أخطاء انتخابية متكررة... ولا عزاء للمؤسسة التشريعية!

• 60 عاماً على القانون وتطوير اليوم الانتخابي مكانك راوح!
• الانتخابات تفتقد التصويت الإلكتروني وتعاني كثرة الأخطاء القضائية في إعلان النتائج
• تضارب الأحكام في بيان شرط حسن السمعة ورد الاعتبار واحتساب مدة التدابير

نشر في 10-11-2020
آخر تحديث 10-11-2020 | 00:06
من أجواء الأنتخابات السابقة
من أجواء الأنتخابات السابقة
مع مرور كل موسم انتخابي جديد تتصاعد الأصوات النيابية والسياسية والقانونية حول عدم صلاحية قانون الانتخاب الحالي، والذي صدر بالتزامن مع صدور الدستور، ويقترب وجوده من 60 عاماً، كما تُثار فكرة عدم قدرة قانون الانتخاب الحالي على مواكبة الأحداث التي تمرُّ بها العملية الانتخابية، وخاصة مع ارتفاع أعداد الناخبين، والذي كان وقت صدور هذا القانون لا يتجاوز 50 ألف ناخب، فيما يزيد عدد الناخبين اليوم على أكثر من 650 ألفا.

التصويت الإلكتروني

ومن العيوب التي استمرت تلاحق قانون الانتخاب الكويتي رقم 35 لسنة 1962، هي عدم مجاراته للتطور التكنولوجي والتقني الذي فرض نفسه على كل انتخابات برلمانية تُجرى في الدول الديمقراطية، التي يتجاوز عدد مواطنيها مقارنة بالكويت بعشرات الملايين، وكان لتصويتها الإلكتروني دور مهم وبارز في سرعة إعلانها، فضلاً عن ضبط مكونات العملية الانتخابية ومتطلباتها، والتي لا يقوى التصويت التقليدي واليدوي على تداركها دون أخطاء، خصوصا بالانتخابات البرلمانية في الكويت قبل 15 عاماً، عندما وقعت اللجان المشرفة على العملية الانتخابية في أخطاء بجمع أصوات الناخبين، وترتب عليها الإعلان الخاطئ عن فوز عدد من المرشحين بعضوية مجالس الأمة بما يخالف نتائج التصويت.

اخطاء اللجان

وبعد الطعن على تلك النتائج، ومُضي أكثر من 4 أشهر، تأتي المحكمة الدستورية لتصحح تلك الأخطاء، التي أصبحت متكررة، بعد إعلان النتائج في كل انتخابات، نتيجة الجمع الخاطئ من قبل بعض اللجان المشرفة على العملية الانتخابية، والتي أشرف عليها رجال القضاء، وفق ما تقرره أحكام قانون الانتخاب.

وتعود أسباب وقوع تلك الأخطاء إلى طول عملية الاقتراع التقليدية، التي تبدأ من 8 صباحاً حتى 8 مساءً، أو انتهاء عملية الاقتراع حتى إدلاء آخر ناخب موجود في مقار الاقتراع بصوته.

كما أن عملية الاقتراع تصاحبها عملية تدقيق تجريها اللجان المشرفة، المكونة من قاضٍ وعضو من إدارة الانتخابات بوزارة الداخلية، ويوجد ممثلون للمرشحين، وبعد الانتهاء من عملية الفرز بتلك اللجان، يتم نقل الصناديق من اللجان الفرعية إلى لجان أصلية، وتتم عملية الجمع للنتائج كافة، ورفعها إلى اللجان الرئيسية بكل دائرة، وعندها تتم عملية الجمع النهائي على المحاضر، ومن ثم يتم إعلان النتائج.

وتكرار عملية الجمع لثلاث مراحل على المحاضر المُعدَّة من اللجان الفرعية، ثم الأصلية، بالرئيسية، ومن دون توقف، فضلاً عن تلقي الاعتراضات المعتادة والمقدَّمة من المرشحين، وسط إشراف دقيق على مقار الاقتراع والتدقيق على الناخبين، وغيرهم من كبار السن، هي مسؤوليات بلا شك دقيقة وكبيرة، لاسيما وسط ارتفاع عدد الناخبين المقبلين على مقار الاقتراع في يوم الانتخاب.

الطعون الانتخابية

كما أن إجراء عملية الانتخاب في يوم واحد، وخلال ساعات محددة، يجعل وقوع الأخطاء فيها من المسائل شبه المؤكدة والحتمية، والنتائج التي تحدثها بالتأكيد قد لا تعبِّر عن الإرادة الحقيقية للأمة، لكونها قد تعلن في حينها أسماء مرشحين ليسوا الفائزين بالانتخابات، ولا يتم ذلك الإعلان الصحيح إلا بعد الانتهاء من الطعون الانتخابية التي تفصل بها المحكمة الدستورية، وذلك الإعلان من المحكمة الدستورية لا يتم إلا بعد أن يعقد المجلس المنتخب جلساته، ويتخذ العديد من قراراته المهمة، والتي لا يمكن للنواب الفائزين من قبل المحكمة الدستورية اللحاق بها أو المشاركة فيها، والتي قد توصم قرارات المجلس تلك بشائبة عدم التعبير الحقيقي عن إرادة النواب المشاركين خلال تلك الفترة من عُمر المجلس، ولو كانت لأشهر بسيطة.

وفي كل عام انتخابي تُثار أهمية إقرار التصويت الإلكتروني، من خلال توفير منصات مخصصة، كالتي تُستخدم في عملية الاقتراع، إلا أن هذا الحل لم يُكتب له الإنجاز هذا العام، كالأعوام الانتخابية السابقة، رغم إدراك المؤسسة التشريعية لأهميته، وعلمها المسبق أنها على موعد قريب مع الانتخابات، بسبب انتهاء عُمر المجلس بمرور أربع سنوات كاملة عليه، ومع ذلك لم تبذل الجهود التشريعية نحو إقرار هذا المطلب المهم، خصوصاً في ظل الأوضاع التي يمرُّ بها العالم، نتيجة جائحة كورونا، والتي فرضت على العالم أجمع التعامل الإلكتروني عن بُعد، بسبب ما يحدث من اختلاط الناخبين خلال العملية الانتخابية، وهو الأمر الذي كان يتعيَّن على المشرِّع الكويتي إدراكه والالتفات إليه، لاسيما أنه سبق للمجلس عقد العديد من الجلسات وسط الاشتراطات الصحية وإصدار العديد من التشريعات، الأمر الذي يقطع بأن قانون الانتخاب الكويتي لا يمثل أولوية لدى المؤسسة التشريعية، رغم ما يمثله هذا القانون من أهمية كبيرة للعملية الانتخابية، وسط الأوضاع الصحية العصيبة التي تمرُّ بها البلاد في مواجهة جائحة كورونا، وما كان يتطلبه الحال من إقرار التصويت الإلكتروني، الذي اندفعت نحوه العديد من الأمم منذ سنوات طويلة، واستقرت برلماناتها على صحة نتائجه، وبات من دعائم العملية الانتخابية واستقرارها وسلامتها من أي شوائب.

شروط الترشيح

وليست إجراءات اليوم الانتخابي وحدها هي المقلقة تجاه التعبير الحقيقي عن إرادة الناخبين، في ظل إجراءاتها مع جائحة كورونا فقط، ولا حتى النتائج التي ستؤول إليها تلك الانتخابات، والتي ستكون بطبيعة الحال عُرضة للطعن أمام المحكمة الدستورية كأي نتائج تظهر بعد نهاية كل موسم انتخابي. بل ما يثير الأمر، هو خشية التوسع في إقرار شروط تقصي الناخبين والمرشحين عن ممارسة حقهم الانتخابي، بخلاف الشروط الواردة حصراً بقانون الانتخاب، أو بنص المادة 82 من الدستور.

ومثل هذا التوسع الذي تمارسه اللجان المشرفة على فحص شروط الترشيح لانتخابات مجلس الأمة قد يقود إلى حرمان العشرات من المرشحين على سند قول بعض الأحكام القضائية بتلك الشروط، دون سند صريح ومباشر من قانون الانتخاب، أو حتى لحكم المادة 82 من الدستور المحددة لها، ما يجعل حق الترشح للانتخابات عُرضة للاجتهاد القضائي، وسط حالة عدم استقرار الأحكام القضائية في بعض الحالات.

تضارب الأحكام

ومن بين تلك الشروط المقررة قضائيا، شرط حسن السمعة، الذي اختلف حوله القضاء المصدر له، والذي انتهى في الطعن رقم 8 لسنة 2008 بتقريره، والتأكيد عليه، ثم التحفظ عنه من ذات القضاء الدستوري بطعون انتخابية لاحقة، فضلاً عن اعتبار قضاء محكمة التمييز لجرائم، كالإدانة بإساءة استعمال الهاتف، تفقد المرشح شرط حسن السمعة، فيما لم ترَ ذات المحكمة بطعن آخر توافر هذا الشرط وبذات الجريمة على مرشح آخر.

والحال كذلك يكمن في اعتبار القضاء الدستوري بأن المدة المحددة للتعهد لحسن السلوك في الطعن الذي أقيم على النائب السابق خلف دميثير في عام 2013 هي بفوات المدة المقررة للسماح له بالترشح مجدداً، وبزوال تلك التدابير، ومن دون إلزامه بعد انتهاء مدة تلك التدابير بضرورة رد الاعتبار القانوني أو القضائي الوارد بحكم المادة الثانية من قانون الانتخاب له، في حين أكد قضاء محكمة التمييز بطعون أخرى ضرورة الانتهاء من مدة رد الاعتبار.

الاقتراع

لذلك، كان يتعيَّن على المشرِّع الكويتي أن يسارع إلى تعديل قانون الانتخاب، بهدف ضبط النصوص الواردة في المادة الثانية منه، لاسيما في ظل التناقض الذي أفرزته التعديلات التشريعية في القانون رقم 24 لسنة 2016 بشأن عدم ربط المدانين بجرائم الإساءة إلى الذات الإلهية والأنبياء والذات الأميرية برد الاعتبار، وجعل هذا الحرمان بصورته الحالية حرماناً أبدياً يتعارض مع أحكام الدستور، لكونه يحرم المواطنين من ممارسة حقوقهم على نحو دائم وأبدي، بما يفقدهم إحدى صور المواطنة.

ومثل ذلك الحرمان ليس قاصرا على القرارات التي تصدرها اللجان المشرفة على فحص طلبات الترشح بحرمان عدد من المرشحين، بما يصم بعض تلك القرارات بالمخالفة لأحكام قانون الانتخاب والدستور، بل تتسبب تلك القرارات في إرباك المحاكم الإدارية، حيث ضرورة نظرها عند الطعن عليها، وتحديد جلسات لنظر تلك الدعاوى، وعرضها على القضاء بدرجاته الثلاث في مواعيد قصيرة جدا امتدت في الانتخابات الماضية إلى اليوم الأخير لموعد الاقتراع، رغم تصاعد المطالبات القانونية والقضائية بضرورة تنظيم هذا النوع من التقاضي، ولو على درجتين، أمام دوائر إدارية خاصة ينص عليها بقانون الانتخاب، وهو الأمر الآخر الذي لم يدركه المشرِّع، رغم أهمية العملية الانتخابية وسلامتها، وحق المرشحين في كفالة حقهم بالترشح للانتخابات

ورغم أهمية تلك القضايا بالنسبة للعملية الانتخابية المقبلة، فإنها لم تحظَ باهتمام المؤسسة التشريعية، رغم الواقع السلبي الذي تشهده كل انتخابات تشريعية تمرُّ بها البلاد، ومن ثم تبرز الحاجة المُلحة للالتفات إلى هذه القضايا.

تأخر المحاكم الإدارية في الفصل بطعون الشطب يربك المرشحين

المادة الثانية من القانون تقرر حرماناً أبدياً للمدانين بجرائم الإساءة للذات الإلهية والأمير من الترشح

رغم عقد المجلس جلسات خلال «كورونا» فإنه لم يلتفت إلى إقرار قانون حديث
back to top