دور المكتبات في تشجيع القراءة‎

نشر في 10-01-2021
آخر تحديث 10-01-2021 | 00:09
 محمد أحمد المجرن الرومي كتب الأخ العزيز خالد الطراح موضوعاً جميلا عن المكتبات ودورها في تشجيع النشء على حب القراءة، وأنا في هذا المقال سأضرب بعض الأمثلة للدور المهم للمكتبات في بعض الدول التي زرتها:

في الكويت، الحمدلله، كان الاهتمام بالعلم والقراءة منذ القدم، وكذلك نشأة بعض المكتبات، ومنها على سبيل المثال، مكتبة رويح، وفِي وقتنا الحاضر نجد أن المكتبات منتشرة في ضواحي البلاد، بالإضافة إلى مكتبة الكويت الوطنية بعد إعادة بنائها، إلى جانب المكتبات في الجامعات والكليات التقنية والمؤسسات المتخصصة.

لا شك أن وجود المكتبات يشجع الإنسان على ارتيادها للقراءة وإعداد البحوث المختلفة، خصوصاً إذا كانت المكتبة بالقرب من المنزل أو مكان العمل، ولكن هذا بحد ذاته لا يكفي، فيجب أن تفعل هذه المكتبات ويكون لها دور في نشر العلم والمعرفة وذلك عن طريق تزويدها بأحدث الأجهزة التقنية لمجاراة العصر الحديث والتطور العلمي في العالم، وكذلك بإعداد برامج تثقيفية ومحاضرات ليستفيد منها الجمهور.

منذ ثلاث سنوات ذهبت إلى المكتبة في منطقة الشامية، حيث أسكن لأرى التغييرات فيها بعد إعادة بنائها وإطلاق اسم إحدى الشخصيات الأدبية والدبلوماسية على هذه المكتبة، ألا وهو المرحوم الأديب السفير عبدالله زكريا الأنصاري الذي يستحق هذا التكريم وإطلاق اسمه على هذا الصرح الثقافي المهم في منطقة سكنية، ولم أتمكن من الدخول لأن المسؤول الأمني قال إنها لم تفتح بعد، وشاهدت الكراتين المملوءة بالكتب في مدخل المكتبة، ودخلتها بعد الافتتاح، ومنذ بضعة أيّام ذهبت إلى المكتبة لأرى التطور فيها، وكذلك عدد الزوار، فإذا بي أقرأ على الباب المغلق ورقة مكتوبة بخط اليد لأي استفسار اتصل بالحارس على الرقم الفلاني، فاتصلت بالحارس فأخبرني أن المكتبة مغلقة لإجراء صيانة وأيضاً بسبب كورونا، ولم أقتنع بمبرر إغلاقها.

كان المفروض وضع شروط لدخول المكتبة ومراعاة الظروف الصحية، فهذا الكلام عن أهمية المكتبة في حياة الناس أعاد بي الذاكرة إلى، زيارتي لبعض المكتبات في بعض الدول التي زرتها ومدى اهتمام تلك الدول بالمكتبات، ففي السويد على سبيل المثال التي عملت بها وزرت عدداً من مكتباتها وجدتُ مكتبة مجهزة بالكتب باللغة السويدية في كل منطقة سكنية، بالإضافة إلى اللغة الإنكليزية مع تخصيص قسم خاص بالأطفال يجلس معهم أولياء أمورهم، والمكتبة مجهزة بأحدث الكتب وأجهزة الكمبيوتر.

كما أنه يوجد في وسط العاصمة السويدية استوكهولم مركز ثقافي كبير متعدد الأدوار فيه مكتبة ومسرح صغير ومرسم وقاعات للمحاضرات لشتى الأنشطة من فنون وآداب وغيرها، كما يوجد مسرح صغير ملحق بالمركز يطلق عليه (مسرح الشوربة)، عبارة عن قاعة ليست كبيرة، توجد فيها طاولات مستديرة حولها كراس لا تتعدى كل طاولة أربعة كراس، يتحلق حولها الحضور وخشبة مسرح، تعرض فيها مسرحية لا تتعدى النصف ساعة، ويستمتع الحضور بالمسرحية وهم يتناولون الشوربة بالإضافة إلى الخبز والزبد، وعادة يكون جمهور هذا المسرح من الموظفين في المؤسسات والمحلات القريبة الذين يستمتعون بالمسرحية وفي الوقت نفسه يتناولون غداءهم في فترة الاستراحة في منتصف النهار، ولذلك سمي المسرح باسم «مسرح الشوربة».

والحديث عن المكتبات في العالم يجرني للحديث عن سنغافورة، حيث توجد فيها المكتبة المركزية المسؤولة عن جميع المكتبات في سنغافورة، بما فيها مكتبة وزارة الخارجية، فرأيت في هذه المكتبة الكبرى الاهتمام الشديد من قبل المسؤولين هناك بهذه المكتبة التي يوجد فيها أدوار متعددة لكل تخصص، وفيها نظام عضوية لكي يتمكن أي زائر من استعارة الكتاب المطلوب ويعيده بعد فترة معينة، عندما يضع بطاقة العضوية في جهاز يشبه جهاز الصرف الآلي، ويضع الكتاب في داخل الجهاز ويدخل الكتاب من الطرف الآخر، ويأخذ وصلاً بأنه أودع الكتاب في الْيَوْمَ والساعة الفلانية، ويقوم بدلك دون أن يدخل شخصيا إلى المكتبة بل من الخارج، كما يوجد في المكتبة الوثائق والمخطوطات، وهي ليست للاستعارة بل للاطلاع فقط، وبعض الوثائق توضع في أماكن معينة مجهزة بأحدث الأجهزة للمحافظة عليها.

هذا ماوجدته في هذه المكتبة المتطورة، وأيضاً وجدت الاهتمام بالثقافة والآداب وغيرها من المواضيع عند زيارتي لمكتبة الكونغرس في العاصمة الأميركية واشنطن بالإضافة إلى مكتبة جامعة جورج واشنطن ومكتبة رالف بانش أيضا في العاصمة الأميركية، ولذلك فإنني أرى أن يكون هناك اهتمام أكثر بالمكتبات في الكويت وتشجيع الأسر لاصطحاب أبنائها للقراءة بإعداد برامج أسبوعية وتزويد المكتبات بأحدث الإصدارات وتشجيع القراءة باللغة العربية خصوصاً النشء للحفاظ على اللغة الأم، وليبتعد النشء من الجلوس لوقت طويل أمام أجهزة الكمبيوتر وأجهزة التواصل الاجتماعي، والاستفادة مما يوجد في المكتبة والاستزادة من العلم.

* لقد فرحنا جميعا بالانفراج الذي حصل في قمة قادة مجلس التعاون التي عقدت في محافظة العلا في المملكة العربية السعودية والتي سُميت «قمة السلطان قابوس والشيخ صباح» وأثمرت عودة العلاقات بين قطر والمملكة العربية السعودية وحل الخلاف الذي كاد أن يمزق التعاون الخليجي الذي حرصت الكويت على أن يكون التعاون هو أساس قوة مجلس التعاون، وهذا يؤكد نجاح الدبلوماسية الكويتية التي قادها المغفور له الشيخ صباح الأحمد، طيب الله ثراه وأسكنه الجنة.

محمد أحمد المجرن الرومي

back to top