أولاً وأخيراً: أخطر أيام في تاريخ أميركا

نشر في 13-11-2020
آخر تحديث 13-11-2020 | 00:05
 مشاري ملفي المطرقّة منافسة حامية الوطيس شهدتها المعركة الانتخابية بين الرئيس الأميركي الحالي الذي ستنتهي ولايته في يناير المقبل دونالد ترامب والرئيس المنتخب جو بايدن الذي انتزع فوزا غالياً أعاد به الحزب الديمقراطي إلى الواجهة من جديد، بعد أن فشلت هيلاري كلينتون في هزيمة ترامب في انتخابات 2016، ورغم أن الأميركيين والعالم كله أصبح لديه قناعة تامة بفوز بايدن بالرئاسة فإن الحرب بين المتنافسين وحزبيهما لم تضع أوزارها بعد، حيث يرفض ترامب الاعتراف بنتائج الانتخابات بحجة أنها زورت وسرقت، وفي المقابل بدأ بايدن تشكيل فريقه الرئاسي استعداداً لتسلم السلطة بأي شكل، وبالتالي تبقى الأوضاع ملتهبة وساخنة ومهددة بالتصعيد، وربما يتطور الأمر إلى حرب أهلية في الدولة التي تقود العالم، وتعلمه الديمقراطية وتصدرها له على مدار العقود الماضية.

وإذا نظرنا إلى ما يفعله الرئيس ترامب من حيث رفضه الاعتراف بالهزيمة، وعدم قبوله بالأمر الواقع، وإصراره على اللجوء إلى الانتخابات فإن ذلك يضع القوى العظمى الأولى في العالم على مفترق طرق، فإذا قلنا إن ترامب سيتقبل في النهاية النتائج ويسلم السلطة ويترك البيت الأبيض فإن المدة المتبقية له والتي تصل إلى أكثر من شهرين يمتلك فيها كامل الصلاحيات لاتخاذ قرارات خطيرة على مستوى السياسة الداخلية والخارجية، لدرجة أن مسؤولين في البنتاغون يتخوفون من إقدامه على الدخول في حرب وشن عمليات عسكرية ضد إيران أو خصوم آخرين، خصوصاً بعد إقالته وزير الدفاع الذي كان على خلاف معه لعدم طاعته له في تنفيذ رغباته، وربما يقدم أيضاً على اتخاذ قرارات تقوض عمل الرئيس المنتخب بايدن.

والأمر اللافت فيما يحدث على الساحة الأميركية الآن أن تأثيرها انعكس بشكل كبير على عالمنا العربي، فوجدنا كالمعتاد حالة من الانقسام والانتقام، فهناك من يطبل لفوز جو بايدن بمنصب الرئيس ويعتبره المخلص الذي سيساعده في تنفيد أجندته وتحقيق أحلامه، وهناك من يتباكى على خسارة دونالد ترامب على اعتبار أنه كان صادقاً في وعوده وينفذها، وكان حاسماً في عدد من ملفات المنطقة ضد إيران وتيار الإسلام السياسي، ورغم شماتة المؤيدين لبايدن في أنصار ترامب فإن الطرفين بالتأكيد يدركان أن مصالح أميركا هي التي تحكم سياستها الخارجية، وأن الأسماء أو الانتماءات الحزبية لا تفرق خصوصاً عندما يتعلق الأمر بقضايا الشرق الأوسط وعلى رأسها فلسطين.

ولم يقتصر الانقسام على الداخل الأميركي بين مؤيدي ترامب وبايدن إنما امتد إلى قادة دول العالم، ففي الوقت الذي سارع فيه عدد من زعماء العالم إلى تهنئة الرئيس المنتخب بايدن، وتطلعوا إلى تعزيز التعاون معه، وجدنا زعماء آخرين في دول كبرى مثل روسيا والصين يتمهلون في تقديم التهاني والاعتراف ببايدن رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، انتظاراً لما ستفسر عنه الإجراءات القانونية التي تعهد ترامب باتخاذها، وهذا الأمر يؤكد أن أميركا ربما ستشهد انتقالاً سلمياً للسلطة أو أنها ستدخل في نفق مظلم، وإن حدث هذا فسيؤثر بالقطع على العالم كله في الاقتصاد والسياسة وكل مناحي الحياة في وقت نحن في أمس الحاجة للاستقرار في ظل أزمة جائحة كورونا التي ضربت جميع الدول، فاستقرار أميركا يعني استقرار العالم وغير ذلك سيؤدي إلى حدوث ما لا يحمد عقباه.

back to top