفاوض مع الأميركيين"، مضيفة "أنها بالنسبة لهم طريقة ليقولوا تشددون الضغط علينا؟ حسناً، بإمكاننا نحن أيضاً تشديد الضغط عليكم".

سحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بلاده في 2018 من الاتفاق النووي، معتبراً أنه غير كافٍ، وأعاد فرض عقوبات أميركية على طهران، فردت الجمهورية الإسلامية بالتراجع تدريجياً عن العديد من التزاماتها الأساسية بموجب الاتفاق.

غير أن خلفه جو بايدن الذي تسلم مهام الرئاسة قبل شهر، أعلن عزمه على العودة إلى الاتفاق بشرط عودة طهران لاحترام كامل التزاماتها. وهو مصمم بأي ثمن على تفادي الظهور في موقف ضعف أو سذاجة.

ورأت تريتا بارسي، التي صدر لها كتاب حول المحادثات التي أفضت إلى الاتفاق، أن ما تظهره المناورات الجارية أن "حكومة بايدن تحاول إعادة الاتفاق إلى السكة بصيغة لا تثير غضب الجمهوريين ولا الإسرائيليين ولا السعوديين"، خصوم إيران في المنطقة الذين يعارضون بشدة الاتفاق، مضيفة "هذا أمر مستحيل".

وسبق أن دفع هذا التصميم على إظهار القوة، البلدين إلى ارتكاب "أخطاء في التقدير" في الأسابيع الأخيرة، على ما لفت نائب الرئيس التنفيذي لمعهد "كوينسي إنستيتيوت فور ريسبونسيبل ستيتكرافت" للدراسات.

وقال إن إطلاق صواريخ في العراق للضغط على الأميركيين هو "خطأ هائل ارتكبه الإيرانيون"، في حين أن الرد العسكري الأميركي أعطى انطباعاً بأن ما تريده واشنطن بالمقام الأول هو "طمأنة السعوديين"، وهذا ما يهدد بإثارة استياء الإيرانيين أكثر.

ولم تقم إدارة بايدن حتى الآن سوى بمبادرات رمزية مثل التخلي عن المطالبة بمعاودة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران، وهو أمر رفضته الأمم المتحدة في مطلق الأحوال.

لكن حتى هذه الخطوة الصغيرة واجهت انتقادات لاذعة من ترامب الذي اتهم الأحد خلفه بـ"التخلي عن كل وسائل الضغط التي بحوزة أميركا قبل بدء المفاوضات حتى".

ووجه عدد من القادة الجمهوريين في مجلس الشيوخ الأميركي رسالة إلى بايدن تحذره من تقديم أي تنازل مالي قبل بدء المفاوضات، وكتبوا أنه يجدر بالولايات المتحدة "عدم الرضوخ لأمر ملح أو لاستحقاقات مفتعلة" مثل الانتخابات الرئاسية التي تنظم في يونيو في إيران.

فهل وصل الحوار إلى طريق مسدود قبل أن يبدأ حتى؟

قد يبدو ذلك صحيحاً على ضوء جمود المواقف، إذ لا تزال طهران تطالب برفع العقوبات الأميركية قبل الدخول في مفاوضات، فيما تتمسك واشنطن بوجوب عقد اجتماع قبل القيام بأي بادرة.

غير أن المدافعين عن اتفاق 2015 يضغطون على الحكومة الأميركية لحلحلة الوضع، من خلال إعطائها مثلاً الضوء الأخضر رسمياً لكوريا الجنوبية للإفراج عن مبالغ مجمدة بقيمة مليارات الدولارات مترتبة عليها للإيرانيين لقاء شراء شحنات من النفط، أو بالموافقة على قرض من صندوق النقد الدولي لإيران.

ورأى علي واعظ من مجموعة الأزمات الدولية في تغريدة أن "الخيار الوحيد الممكن في المرحلة الراهنة يبدو أنه وساطة أوروبية" لحمل "إيران والولايات المتحدة على حلحلة موقفيهما قليلا بدون عقد اجتماع بينهما"، متحدثاً عن "تذاكر دخول" إلى مفاوضات مقبلة.

غير أن باربرا سلافين تؤكد "يجدر بإيران القبول بعقد اجتماع!" مشددة على أن ذلك لن يكون لا "تنازلاً" ولا "تقدماً". وتضيف "المسألة تتعلق بالولايات المتحدة وإيران، لا يكون ذلك في أي مرّة سهلا".

ضربة يناير

إلى ذلك، نشرت وسائل إعلام أميركية لقطات جديدة للهجوم الصاروخي الإيراني في يناير 2020 على قاعدة "عين الأسد" غرب العراق التي كانت تضم نحو ألفي جندي أميركي رداً على قتل واشنطن قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني قرب مطار بغداد قبل ذلك بأيام.

ويأتي نشر هذه الفيديوهات في وقت يتصاعد فيه التوتر بين الولايات المتحدة وإيران في المنطقة، خصوصاً في العراق، مع استئناف ميليشيات عراقية موالية لإيران شن هجمات على منشآت فيها قوات أميركية.

وأظهرت اللقطات التي نشرتها شبكة "سي بي أس" الأميركية لحظات تساقط الصواريخ المحملة برؤوس متفجرة كبيرة كالمطر على قاعدة عين الأسد.

ويبدو أن هذه اللقطات التقطت من طائرة مسيرة كانت تحلق فوق المكان، والصور جاءت بالأبيض والأسود.

وقال الجنرال في قوات مشاة البحرية الأميركية، فرانك ماكينزي، إنه لولا خطة الإخلاء التي نفذت على وجه السرعة، لسقط ما بين 100- 150 قتيلاً بين الجنود، إضافة إلى 20- 30 طائرة. وأشار إلى أنه لو لم يأمر بإخلاء الجنود فوراً لوقعت حرب بين واشنطن وطهران.

في سياق متصل، انفجرت أمس، عبوة ناسفة في رتل شاحنات يحمل معدات لوجستية لقوات التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ضد "داعش" في محافظة بابل جنوبي العراق.

وقال نصر الشمري المتحدث باسم "حركة النجباء"، وهي ميليشيا عراقية موالية لطهران، إن السبيل الوحيد لوقف الهجمات الصاروخية على قواعد تضم أميركيين وسفارة أميركا في بغداد، "هو خروج المحتلين الأميركيين من العراق".

back to top