«جحيم» في محيط عاصمة تيغراي وآبي ينفي وجود «تحيز عرقي»

الصراع يفجر توتراً جديداً بين أديس أبابا والقاهرة

نشر في 19-11-2020
آخر تحديث 19-11-2020 | 00:02
إثيوبية داخل مخيم للفارين من القتال في تيغراي بكسلا شرق السودان أمس (رويترز)
إثيوبية داخل مخيم للفارين من القتال في تيغراي بكسلا شرق السودان أمس (رويترز)
توعد قادة «جبهة تحرير شعب تيغراي» قوات الحكومة الإثيوبية الاتحادية، التي بدأت زحفاً برياً باتجاه ميكيلي، عاصمة إقليم تيغراي، بمواجهة جحيم. وقال الحكام المحليون للمنطقة المتمردة في شمال البلاد إنهم لن يستسلموا أبدا للقوات الاتحادية، وسيهزمونها قريبا، مع استمرار القتال على عدة جبهات منذ أسبوعين.

وذكرت الحكومة المحلية، في بيان مطول، بشأن حالة الحرب التي تهز إثيوبيا ومنطقة القرن الإفريقي، «تيغراي هي الآن جحيم لأعدائها».

ونفى دبرصيون جبرميكائيل، الرئيس المنتخب لتيغراي في انتخابات لا تعترف بها أديس أبابا، اتهام الحكومة الاتحادية لقواته بتدمير جسور تصل ميكيلي ببقية البلاد، في محاولة لوقف تقدم القوات الحكومية صوب المدينة، إلا أنه أكد تراجع قواته وتغيير خط دفاعها.

طمأنة ويأس

في غضون ذلك، تقدمت قوات المشاة التابعة لحكومة رئيس الوزراء آبي أحمد، المتحدر من عرقية الأورومو، صوب ميكيلي، بعد يوم من إعلانه انتهاء مهلة 3 أيام لاستسلام قوات تيغراي والميليشيات المتحالفة معها.

وأفادت مصادر بالقوات الاتحادية بأنه تم الاستيلاء على محاور متعددة في ضواحي مدينة الماطا، بعد معارك اخترق فيها الجيش تحصينات «جبهة تيغراي» رغم التضاريس الصعبة في الإقليم المتاخم لإريتريا والسودان. وقال العقيد في الجيش ديجني صقاي إنه تم أسر العديد من جنود «جبهة تيغراي»، واستعادة كميات كبيرة من الأسلحة.

في موازاة ذلك، قالت لجنة الطوارئ الحكومية، المشكلة للتعامل مع الأزمة، «الحكومة الاتحادية تشجب بأقوى العبارات التوصيف الخاطئ للعملية بأن لها أي انحياز عرقي أو أي انحياز آخر».

وحاول مكتب آبي تهدئة المخاوف الدولية، قائلا في بيان إن «عمليته لإنفاذ القانون» تستهدف قيادة «جبهة تيغراي»، وذكر البيان ان «أهالي تيغراي سيكونون أول المستفيدين» من العملية، فيما تعهد مسؤولون حكوميون كبار بإتمامها في غضون أيام.

لكن الحكومة الاتحادية الإثيوبية كانت تعد بإنهاء سريع للقتال منذ البداية تقريبا، وتظهر المنظمات الإنسانية والخبراء وحتى حكومة الولايات المتحدة علامات على اليأس. وقالت السفارة الأميركية، في بيان مقتضـــب، مســــــــاء أمــــــس الأول، «لا نـــعــــــرف ما إذا كانت ستكون هناك جهود نقل إضافية للسكان بتنسيق من الأمم المتحدة خارج تيغراي أم لا، وننصح المواطنين الأميركيين الذين لا يستطيعون مغادرة تيغراي بأمان أن يحتموا في مكانهم».

وفي وقت تحدثت تقارير عن محاصرة أكثر من ألف مواطن من الولايات المتحدة ودول أخرى في تيغراي، إلى جانب الجزء الأكبر مـــــن سكان الإقليم البالغ عددهم 6 ملاييــــن نسمــــة، أعـلــــن عـــــن إجلاء 9 إسرائيليين كانوا عالقين بمناطق القتال. وفي وقت سابق، انتقد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أمس الأول، قادة تيغراي لدورهم في النزاع العسكري، مرحبا بـ«ضبط نفس» اريتريا المجاورة التي استهدفتها صواريخ «جبهة تيغراي».

جوع وخوف

إلى ذلك، يعاني الناس من الجوع في الإقليم الذي يقع شمال إثيوبيا، حيث تم إغلاق الطرق والمطارات والبنوك، بينما ينتشر الجراد الذي يقضي على المحاصيل. ووفقا لتقييم داخلي أجرته إحدى المنظمات الإنسانية، فإنه «لم يتبق سوى القليل جدا في هذه المرحلة، حتى لو كان لديك المال».

وقال التقييم، الذي استند إلى معلومات من زميل تمكن من الخروج، إن الناس «سيبقون في مكانهم، فلا يوجد مكان في تيغراي يختلف فيه الوضع، كما لا يمكنهم العبور إلى المناطق الأخرى في إثيوبيا بسبب الخوف مما قد يحدث لهم». ومنذ أكثر من أسبوع، تحذر الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الأخرى من كارثة واسعة.

وتخوض القوات الاتحادية قتالا منذ أسبوعين مع قوات تيغراي، أودى بحياة المئات على الجانبين، وهز منطقة القرن الإفريقي، وأثار احتكاكات عرقية في مناطق أخرى بإثيوبيا، وتسبب في فرار نحو 30 ألفا إلى السودان وتعرض عاصمة إريتريا للقصف من قبل جبهة تيغراي، التي تتهم أسمرة بمساندة أديس أبابا على عدة جبهات.

وأبلغ سكان من تيغراي فروا إلى السودان ان «ميليشيات من إقليم أمهرة المجاور هاجمتهم لاعتبارات عرقية، وان الغارات الجوية الحكومية تقتل مدنيين»، وهو ما تنفيه حكومة آبي، ويمثل سكان تيغراي 5 في المئة من إجمالي سكان البلاد، وهيمنت جماعتهم العرقية على القيادة السياسية في البلاد منذ 1991 حتى 2018.

توتر جديد

في هذه الأثناء، دخلت العلاقات المصرية - الإثيوبية في منعطف أزمة جديدة مع تواصل تعثر مفاوضات سد النهضة، تتعلق بتصعيد القاهرة دوليا لحفظ حقوق مستثمريها في أديس أبابا، التي تأثرت مؤخرا جراء الصراع الذي يشهده إقليم تيغراي.

وشكلت 10 ملايين دولار خسرها المستثمرون المصريون في إثيوبيا حتى الآن، مع اشتداد معارك تيغراي، أزمة جديدة في ظل توجه القاهرة نحو رفع دعوى قضائية ضد الحكومة الإثيوبية أمام التحكيم الدولي، للحصول على تعويضات عاجلة وحفظ بقية استثماراتها المهددة.

back to top