الكبرياء والغرور

نشر في 08-01-2021
آخر تحديث 08-01-2021 | 00:06
 د. نبيلة شهاب كثيراً ودائما ما تتردد كلامات كرامة وكبرياء واحترام الذات وتقديرها، وهي مصطلحات إيجابية مهمة جداً في الحياة الاجتماعية والتعامل بين الأفراد، ولا غنى عنها في بناء الشخصية السوية السليمة، فالكرامة كما يتم تعريفها: "هي احترام المرء ذاته، وهو شعور بالشّرف والقيمة الشخصيّة يجعله يتأثّر ويتألّم إذا ما انتقص قَدْره".

والكبرياء مشتق من الكرامة وأكثر استخداماً في وصف السلوك المصاحب لهما، حيث يعتبر الكبرياء اعتزاز الفرد بنفسه وما يصاحب هذا الاعتزاز من مشاعر إيجابية تجلب له السعادة والفخر.

والغرور عكس التواضع، ويختلف كلية عن الكبرياء، ويعتبر الغرور سلوكاً سلبياً كون الفرد يعتز بنفسه بطريقة خاطئة، فهو لا يقدرها ويضعها في إطارها الثمين المناسب لها فقط، بل يعليها أكثر من قدرها، وفي الوقت نفسه يخفض قدر الآخرين ظلماً وإجحافاً.

قد يظن البعض خطأً أن الغرور يعلي من قيمته بين الناس، ويحصل به على تقديرهم، ولكن على العكس من ذلك فالغرور يبعد الآخرين عن المغرور، ويقلل من قدره بين الناس وإن أظهروا له عكس ذلك.

وتظهر في حياتنا اليومية مواقف تستدعي أن يكون الفرد فيها متسامحاً أو متسامياً عن بعض الأخطاء غير المقصودة، فلا يعتبر ذلك انتقاصاً من كرامة وكبرياء الفرد، بل على النقيض من ذلك، فالمتسامح والمتسامي والمتواضع إنسان كبير في ذاته يحترمه ويجلّه الآخرون، إذا كان يتعامل مع الأفراد الأسوياء، فعلى سبيل المثال التواضع للمغرور ذنب بحق الذات وبحق الآخرين لأنه يغذي فيه عقدة النرجسية والأنانية، كما يتسبب في ضرر الآخرين بالسماح له أن ينتقص من قدرهم ويشعر بأفضليته عليهم ويحجمهم.

كما أن التنازل المستمر للآخرين سواء في القيام بعمل ما أو الحديث يؤدي الى استصغار البعض، وقد يقلل ذلك من القيمة والقدر، مما يؤدي الى جرح الكبرياء والكرامة، مهم جداً أن يصر الفرد على رأيه أو بما يقوم به بتهذيب، إن كان متأكداً من صحته وعدم ضرره للآخرين، حفظاً لكرامته وكبريائه.

قد يخطئ البعض ويطلق على الشخص المعتز بنفسه وبما يقوم به بالمغرور، وهو أبعد ما يكون عن ذلك، لذلك من المهم جداً ومن باب إنصاف الآخرين ألا نحكم عليهم أو نطلق عليهم التسميات دون أن نعرفهم معرفة عميقة وفي أكثر من موقف، فالشخص المغرور لا يرى إلا ذاته ولا يعنيه غيرها، وقد ينتقص من إنجازات الآخرين في سبيل إظهار نفسه وتميزه، لذلك من المهم أن يحافظ الفرد على كرامته وكبريائه حتى يصل إلى رضاه عن ذاته، ومن ثم الشعور بالسعادة، وهذا لا يتنافى مطلقاً مع كونه يتسامى ويسامح ويتنازل ويتواضع لمن يستحق ذلك.

د. نبيلة شهاب

back to top