High Light: الفاعل الاحتجاجي الجديد

نشر في 15-01-2021
آخر تحديث 15-01-2021 | 00:01
 د. حمود حطاب العنزي لقد فرضت القوى الشعبوية الصاعدة ثقافة تغيير جديدة، ظهر ذلك جلياً عندما تحدت منظومة الفساد من خلال تقديم رسالتها القوية والتي كانت هذه المرة من خلال صناديق الاقتراع، ولأول مرة أصبحت إرادة الشعب وبشكل فعلي معادلة سياسية أساسية ورقماً رئيساً يمكن له تغير معالم المشهد السياسي الكويتي عبر التعبير عن طموحات واختيارات جديدة قادرة على إحداث نقلة نوعية في اتجاه مكافحة الفساد ما من شأنه إعادة صياغة الكثير من المفاهيم والأحكام التي هيمنت على الثقافة السياسية الكويتية عبر 6 عقود مضت كالنظر للنائب على أنه مجرد مندوب معاملات!

وأيَّاً كانت المواقف المؤيدة أو الرافضة أو المتحفظة التي تُقَيَّمْ على ضوئها حصيلة هذا الحراك ونتائجة في المستقبل المنظور أو البعيد، فإنه بحكم ما حققه من مكتسبات حتى الآن، يعكس تشكل معالم ثقافة سياسية جديدة بدأ فيها صياغة العقل الكويتي وبالتالي مناخ سياسي جديد أهم ما يميز أفراده أنهم متحررون من سيطرة وسطوة وإغراءات قوى الفساد.

واللافت للنظر أن الفاعل الاحتجاجي الجديد لم يعد يتجسد في الزعيم الكاريزمي الذي يقود الجماهير ويستلهمها، إنه حراك سياسي انطلق بمجهود جماعي، وليس من السهل كشف مركزه أو محركه أو معرفة طبيعة آليات اشتغاله ودرجة وتيرته، ولو أمعنا النظر قليلاً لوجدنا أن السبب لانبعاث هذا الفاعل هو إقصاء النخبة السياسية المخضرمة في المهجر الذين أصبحت قضيتهم كرة ثلج عملاقة لا أحد يصمد أمامها، وذلك لعدالتها وارتفاع مؤشرات مدركات الفساد بشكل مخيف، لذلك ظهر المحتج بوصفه فاعلاً ذا شخصية مستقلة لكنها شبكية، يجسد انبعاث وعي سياسي حاد ضد الفساد وأهله، متجاوزا منطق التنظيمات التقليدية والحسابات السياسية الضيقة، يمثل كل فئات الشعب (سنّة وشيعة، حضر وبدو)، مستخدماً زخم الإعلام البديل وتأثيره في السوشال ميديا في إطار الدستور وقيم المجتمع العليا.

ختاما:

الشعب الكويتي الرشيد عبر تراكمات حراكه الشعبي خلال السنوات الماضية، اكتسب خبرة كبيرة في التعامل مع الحكومة، ويعي جيداً أنه ليس من مصلحته أن تخرج معركته خارج إطار الدستور، لذلك قدم رسالة سياسية راقية في 5 ديسمبر، على ما يبدو أن حكومة الخالد لم تستوعبها، وسيستمر هذا الشعب العظيم في مكافحة الفساد من خلال الضغط على نوابه، لأن الرجوع للاحتكام لصناديق الاقتراع سيأتي عاجلاً أو آجلاً.

وأخيراً يبقي السؤال المحير: هل الحكومة الحالية تستشعر خطورة الوقوف ضد تطلعات الشعب في ظل صعود القوى الشعبوية؟

د. حمود حطاب العنزي

back to top