التفاؤل بالسقوط أكثر من النجاح!

نشر في 09-12-2020
آخر تحديث 09-12-2020 | 00:20
 أ.د. غانم النجار في حديث ما بعد الانتخابات ونتائجها، وما سبقها من مسحة تفاؤل بالقيادة السياسية الجديدة، كان المشهد الغالب هو "الفرح المشوب بالحذر" لسقوط حفنة مؤثرة من نواب مجلس ٢٠١٦، أكثر من فوز نواب جدد، أو قدامى جدد، وذلك ربما للإحباط المتأصل أكثر من وعي زائد.

هناك استحقاقان قادمان سيحددان بواكير المرحلة القادمة، وهما التشكيل الحكومي، وانتخابات الرئاسة، والتي استعر أوارها مبكراً، بتصريحات وتصريحات مضادة واجتماعات الدواوين.

فإن جاء التشكيل الحكومي باهتاً دون ملامح، "فلا طبنا ولا غدا الشر"، أما انتخابات الرئاسة، وأياً كانت النتيجة، فسيكون للحكومة دور حاسم، حيث إنها الحزب الوحيد في مجلس الأمة بأعضائه الـ١٦، ونادراً ما تتخذ الحكومة موقفاً محايداً في تصويت الرئاسة، كما حدث في ١٩٩٢ مثلاً، تاركة حرية التصويت للوزراء.

ويتجاوز الاستحقاقان الناحية الإجرائية، بل إنهما جزء أساسي من العملية السياسية، وقد تكشفان عن المستقبل القادم من عمر المجلس.

الأهم هو ما بعد الانتهاء منهما، وأن تكون الرسالة التي على الحكومة والمجلس أن يدركاها، أن هناك إحباطاً وانعداماً للثقة وخوفاً سائداً، من تكرار ذات الممارسة، ولذا صار لا بدّ من بذل كل الجهود لإجراء تفاهمات واسعة بين النواب أنفسهم من جانب وبين الحكومة من جانب آخر.

لقد بات ضرورياً أن تستوعب الحكومة والنواب أن المطلوب منهم أن يتعاملوا بطريقة مختلفة، كحالة طوارئ، في سبيل إخراج البلاد من مستنقعات، فاضت مجاريها، وأنهكت البلاد والعباد، مما يفرض حاجة لآليات جديدة للخروج منها بمائها الآسن، بعيداً عن البلاغيات الإنشائية، التي يرددها النواب في معرض ردودهم على الخطاب الأميري، لتصبح أوراقاً لا تسمن ولا تغني من جوع.

لا بدّ من استغلال فرص التغيير، والخروج من حالة الدلع، والاسترخاء النيابي والحكومي، فنحن مقبلون على أوضاع اقتصادية صعبة، وفساد مستشرٍ، في التشريع وغيره، وإدارة تنفيذية مترهلة، ولا يمكن التصدي لتلك الملفات إلا بوضع صيغ تنفيذية قابلة للقياس الحقيقي، دون عبث أجهزة التخطيط المملة، بل بالتعاون الجاد بين السلطتين للخروج من حفر عميقة من الصعب ردمها.

تكشف لنا تجاربنا التاريخية أننا أساتذة ومحترفون في إضاعة الفرص الذهبية التي تحلّ علينا، ونراهن على الزمن كثيراً لحل المشاكل، حتى يصبح الحل أكثر كلفة، وأكثر تعقيداً، ونضيع الوقت في الجدل العقيم، وهي عاهة مستديمة، تحتاج إلى علاج ناجع، ماذا وإلا، فإن الإحباط سيتراكم ويحدث الانهيار المتوقع.

back to top