مرافعة: حبس المغردين

نشر في 19-01-2021
آخر تحديث 19-01-2021 | 00:30
 حسين العبدالله القول بأن إلغاء قانون جرائم تقنية المعلومات رقم 63 لسنة 2015، المسمى بقانون الجرائم الإلكترونية سيؤدي إلى إلغاء عقوبات الحبس على المغردين ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، هو قول تعوزه الدقة، لأن الأحكام التي أوردها المشرِّع بهذا القانون لا تنص صراحة على توقيع عقوبات بالحبس إلا لمن يخالف أحكامه بجرائم الدخول غير المشروع والتهديد والابتزاز، في حين يسمح بحكم المادة 16 فيه بإمكانية تطبيق العقوبة الأشد بأحكام قانون الجزاء وقانون أمن الدولة والوحدة الوطنية على المغردين ومستخدمي وسائل التواصل، والتي تقرر عقوبة الحبس على مستخدمي وسائل التواصل، وهو أمر يتعيَّن معه للحفاظ على حُرية الرأي والتعبير إلغاء نص المادة 16، وإزالتها من قانون جرائم تقنية المعلومات، وإزالتها كذلك من قوانين الصحافة والمرئي لذات العلة. ولا يقتصر الأمر بزوال تلك المادة، بل يتطلب زوال عقوبة الحبس الواردة بنص المادة 70 من قانون هيئة الاتصالات، والتي توجهها جهات التحقيق، كالإدارة العامة للتحقيقات والنيابة العامة، لمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي على تهمة إساءة استعمال وسيلة الاتصال، والتي تعطي المحكمة القضاء بالحبس لمدة سنة وغرامة لا تزيد على ألفَي دينار، وهو الأمر الذي يقتضي معه تعديل تلك المادة، لكونها تؤدي إلى حبس مستخدمي وسائل التواصل، وعلى غرار ذلك التعديل، الذي ينهي عقوبة الحبس، يتعيَّن الوقوف على أحكام القضاء الداعمة للحريات، وتحديداً قضاء المحكمة الدستورية، الذي تتمتع أحكامه بالحجية المطلقة والإلزام، وفقا لما نصَّت عليه المادة الأولى من قانون إنشاء المحكمة الدستورية رقم 14 لسنة 1973، والذي بات يتسبب إزاء عدم الالتزام بأحكامها في إحداث تناقضات قانونية وقضائية تجاه تفسير المواد القانونية، لاسيما العقابية، وخير دليل على ذلك ما قضت به المحكمة الدستورية في عام 2016 عند تصديها لنص المادة الرابعة من قانون أمن الدولة، وبيان انطباقها على الآراء والمدلول التشريعي لها، فخلصت إلى أنها لا تنطبق على الآراء، وإنما على الأعمال المادية من ذات جنس جمع الجند.

ورغم أن حكمها المنشور في الجريدة الرسمية بات حجة على الكافة، وعلى المحاكم، وفقاً لصراحة نص المادة الأولى من قانون إنشائها، فإن محاكم الموضوع لم تلتزم جميعها بمدلول وتفسير ذلك الحكم الدستوري، وأصدرت العديد منها أحكاماً قضائية بعضها حضوري والعشرات منها غيابي بحبس العديد من المغردين.

وبعد 4 سنوات من صدور حكم «الدستورية» تطل علينا محكمة التمييز الجزائية بحكم متطابق للتفسير الذي أوردته المحكمة الدستورية في عام 2016، لتقرر بأن الركن المادي لجريمة العمل العدائي التي تنص عليها المادة الرابعة من قانون أمن الدولة يستلزم ارتكاب أعمال مادية خطرة وجسيمة بحق الدولة التي تربطها علاقات مع الكويت، وأن من شأن ما يرتكبه الجاني التسبب بخطر قطع العلاقات السياسية، وأن الرأي بنقد الدولة الأجنبية، ولو عدائياً، إلا أنه لا يمثل الركن المادي في الجريمة الواردة بنص المادة الرابعة.

وعليه بات مهماً، وحماية لحرية الرأي والتعبير، التي نصَّت عليها المادة 37 من الدستور، التوقف عن الأخذ بالنصوص الجزائية الواردة بنصوص قانون أمن الدولة، ومنها المادة الرابعة تجاه الأفعال المبنية على حرية الرأي والتعبير، وإنزال النصوص الملائمة تجاههم، إذ لا يستقيم المنطق القانوني السليم أن تكلف 140 حرفاً حبس إنسان بعقوبة قد تصل به إلى مدى الحياة بسبب كلمة، وخاصة أن المادة الرابعة من قانون أمن الدولة تنص على وضع الحد الأدنى للعقوبة بثلاث سنوات، وهي عقوبة بخلاف أنها تخالف المنطق للحد الأدنى للعقوبة، فإنها تسمح بأن تصل العقوبة إلى الحبس المؤبد، وتحظر على القاضي إصدار عقوبة أقل من الحبس ثلاث سنوات، وهو أمر يثير شبهة المخالفة للمواد 34 و50 و166 من الدستور.

حسين العبدالله

back to top