صناديق وقنادس!

نشر في 18-02-2021
آخر تحديث 18-02-2021 | 00:08
 عبدالله الفلاح حين يتراقص «الأبالسة» بكل المغريات حول الأرواح الهشة لسنا بحاجة للحظة عقل حتى نكتشف المشهد... ذلك المشهد الذي كشف لنا كماً من الأسماء- وقيل إنها كبيرة- قد خرجت من «القيم» ودخلت في «الغروب»! لذا علينا ألا نعيش «الصدمة» عندما نعرف كم هي كمية الأدمغة- أو الأرواح- التي تم إيداعها في الصناديق!

صناديق تشع منها تلويحات السلطة وجاذبية المال والضوء أيضاً. سقط فيها الكثيرون ممن كنا نعتقد- للأسف- أن أصواتهم كانت الجدران التي تحمي القيم الإنسانية، أن أصواتهم- للأسف مرة أخرى- كانت صوت الضمير وصوت الناس وصوت الكرامة، لا إن الحقيقة كشفت أن ما حدث- أو ما سيحدث- ما هو إلا مهزلة كبرى، بعد أن تبين أن الكثير من المثقفين (المثقفين؟!)- سياسيين، إعلاميين، شعراء، كتاب، روائيين، وغيرهم- قد باعوا قيمهم أمام المغريات.

إن هذه القيم التي تم بيعها، لم نكن يوماً نشعر أو نعتقد أننا سنرى أصحابها، حتى في دائرة التفاوض، بل شاهدنا الكثير في دائرة البيع، أو على رصيف التنازلات.

كثيرون سقطوا الواحد تلو الآخر، حتى أصبحوا جثثاً ملقاة في الصناديق «المخصصة» للكبار فقط... صندوق السلطة الذي يعرف جيداً- وبخبرته- كيف يُفتح بالشكل المطلوب أمام من يمكن أن يتم إغراؤهم «بالمنصب» ولا يهم حتى إن جلسوا تائهين داخل الكارثة!

صندوق المال الذي يُفتح بشكل أوسع لـ»مثقفي السوق» ممن ينساقون مثل القطيع نحو «العلف» بمظهر رث، أو مظهر مثير للشفقة! صندوق للضوء الذي تحول إلى ثقب تتدلى منه العجائب- المضحكة- التي نشاهدها وهي تجمع فتات الفتات وما يتساقط من المنابر والصفحات والشاشات، فتات الضوء الذي يتحول إلى زنزانة!

هذه الصناديق التي تحطم القيم- قيم الكثير لا الكل- دفعت كل من سقط فيها لأن يجرب أنواع الوحول، فهي مشرعة دائماً لمن يرغب أن يدفن وهو على قيد الحياة.

أما آن للعقول أن تتوقف عن اتباع من يطلق عليهم مجازاً مثقفون، وما أكثر الذين يطلق عليهم مثقفون، أن يصحوا ويكفّوا عن اتباع الملتبسين ممن لا يجرؤون حتى على الخروج بالخفاء من الصناديق التي أسقطت أهم ما يملكه «الإنسان» وهي القيم الإنسانية.. الصورة المثلى للأخلاق!

هنا نستعير ما قاله «غرامشي» في «كراسات السجون»، ليكون المشهد واضحاً جداً، عمن لا يدافعون عن قيمهم، أن نختصر المسافة ونسقط هذه الحالة على المثقفين... الأشبه بحالة القندس!

كما رآه غرامشي- وسترون- «كيف يخصي القندس نفسه لينقذ حياته من صائديه، لأنهم يريدون خصيته التي يستخلص منها العقاقير»! هذا هو اختصار لما يفعله الكثيرون ممن أصبحوا قنادس، ليس للخلاص بل للدخول في الصناديق!

هل قال أحدكم: عليهم إنشاء «رابطة للقنادس»؟!

عبدالله الفلاح

back to top