مشاريع روسيا الجديدة في القطب الشمالي... المكاسب أكبر من التكاليف

نشر في 23-02-2021
آخر تحديث 23-02-2021 | 00:00
 مؤسسة جيمس تاون في 1 فبراير وقّع رئيس الوزراء الروسي، ميخائيل ميشوستين، مرسوماً للمصادقة على إطلاق ستة مشاريع استثمارية كبرى ومدعومة من الدولة في منطقة القطب الشمالي. تذكر هذه الوثيقة أن روسيا تتوقع جذب استثمارات خارجية تفوق قيمتها 2.7 مليار دولار لإتمام هذه المبادرات. تستطيع الشركات المهتمة بهذه المشاريع أن تتكل على تعويضات تصل نسبتها إلى 20% من مجموع استثماراتها، وقد أعلن ميشوستين أن الحكومة، بفضل هذا المرسوم، أثبتت التزامها بالتعليمات الرئاسية السابقة لتعزيز التنمية الشاملة في المنطقة الروسية من القطب الشمالي، فقال: «بدأت الاستعدادات لتهيئة الظروف التي تسمح بخلق فرص عمل جديدة وجعل الأراضي الشمالية أكثر جاذبية كمكان صالح للعيش».

تُحدد الوثيقة عدداً من الشروط الأساسية كي تُعتبر الشركات المشارِكة مؤهلة لنيل الدعم الحكومي:

• يجب ألا تكون الكلفة الإجمالية لأي مشروع أقل من 300 مليون روبل (4 ملايين دولار).

• يجب أن يُغطّى الدعم الحكومي (عن طريق الضرائب) خلال عشر سنوات.

• ثمة حاجة إلى خلق فرص عمل إضافية عبر إطلاق شركات جديدة أو تحديث الشركات القائمة.

تكلم وزير تنمية الشرق الأقصى والقطب الشمالي، أليكسي تشيكونكوف، عن الاستدامة الاقتصادية في ذلك المرسوم، فأعلن أن الشركات الخاصة ستضطر للاستثمار أكثر من الحكومة الروسية بعشر مرات. كذلك، تكلم عن نشوء نحو 5800 وظيفة جديدة محلياً خلال العقد المقبل وتوقّع أن ترتفع العائدات الضريبية بمعدل 42 مليار روبل (569 مليون دولار). ذكر تشيكونكوف أيضاً أن «تنفيذ هذه المبادرات [أي المشاريع الستة الكبرى] يسمح بتحقيق الأهداف الاستراتيجية المرتبطة بتطوير الخدمات اللوجستية المحلية، وتحديث البنى التحتية في الموانئ، وحماية عمليات النقل على طول الطريق البحري الشمالي».

في المقام الأول، تهتم سياسة روسيا في القطب الشمالي بإنشاء جميع الظروف اللازمة لتطوير الطريق البحري الشمالي. من الواضح أن هذه المقاربة التي تجمع بين تدابير محددة وأخرى عامة تحمل طابعاً مزدوجاً، فمن جهة، يقول حاكم إقليم «أرخانجيلسك أوبلاست»، ألكسندر تسيبولسكي، إن الأراضي في القطب الشمالي تحتاج إلى التطوير كي تصبح بمثابة منطقة كبرى واحدة بمساعدة هيئة مشابهة للجنة التخطيط الحكومية «غوسبلان» نظراً إلى استحالة تحقيق أي نجاح من دون تبني مقاربة إقليمية شاملة». لكن من جهة أخرى، تُشدد الحكومة بدرجة غير مسبوقة على تنفيذ مبادرة خاصة بهذه المنطقة.

في مدينة «مورمانسك» مثلاً، تعمل السلطات على إنشاء وزارة لتنمية القطب الشمالي والاقتصاد. يقول الحاكم المحلي، أندريه شيبيس، إن الهدف الأساسي من هذا الكيان لا يقتصر على تعزيز دور «مورمانسك» الرائد بل تسهيل عملية جذب المستثمرين وتنظيمها أيضاً. تُعتبر هذه المقاربة مبتكرة فعلاً ولم تُستعمل يوماً في حقبة ما قبل عام 1991 من التاريخ الروسي-السوفياتي، حين كانت منطقة القطب الشمالي تُعتبر كياناً متجانساً من دون مراعاة الخصوصيات الإقليمية هناك. لكن تترافق استراتيجية موسكو في الشمال الأعلى، رغم نقاط قوتها، مع مخاوف بارزة بشأن تماسك الاتحاد الروسي على المدى الطويل.

لقد أوضح مركز السلطة الاتحادي، من خلال مقاربته في القطب الشمالي، أنه اختار مجموعة من المناطق التي يعطيها الأولوية ومن المتوقع أن تحظى بدعم حكومي كبير. لكن قد يطرح هذا الوضع تحديات جدّية مستقبلاً إذا تأججت مشاعر الاستياء لدى النُخَب المحلية في المناطق المجاورة بسبب تهميشها، علماً أن هذه المناطق لا تملك القدر نفسه من الموارد الطبيعية الاستراتيجية ولا تُعتبر بالأهمية نفسها بالنسبة إلى الطريق البحري الشمالي. يسهل أن تتحول تلك الاضطرابات المرتبطة بالعوامل الاقتصادية إلى مشاكل سياسية، مما يؤدي إلى تأجيج المنافسة بين الأقاليم وتصاعد الديناميات المركزية في أنحاء المنطقة الروسية من القطب الشمالي.

سيرغي سوخانكين - مؤسسة جيمس تاون

back to top