مجلس 2012 ليس كمجلس 2020

نشر في 14-12-2020
آخر تحديث 14-12-2020 | 00:20
 أ.د. غانم النجار شهدت الانتخابات البرلمانية لمجلس ديسمبر 2020 غياب المشاريع لدى المرشحين، وبروز ظاهرة "الشعار الكبسولة"، كما شهدت نتائجها خسارة لمرشحين لم تكن خسارتهم متوقعة، ونتج عنها تنامي الدعوة إلى تغيير رئاسة مجلس الأمة.

هي ليست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة، التي يتنافس فيها نائب أو أكثر على مقعد الرئاسة، لكنها هذه المرة تختلف في زخمها وتراكماتها وتناميها. الجيد في الأمر أن تلك المعركة ستنتهي يوم 15 ديسمبر، وسيعود المجتمع ليتعامل مع "كورونا" وغير "كورونا"، وإلى عاداتنا القديمة/ الجديدة، فاز من فاز وخسر من خسر.

الأهم من كل ذلك هو مدى تأثير ذلك على كيفية الخروج من المأزق الذي تعيشه البلاد، وقدرة البرلمان والحكومة على التصدي للملفات الطاحنة، واستعادة الثقة المفقودة شعبياً. ستتضح معالم ذلك بتشكيل الحكومة، الذي سيعلن اليوم الاثنين. هل ستبقى الحكومة على شاكلتها، محاصصة لا علاقة لها بأي شيء آخر، وهل ستتوسع في توزير النواب، وتتوسع في توزير المرأة؟

الإشكالية الأخرى تكمن في موقف الحكومة، هل ستشارك في التصويت على الرئاسة ومكتب المجلس؟

استناداً إلى الأعراف السياسية، فإن على مرشح الرئاسة أن يضمن دعم الحكومة بأصواتها الـ 16، وهي مسألة حساسة بالنسبة لأي حكومة.

ومع اعتراضي على مجلسي 2013 و2016 لفسادهما التشريعي بالدرجة الأولى، إلا أن المسؤولية مشتركة ويتحملها الطرف الأقوى في المعادلة السياسية، وهي الحكومة، فهي القادرة على الهيمنة متى شاءت، أما إن لم تشأ، فربما تترك الأمر للمجلس، والأمثلة على ذلك كثيرة.

في تاريخ المسيرة السياسية الدستورية القصير عندنا، هناك محاولات للمقارنة، كالقول مثلاً إن "الحراك" شبيه بـ"ديوانيات الاثنين"، وهو تشبيه بعيد عن واقع الحال، إلا أن اختلافهما لا يعني بالضرورة أن أحدهما أفضل من الآخر، فلكل شخصيته وبنيته ومسبباته وسياقاته. كذلك قيل بتشابه نتائج انتخابات 2020 بمجلس فبراير 2012، "مجلس الأغلبية"، وهو تشبيه لا يستند إلى واقع الأشياء.

كان مؤسفاً مثلاً أن يدشن ذلك المجلس، بكل من فيه من حصيفي السياسة، عهده بإصدار قانون إعدام المسيء، بحماس مطلق، وكردّ فعل غير مقبول في التشريع، وبشبه إجماع، ودعم حكومي، فكان أن ردّه صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد، رحمه الله، وإلا لكان عدد من المسجونين بقضايا الرأي الآن مهددين بمقصلة الإعدام.

ستبقى المسألة السياسية مرتبطة بموازين القوى، المختلة لمصلحة الحكومة، السلطة، التي لا تعارض تغيير الأشخاص، أيا كان مركزهم، مادام ذلك لا يؤثر على مصالحها، والحديث في ذلك يطول أكبر من المقال.

والأهم من الأشخاص هو تدشين عملية عاجلة وناجعة لانتشال البلاد من حالة الانحدار السريع للهاوية، ولإنقاذ سفينة البلاد من الأمواج المتلاطمة، إلا أنها عملية لم تتضح رؤية هلال عيدها بعد.

أ. د. غانم النجار

back to top