أولاً وأخيراً: الأمطار تعري فساد المسؤولين

نشر في 11-12-2020
آخر تحديث 11-12-2020 | 00:02
 مشاري ملفي المطرقّة في كل عام وقبل بداية فصل الشتاء وموسم سقوط الأمطار نسمع تصريحات براقة من المسؤولين تؤكد الاستعداد والجاهزية لمواجهة الأمطار، وأن الشوارع والطرق تمت صيانتها، ولن تغرق مرة أخرى كما حدث في السنوات الماضية، ولكن على أرض الواقع ومع زخات الأمطار نرى الكويت وقد تحولت إلى برك من المياه، ونرى أسقف المدارس وبعض المصالح الحكومية وقد انهمرت منها مياه الأمطار لنكتشف أننا أمام قضية فساد لا تنتهي طالما لا يحاسب المقصرون، وأن كل ما يقال عن الإصلاحات مجرد فقاعات.

وفي كل مرة تغرق فيها شوارع الكويت نرى فزعة من الوزراء والمسؤولين الذين يكتشفون أن تصريحاتهم عن الاستعداد للأمطار لم تكن في محلها وأنهم خدعوا الشعب مرات كثيرة، فيحاولون معالجة الأمر من خلال النزول والقيام بجولات تفقدية للشوارع والطرقات الغارقة بالمياه لمجرد «الشو الإعلامي» وذر الرماد في العيون دون أن يكون بأيديهم القدرة على أن يفعلوا شيئاً على أرض الواقع رغم أنهم يملكون كل الصلاحيات وكان بإمكانهم تجنيب البلاد الغرق وحل هذه المشكلة التي تتكرر بالسيناريو نفسه في كل مرة تسقط فيها الأمطار.

وفي كل عام أيضاً عندما تغرق الكويت في شبر ماء يسارع المسؤولون إلى الإعلان عن تشكيل لجنة طارئة لتقصي الحقائق للبحث في أسباب غرق الشوراع وتحديد أوجه القصور في شبكة تصريف الأمطار ويؤكدون ويتوعدون بأنه لا تهاون في اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق أي طرف أو شركة يثبت تقصيرها، وأنه سيتم إحالتها للجهات الرقابية والقانونية، ولكنهم في الحقيقة فعلوا الأمر نفسه في السنوات الماضية، وعرفوا أوجه القصور ومكامن الخلل، ولم يعالجوها ولم يحاسبوا المقصرين كما يجب أن يكون بطريقة رادعة تنهي الأزمة ولا تجعلها تتكرر بالسيناريو نفسه تقريباً وبالفساد نفسه الذي يزكم الأنوف ويفقد الناس الثقة بالمسؤولين.

إن غرق الكويت كل عام بمياه الأمطار يعري ويفضح الفساد الذي استشرى في بلادنا وأصبح مثل السرطان ينهش إصلاحاتنا وإنجازاتنا ويعيدنا إلى الخلف خطوات كلما تقدمنا إلى الأمام خطوة، فعلى سبيل المثال عقود صيانة الطرق والمدارس والمباني الحكومية التي تغرقها زخات الأمطار في ساعات هي عقود سارية المفعول طوال العام، وتنفق عليها الحكومة مبالغ طائلة دون جدوى، الأمر الذي يترك العديد من علامات الاستفهام حول الصمت عن هذا الفساد، فلمَ لا يحاسب المسؤولون عن هذا التقصير والإهمال؟! ولماذا لا نضع أيدينا على أسباب المشكلة ونعالجها بشكل جذري لا بالمسكنات وتشكيل اللجان التي لا تغني ولا تسمن من جوع؟! ولماذا لا نستفيد من أخطائنا ونتعلم الدروس من تجاربنا؟!

الكويت تستحق منا الكثير ونأمل مع مجلس الأمة الجديد أن نرى عهداً جديداً يحارب الفساد بالأفعال لا الأقوال، وأن ينهض بالبلاد ويراعي المصالح العامة أكثر من الشخصية. والله الموفق والمستعان.

مشاري ملفي المطرقّة

back to top