42 ألف طعن متراكمة في «التمييز» ولا حلول لإيقاف كرة الثلج!

• «عمومية» المحكمة رفعت الدوائر التجارية رغم أن الطعون الإدارية والمدنية المعلقة تتجاوز 33 ألفاً!
• تغذية «التمييز» بمستشاري «الاستئناف» باتت ضرورة ملحة... والحل بزيادة الدوائر
• مجلس القضاء مطالب بمواجهة تراكم الطعون التي يعود بعضها إلى عام 2012

نشر في 29-12-2020
آخر تحديث 29-12-2020 | 00:05
محكمة التمييز
محكمة التمييز
مازالت كرة الثلج تكبر في قضية تراكم الطعون أمام محكمة التمييز دون حلول واقعية، وهو ما سبب تأخير الفصل فيها سنوات طويلة.
في الوقت الذي تستعجل الدوائر القضائية في محكمة الاستئناف الفصل في المنازعات المعروضة أمامها تتعطل عجلة الفصل أمام دوائر محكمة التمييز عدة أعوام بسبب ما تواجهه المحكمة من تراكم للطعون التي وصل عددها إلى 42 ألفاً، منها 21 ألف طعن مدني وعمالي و12 ألف طعن إداري، والمتبقي بين طعون تجارية وأحوال شخصية وجزائية.

ورغم أنه كان يتعين على الجمعية العمومية لمستشاري محكمة التمييز التي عقدت جلستها مطلع العام القضائي زيادة عدد الدوائر المدنية والعمالية والإدارية فإنها قررت زيادة الدوائر التجارية بواقع دائرتين رغم أنها لا تعاني ضغطا وتراكما كحال الطعون المدنية والعمالية والادارية التي تواجهها الدوائر في محكمة التمييز إذ بها طعون لم يفصل فيها منذ 2012.

علاج

ويعتمد علاج تراكم الطعون أمام «التمييز» على ثلاثة حلول منها ما يمكن اتخاذه بقرارات سريعة وعاجلة ومنها ما يستدعي تدخلا تشريعيا يضمن عدم تكرار هذا التراكم لسنوات مقبلة، وأول هذه الحلول هو زيادة عدد الدوائرة القضائية في المحكمة، خاصة التي تعاني تراكماً بأنواعها كالقضايا الادارية والعمالية والمدنية بما يستتبع معه نقل المستشارين من محكمة الاستئناف إلى «التمييز».

وبالنسبة إلى هذا الحل فبمقدور «التمييز» الإقدام عليه في ظل توافر الكفاءات القضائية التي تزخر بها محكمة الاستئناف، ولا ينقص فقط سوى نقل هؤلاء المستشارين إلى «التمييز» لاسيما أنهم كفاءات وطنية تدرجت في العمل القضائي وتراكمت خبراتها الفنية والقانونية والقضائية وسبق أن نُقل من هم أقل منهم من سنوات العمل والخبرة إلى «التمييز»، الأمر الذي يجعل قرار نقلهم مطلباً مهماً تحتمه الحاجة القضائية ويستدعيه الواقع الذي تعيشه المحاكم ويحكمه منطق التدرج في تقلد المناصب القضائية.

العسير

وتغذية دوائر محكمة التمييز بمستشاري «الاستئناف» ليست بالأمر العسير للنظر فيه، فقد سبق الاقدام عليه قبل سنوات بأعداد وإن كانت بسيطة، لاسيما مع توافر الخبرات والكفاءات التي تغطي تلك الحاجة، في ظل حاجة «التمييز» لهم، وهو الأمر الذي قد يدفع المسؤولين للنظر إلى أهميته كحل يرتبط بزيادة عدد الدوائر القضائية في «التمييز» بما يساهم في علاج تراكم الطعون.

وزيادة دوائر «التمييز» لن تكون مرتبطة إلا بالحاجة الفعلية لأنواع محددة لتلك الدوائر، فالواقع العملي يشهد تراكماً في عدد الطعون الادارية وتنظرها دائرتان فقط، وهو ما يبرر زيادتها، والحال كذلك بالنسبة للدوائر المدنية والعمالية والتي يفرض المنطق فصلها بما يسمح بتعددها فمثلا يتم الإبقاء على الدوائر المدنية ويتم إنشاء دائرتين لنظر القضايا العمالية أو الابقاء عليها مع زيادتها الى خمس دوائر بدلا من وضعها الحالي وهو ثلاث دوائر.

زيادة

أما الحل الثاني الذي يفرض المنطق النظر إليه فهو زيادة عدد أيام الفصل في الطعون؛ لأن الواقع العملي يشهد بأن دوائر «التمييز» الحالية تعقد جلستين في الأسبوع، الأولى للمشورة والأخرى لنظر الطعون ولا يزيد عدد الطعون المعروضة في كل جلسة على 30 طعناً بخلاف «الجزائية» الذي قد تصل اعدادها إلى 50 ببعض الدوائر، وهو الامر يثير ضرورة عقد الجلسات أكثر من يوم في الأسبوع الواحد بجعلها ثلاث جلسات بدلا من جلستين او زيادة عدد الطعون في رول القضايا.

الواقع

كما أن الواقع العملي يتطلب إلى جانب هذا الحل التفكير في ضرورة عقد جلسات مسائية لنظر الطعون أمام «التمييز» بأن تشكل دوائر من الدوائر الحالية لعقد جلسات مسائية على أن تمنح لها بدلات مالية اضافية، وهو الأمر الذي يستدعي تناغماً بتوفير مذكرات من قبل نيابة التمييز التي تبذل اليوم جهودا كبيرة للرد على الطعون المرفوعة إلى المحكمة.

الحل الثالث يتطلب تعديلاً تشريعياً عاجلاً من شانه أن يساهم بشكل كبير وجاد في مواجهة تراكم الطعون عبر تعديل قانون الرسوم القضائية برفع كفالات الطعن بالتمييز الى مبلغ جدي كتقرير الضعف الى 200 دينار في كل الطعون عدا «الجزائية» بجعل مبلغها 100 دينار بدلاً من 50 تسدد فقط من المحكومين بقضايا غير مقيدة للحرية.

ويدفع الحل الأخير نحو تأكيد الجدية في تقديم الطعون أمام «التمييز» بدلاً من جعلها طريقا ثالثا للتقاضي، رغم أن القانون جعلها طريقا للطعن على سلامة الأحكام القضائية وهو الامر الذي يستتبع كذلك إيجاد غرف للمشورة للتأكد من قبول الطعون شكلا على غرار غرفة المشورة في المحكمة الدستورية تكون مهمتها التخلص من الطعون غير المقبولة شكلا وهو حل كذلك يتطلب تعديل قانون إجراءات الطعن أمام «التمييز».

مراكز

ولا تلقي قضية تراكم الطعون أمام «التمييز» بظلالها فقط على التأخير في الفصل بالقضايا أمام المحاكم فقط، بل قد تؤثر على المراكز القانونية للمتقاضين، إذ إن العديد من الأحكام شهدت تغييراً في المواقف القانونية للخصوم أمام محكمة التمييز بعد سنوات من فصل محكمة الاستئناف لها، وهو الأمر الذي أثر على النزاعات القضائية المرتبطة بها وهو ما يستدعي ضرورة الإسراع في الفصل في القضايا حفاظا على المراكز القانونية خصوصا أن تلك النزاعات مرتبطة بحريات الافراد ممن هم محبوسون على ذمة قضايا او مرتبطون بعقود تجارية او طاعنون في قرارات إدارية أو دعاوى تعويض أو قرارات بمنع السفر وهي مسائل بطبيعتها تتصل بنحو مباشر بحقوق الأفراد وحرياتهم.

بيئة

كما يتعين على المسؤولين الانتباه إلى أن تراكم الطعون يؤثر بشكل غير مباشر على بيئة الاستثمار الأجنبي في البلاد، لاستغراق أمر التقاضي في البلاد سنوات عديدة، منها ما يكون متراكما وغير جاهز للنظر فيه من محكمة التمييز في حال وقع خلاف بين مجموعة من المستثمرين وشركائهم المحليين ومن شأن هذا التأخير عدم حسم حقوقهم بشكل سريع يساهم في الحفاظ عليها.

التصدي

أكثر من ست سنوات لم تتمكن «التمييز» من حل قضية تراكم الطعون التي بدأت تكبر ككرة ثلج، ولم تتوقف بعد، إذ بدأت عام 2016 بـ 24 ألف طعن متراكم وتضاعف هذا العدد لعدم ايجاد اي حلول لمواجهتها رغم واقعيتها وبساطتها، وهو امر يستدعي اليوم من المجلس الأعلى للقضاء برئاسة المستشار أحمد العجيل التصدي له حتى لا يكون اللجوء للقضاء مرهقا للبعض ومريحا للآخرين بما يستتبع الاساءة إلى التقاضي والسعي إلى إطالة أمد النزاعات والقضايا في ساحات المحاكم!

صورة ضوئية عن تصريح سابق لرئيس «التمييز» لـ«الجريدة» عام 2016"

حسين العبدالله

المطلوب زيادة عدد الجلسات لتكون 3 أسبوعياً... والتفكير في عقد «المسائية»

أحكام لـ «التمييز» تسببت في تغيير المراكز القانونية بعد سنوات من عرضها

بطء التقاضي يضر بسمعة البلاد ويؤثر على جلب المستثمر الأجنبي
back to top