هل اغتيل محسن فخري زاده عن بُعد أم تعرَّض لكمين مسلح؟

الكويت ودول عربية والصين وروسيا تدين الهجوم وتدعو إلى ضبط النفس

نشر في 01-12-2020
آخر تحديث 01-12-2020 | 00:05
تعددت الروايات حول اغتيال محسن فخري زاده العالم النووي العسكري رقم 1 في إيران، لكنها أجمعت على أن الهجوم المعقد هو اختراق أمني كبير، سواء تم عبر طائرات درون أم بواسطة شاحنة يتم التحكم بها عن بُعد أو بطريقة تقليدية عبر مسلحين فجروا سيارة مفخخة ثم أمطروا موكب العالم برصاص أسلحتهم الرشاشة.
لاتزال طريقة اغتيال العالم الإيراني النووي محسن فخري زاده غامضة وربما تبقى كذلك عدة أعوام مقبلة، بالدرجة الأولى بسبب الاعتبارات الأمنية والسياسية الإيرانية، ثم بسبب الأسلوب المعقد لهكذا نوع من العمليات والذي يحتاج الى تحقيقات طويلة للخروج باستنتاجات أكيدة وتحييد عوامل التضليل التي عادة ما يلجأ اليها المنفذون لإخفاء آثارهم أو تحويل الأنظار وحرفها باتجاه آخر.

وعلى المستوى الرسمي الإيراني، برزت روايتان متناقضتان، الأولى للحرس الثوري ووسائل إعلامه تقول إن الهجوم نفذ إلكترونياً بالكامل، وانه لم يكن هناك مسلحون، بينما الرواية الرسمية التي ترددها وكالات الأنباء التابعة للحكومة، تقول إن إرهابيين نفذوا كميناً للعالم النووي البارز.

وكانت أطراف النظام تبادلت الاتهامات منذ اليوم الأول حول المسؤول عن الخرق الأمني، هل وزارة الاستخبارات أم الحرس الثوري؟ وعلى مستوى آخر، هل سياسة حكومة حسن روحاني في التمسك بالاتفاق النووي هي التي أوصلت الى اغتيال العملاء النوويين؟

وكانت تقارير أولية أفادت بتفجير سيارة مفخخة على طريق موكب فخري زاده قرب مدينة آبسرد لدفعه الى التوقف، تبعه هجوم شنه مسلحون برشاشات تمكنوا من قتل المسؤول في وزارة الدفاع الإيرانية والفرار.

وأثارت هذه التقارير غضب وانتقادات إيرانيين اعتبروا أن وقوع الحادث بهذه الطريقة خرق أمني كبير وفشل للأجهزة الامنية الإيرانية التي كان من المفترض انها في حالة تأهب وسط التقارير عن احتمال شن واشنطن وتل ابيب هجوماً على ايران او استهداف برنامجها النووي.

لكن وكالة أنباء «فارس» المقربة من الحرس الثوري نشرت رواية مختلفة، مشيرة الى أن شاحنة برشاش يعملان عن بعد وراء الاغتيال، نافية وجود أي مهاجمين.

وبحسب تقرير «فارس» فقد توجهت السيارة المضادة للرصاص التي تقل فخري زاده وزوجته صباح الجمعة الماضي بموكب مؤلف من 3 سيارات حماية من مدينة رستمكلاي بمحافظة مازندران نحو مدينة ابسرد في منطقة دماوند.

وأورد التقرير أن «السيارة الرائدة لفريق الحماية انفصلت عن الموكب على بعد بضعة كيلومترات من موقع الحادث، بهدف التحقق ورصد اي حركة مشبوهة في المكان المحدد في مدينة آبسرد، وفي تلك اللحظة، تسبب صوت بضع رصاصات استهدفت السيارة في لفت نظر فخري زاده وايقاف السيارة. وخرج زاده من السيارة معتقدا أن الصوت ناتج عن اصطدام بعائق خارجي أو مشكلة في محرك السيارة».

وتابع التقرير: وفي هذه اللحظة قام مدفع رشاش آلي يجري التحكم به من بعد منصوب على سيارة نيسان (شاحنه صغيرة) كانت متوقفة على بعد 150 مترا من سيارة الشهيد باطلاق وابل من الرصاص على فخري زاده الذي أصابته رصاصتان في خاصرته وظهره ما أدى إلى قطع نخاعه الشوكي. وفي غضون ذلك، قفز رئيس فريق الحماية ليوقي جسد الشهيد من الرصاص فأصابت عدة رصاصات جسده وبعد لحظات، تم تفجير نفس السيارة بيك اب من نوع نيسان المتوقفة عن بعد. ونقل جثمان فخري زاده الجريح إلى المستوصف ومن هناك بطائرة مروحية إلى مستشفى في طهران حيث توفي بعد فترة.

وشددت «فارس» نقلا عن مراسلها أنه «في هذه العملية التي استغرقت قرابة 3 دقائق، لم يكن هناك عامل بشري في مكان الاغتيال، ولم يتم إطلاق النار إلا بأسلحة آلية ولم يصب اي احد جراء الحادث سوى فريق الحماية». ولفتت الى أن «التحقيق في هوية صاحب السيارة النيسان بين أنه غادر البلاد في 29 نوفمبر من العام الجاري».

وبحسب «فارس»، فإن فخري زاده كان على قائمة اغتيالات اسرائيل و«جماعات إرهابية» لما يقرب من 3 عقود، وجرى في السنوات الأخيرة إحباط عدة عمليات تستهدفه.

صناعة إسرائيلية

بدورها، نقلت قناة «العالم» الايرانية الممولة حكومياً، عن «مصدر مطلع» أن الأسلحة المستخدمة في اغتيال فخري زاده، صناعة إسرائيلية وتم التحكم بها عبر الأقمار الاصطناعية. وأوضح المصدر أن «العناصر المعادية للثورة الإسلامية دائماً يلعبون دوراً لوجستياً في تنفيذ عمليات الاغتيال التي يرتكبها الكيان الصهيوني في إيران».

اما تلفزيون «برس» الإيراني الناطق بالإنكليزية فأشار الى أن «السلاح الذي انتشل من موقع الاغتيال يحمل شعار ومواصفات الصناعة العسكرية الإسرائيلية».

على مستوى رسمي، قال أمين المجلس الاعلى للامن القومي الايراني علي شمخاني خلال مراسم دفن العالم النووي والدفاعي الايراني البارز، إن أجهزة الاستخبارات الإيرانية كانت قد توقعت احتمال حدوث ومكان عملية الاغتيال وعززت اجراءات الحماية اللازمة الا أن «العدو استخدم أسلوباً جديداً ومختلفاً تماماً هذه المرة». وقال شمخاني إن خدمات فخري زاده رئيس قسم الابحاث والابداع في وزارة الدفاع «لا يمكن تبيانها ولقد كان العدو يسعى لاغتياله منذ 20 عاماً».

وأوضح شمخاني أن الاغتيال الذي نُفذ قرب طهران، كان عبارة عن «عملية معقدة استخدمت فيها أجهزة إلكترونية، ولم يكن ثمة أي شخص في المكان»، من دون أن يقدم تفاصيل إضافية بشأن ذلك. وأضاف: «استخدم العدو أسلوبا جديدا بالكامل، واحترافيا».

وكانت مواقع عربية قالت إن تفاصيل عملية اغتيال فخري زاده تحاكي سيناريو فيلم هوليوودي، متحدثة عن ضلوع 5 عناصر من وحدة «كيدون» في جهاز «الموساد» جميعهم اسرائيليون بالعملية، ومضيفة أن

12 عنصرا شارك في التخطيط والاسناد والتنفيذ مكثوا في إيران أشهرا عدة.

ولفت التقرير الى مشاركة طائرة درون للتشويش على اتصالات موكب فخري زاده واستخدام المنفذين أجهزة اتصال خاصة تعمل بواسطة الأقمار الصناعية لتجاوز تعقب اتصالات الحرس الثوري لهم.

وقالت الرواية إنه تم تفجير سيارة مفخخة لوقف الموكب ثم تدخلت القوة الضاربة المكونة من أربعة عناصر وقتلت العالم الايراني في سيارته ثم فر المنفذون على متن سيارة رباعية الدفع تحمل لوحة أرقام تابعة للحرس الثوري وخلال أقل من ست ساعات كانوا قد عبروا حدود ايران إلى دول أخرى قريبة.

إدانات

أعربت وزارة الخارجية الكويتية، أمس، عن إدانتها حادث الاغتيال الذي تعرض له العالم النووي الايراني محسن فخري زاده في طهران.

وأكدت "الخارجية"، في بيان، "موقف الكويت الثابت في رفض كل أعمال العنف مهما كانت دوافعها ورفضها ايضا لكل ما من شأنه زيادة التوتر وتقويض الاستقرار في المنطقة"، معربة عن تعازيها ومواساتها ‏للجمهورية الإسلامية الإيرانية.

وفي بيروت، دانت وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية، أمس، «جريمة اغتيال» فخري زاده، داعية «جميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس تفاديا للانزلاق نحو السيناريو الأسوأ في المنطقة».

ومساء أمس الأول، دانت كل من الامارات وسلطنة عُمان والعراق والأردن الهجوم لتنضم بذلك الى قطر التي كانت اول من تقدم بالتعزية لطهران.

إلى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية الروسية، أن موسكو تدين بشدة اغتيال فخري زاده، ورأت أنه يهدف إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة.

وفي بيان لها، أعربت الوزارة عن قلق موسكو البالغ إزاء «الطابع الاستفزازي لهذا العمل الإرهابي، الهادف بشكل واضح إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة، وجعل الأجواء فيها أكثر توتراً».

وأكد البيان أن «هؤلاء الذين وقفوا وراء هذا الاغتيال، وحاولوا استخدامه لتحقيق لمصالحهم السياسية، يجب أن يتحملوا مسؤولياتهم»، داعيا «جميع الأطراف إلى الامتناع عن خطوات من شأنها أن تتسبب في تصعيد التوتر».

بدورها، أدانت الصين الاغتيال ووصفته بـ«العمل الإجرامي العنيف». وأضافت: «جميع الأطراف يجب أن تعمل معاً لتهدئة التوتر الإقليمي الحالي والحفاظ على السلام والاستقرار».

back to top