البنك المركزي الأوروبي أمام اختبار السياسة النقدية في ظل «كوفيد 19»

نشر في 22-01-2021
آخر تحديث 22-01-2021 | 00:03
No Image Caption
عمد «المركزي» الأوروبي إلى تعزيز «برنامج شراء السندات في طوارئ الجائحة»، سلاحه الرئيسي الذي باشر العمل به في مارس، للحفاظ على شروط تمويل مواتية وتشجيع الإنفاق والاستثمار، فرفعه إلى 1850 مليار يورو ومدده إلى مارس 2022.
يعزّز البنك المركزي الأوروبي تدابير الدعم النقدي للاقتصاد، قبل امتحان دقيق لتقييم المخاطر الناجمة عن الاستمرار في القيود المفروضة لمكافحة وباء «كوفيد 19» وارتفاع سعر اليورو.

بعد مضي ستة أسابيع على آخر اجتماع عقده البنك المركزي الأوروبي في ديسمبر الماضي، يقول فلوريان هينسه الخبير الاقتصادي لدى بنك بيرنبرغ إن المؤسسة المالية: «ما زالت تحلل وطأة قرارها» القاضي بتعزيز تدابيرها النقدية للتصدي للأزمة الناجمة عن الوباء.

وعمدت المؤسسة المالية التي تتخذ مقرا لها في فرانكفورت إلى تعزيز «برنامج شراء السندات في طوارئ الجائحة»، سلاحها الرئيسي الذي باشرت العمل به في مارس، للحفاظ على شروط تمويل مواتية وتشجيع الإنفاق والاستثمار، فرفعته إلى 1850 مليار يورو ومددته إلى مارس 2022.

أما برنامجها الآخر لإعادة شراء أصول، وهو برنامج التيسير الكمّي المعتمد من قبل الوباء، فمن المتوقع أن يتواصل بوتيرة عشرين ملياراً في الشهر بدون تحديد فترة زمنية له.

كما ستمنح المؤسسة المالية المصارف دفعات جديدة من القروض المتدنية الكلفة، في وقت تراجعت معدلات الفائدة إلى أدنى مستوياتها.

ويفرض البنك المركزي الأوروبي منذ سبتمبر 2019 رسوما بقيمة -0.5% على قسم من السيولة المودعة لديه، للتشجيع على إعادة توزيعها على شكل قروض.

يتفق المراقبون على أن المؤسسة المالية، التي تجهد لمكافحة الأزمة في منطقة اليورو منذ بدء تفشي وباء كوفيد 19، لا تواجه وضعا ضاغطا يرغمها على زيادة حجم تدخلها.

لكن الخبير الاقتصادي لدى مجموعة «آي إن جي» كارستن برجسكي لفت إلى أن «قدرات (رئيسة البنك المركزي الأوروبي) كريستين لاغارد على التواصل ستكون مرة جديدة على المحك»، عندما تواجه الصحافة، اعتبارا من الساعة 13.30 (ت غ).

فآمال التعافي الاقتصادي السريع أحبطت مع الموجة الثانية من الوباء، في نهاية العام الماضي، وما واكبها من قيود وتدابير جديدة في أوروبا.

وقال برجسكي إن المؤسسة الأوروبية ستعلن أن المخاطر على النشاط الاقتصادي «تتجه إلى الانحسار أكثر منها في ديسمبر».

وما يغذي المخاوف تفشي نسخ متحورة جديدة للفيروس لا تعرف عواقبها بشكل واضح بعد، ووتيرة توزيع الجرعات الأولى من اللقاحات التي تتم بشكل أبطأ مما كان متوقعا، إلا أن رئيسة البنك المركزي الأوروبي تؤمن بأنه سيتم تحقيق توقعات النمو المقدرة بـ3.9% من إجمالي الناتج الداخلي لمنطقة اليورو عام 2021.

وعلقت فريتسي كولر-غايب رئيسة قسم الاقتصاد في بنك «كا إف في» العام، بأن «المركزي» الأوروبي يريد أن «ينتظر ليرى ما إذا كانت القيود المرتبطة بالوباء ستستمر حتى الفصل الثاني»، وليظهر «إلى أي مدى ستؤثر على الوضع الاقتصادي».

ويرى فرانك ديكسمير مدير إدارة السندات في شركة «آليانز غلوبال إينفستورز» أنه مع أكثر من ألف مليار يورو متاحة له للإنفاق في إطار «برنامج شراء السندات في طوارئ الجائحة»، يمكن للبنك المركزي «شراء الكمية ذاتها من السندات، التي اشتراها العام الماضي، في حين يتوقع أن يكون العجز في الميزانيات العامة أدنى».

وتبقى أسواق السندات مستقرة، على الرغم من الأزمة الحكومية في كل من إيطاليا وهولندا.

وأوضح إريك دور مدير الأبحاث في معهد الاقتصادي العلمي والإدارة أن هذا «يثبت فاعلية سياسة البنك المركزي الأوروبي لاحتواء أي زيادة في نسب الفوائد البعيدة الأمد»، بعدما كان ذلك السبب خلف اندلاع أزمة الديون في منطقة اليورو في مطلع الألفية.

غير أن ارتفاع سعر اليورو يطرح معضلة للبنك المركزي الأوروبي، الذي يعجز عن دفع التضخم إلى الارتفاع بهدف الوصول إلى 2% بوتيرة سنوية، وهو المستوى الذي يعتبر مناسبا لتشجيع النشاط الاقتصادي.

وازدادت قيمة العملة الموحدة منذ نهاية فبراير بأكثر من 10% بالنسبة إلى الدولار. ويتحتم على مؤسسة فرانكفورت أن تقيّم إلى أي مدى ستحتم عليها زيادة جديدة في سعر اليورو تحركا أكثر شدة.

فاليورو القوي يخفض كلفة الواردات، لكنه يجعل الصادرات أقل قدرة على المنافسة.

ويزداد الوضع صعوبة، في ظل نسبة تضخم سلبية في منطقة اليورو منذ أغسطس وحتى ديسمبر.

ومن المرتقب أن ترتفع الأسعار مجددا عام 2021 على خلفية زيادة ضريبة القيمة المضافة في ألمانيا، والتوقعات بالعودة إلى حياة طبيعية أكثر، غير أن الخبراء الاقتصاديين يحذرون بأن مفاعيل هذه الزيادة في الأسعار ستكون محدودة.

back to top