خاص

تخبُّط إيراني في بغداد

بسبب فشل إسماعيل قآني في سد فراغ قاسم سليماني وافتقاده ثقة حلفاء طهران بها
• المرشد الأعلى علي خامنئي يخشى فقدان السيطرة على الفصائل العراقية

نشر في 18-12-2020
آخر تحديث 18-12-2020 | 00:10
الجنرال الإيراني إسماعيل قآني
الجنرال الإيراني إسماعيل قآني
مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لاغتيال الجنرال الإيراني النافذ قاسم سليماني، الذي قاد «فيلق القدس» الذراع الخارجية لـ«الحرس الثوري» سنوات عدة، يبدو أن خلفه إسماعيل قآني فشل في نيل ثقة حلفاء طهران، خصوصاً في العراق، حيث ضغط هذا الجنرال المخضرم، أكثر من مرة، لمنع الفصائل من اللجوء إلى رد فعل انفعالي ضد أميركا يورّط إيران بما لا تريد أن تنجر إليه، وقد تعجز عن مواجهة تبعاته.

في هذا السياق، كشف مصدر في مكتب المرشد الأعلى علي خامنئي أن عدداً من قياديي التنظيمات العراقية الموالية لإيران كتبوا رسالة مشتركة إلى خامنئي وسلموها مباشرة إلى مكتبه، يشتكون فيها من أداء قآني، ويؤكدون خصوصاً أنه لا يملك حداً أدنى من الكاريزما التي كانت لدى سلفه.

وأشار المصدر إلى أن منابع القلق لدى حلفاء طهران العراقيين لا تقتصر فقط على أداء قآني، الذي كان سليماني عيّنه نائباً له لإبعاده عملياً عن الملفات الساخنة، بل الأهم من ذلك كما يقول قادة الفصائل العراقية المحسوبة على طهران أنهم لم يعودوا على يقين بشأن من يدير ملف العراق في طهران، فهل لا يزال كما كان في عهد سليماني بيد «فيلق القدس»، أم انتقل إلى وزارة الخارجية أم إلى المجلس الأعلى للأمن القومي برئاسة الأدميرال علي شمخاني؟!

وأضاف أن قياديي الفصائل العراقية يشددون على ضرورة اتخاذ المرشد الأعلى قراراً حاسماً بشأن من يتولى مسؤولية الملف العراقي، الذي يعتقدون أن هناك صراعاً على إدارته بين أجهزة القرار في طهران، ويتحدثون عن ارتباط شمخاني بعلاقات شخصية وثيقة مع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، وأن الأخير، الذي يعد مقرباً من واشنطن ويأمل بلعب دور الوسيط في المرحلة المقبلة بين إيران والولايات المتحدة، يقوم بنقل رسائل متبادلة بين شمخاني ومسؤولين وشخصيات سياسية أميركية، دون الرجوع إلى «فيلق القدس» أو «الخارجية».

وتفيد المعلومات، التي لدى قادة الفصائل العراقية، بأنه في آخر رسالة بين شمخاني وواشنطن، اقترح الأميركيون إخراج ملف المفاوضات النووية وغير النووية من يد وزارة الخارجية، وإعادته إلى المجلس الأعلى للأمن القومي، كما كانت الحال سابقاً، لأن أي اتفاق مقبل بين إيران والولايات المتحدة يجب أن يكون شمولياً، وعليه فإن «الخارجية» لا يمكن أن تعتبر ممثلاً عن النظام الإيراني على عكس «الأعلى للأمن القومي».

ولفت المصدر إلى أن محاولات قآني لفتح قنوات مباشرة مع الكاظمي تصطدم بأن الأخير يعلم أن القائد الجديد لـ«فيلق القدس» ليس لديه التأثير الكافي على حلفائه، وأن رئيس الحكومة العراقية، الذي شغل منصب رئيس جهاز الاستخبارات، يسعى إلى إخراج «الفيلق» تماماً من اللعبة العراقية، عبر اللعب على الخلافات بين «الفيلق» و«الخارجية» و«الأعلى للأمن القومي»، وفي المقابل يجد أنصار إيران أنفسهم أسرى صراعات داخلية إيرانية، وقد وصلوا إلى نتيجة بضرورة اتخاذ قرارات وفق حساباتهم ومصالحهم المحلية في مواجهة الضغوط والهجمات التي تمارسها عليهم واشنطن والأجهزة الحكومية العراقية.

وكشف أن رسالة قادة الفصائل إلى خامنئي تحتوي تقديرات بأنه إذا أجريت الانتخابات العراقية المقررة في يونيو، اليوم، فهناك احتمال كبير بتكبدهم خسائر كبيرة في مقاعدهم البرلمانية بسبب تخبط السياسات الإيرانية، وأنهم باتوا يفضلون فصل مصالحهم عن مصالح طهران، والنأي بأنفسهم عن الصراع الإيراني- الأميركي لإضفاء صبغة وطنية لتنظيماتهم، وأن ضغوطات طهران عليهم لعدم استهداف الأميركيين، خوفاً من ضربة أميركية على إيران، تضعف موقفهم وتفرغ شعارهم في مواجهة الأميركيين من معناه.

ورفض المصدر الكشف عن أسماء الشخصيات القيادية التي وقّعت الرسالة، لكنه أكد أن الموضوع أثار قلقاً لدى خامنئي من فقدان السيطرة على بعض هذه التنظيمات التي قد تقع في «فخ» رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب، مثل إطلاق هجمات على القوات الأميركية التي ستنسحب بأعداد كبيرة من العراق بحلول يناير، وجرّ إيران إلى المعركة.

وبعد مؤتمر مدعوم من المرجعية الشيعية العليا في النجف، انعقد قبل أيام وتخللته انتقادات لاذعة لبعض الفصائل الموالية لإيران والمنضوية داخل «الحشد الشعبي»، أفادت تقارير عن قيام «الحشد» بحملة اعتقالات شملت قياديين بارزين في فصيل «سرايا خراسان».

طهران - فرزاد قاسمي

back to top