واشنطن تفرض عقوبات على جبران باسيل

اتهمته بـ «الفساد» و«اختلاس أموال الدولة»

نشر في 06-11-2020 | 21:50
آخر تحديث 06-11-2020 | 21:50
 جبران باسيل
جبران باسيل
أعلنت وزارة الخزانة الأميركية الجمعة عقوبات مالية على السياسي اللبناني النافذ جبران باسيل، صهر رئيس الجمهورية ميشال عون وحليف حزب الله، بسبب تورطه بـ «الفساد» و«اختلاس أموال الدولة».

وأوضحت الوزارة في بيان أن العقوبات تعني تجميد كل الأصول العائدة لباسيل في الولايات المتحدة، وطلبت من المصارف اللبنانية التي تجري تعاملات بالدولار الأميركي تجميد كلّ أصوله في لبنان.

وسارع باسيل إلى الرد على القرار الأميركي عبر «تويتر»، قائلاً إن العقوبات «لا تخيفه».

ويعد باسيل (50 عاماً) من أكثر الأشخاص قرباً من عون الذي يعتبره بمثابة وريثه السياسي، وهو رئيس التيار الوطني الحر الذي يتزعمه رئيس الجمهورية، وحليف وثيق لحزب الله الذي تفرض عليه الولايات المتحدة أيضاً عقوبات وتعتبره «إرهابياً».

وتأتي العقوبات في إطار قانون «ماغنيتسكي»، وهو اسم محام روسي توفي قيد الاعتقال في موسكو بعدما كشف قضية فساد، وتم إقراره في الولايات المتحدة في العام 2012 لمكافحة إفلات الأفراد والشركات من العقاب على مستوى العالم لدى انتهاكهم حقوق الإنسان أو ارتكابهم أعمال فساد.

وغرّد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أنّ «على الزعماء اللبنانيين الإصغاء لشعبهم وتنفيذ إصلاحات ووضع حد للفساد»، مضيفاً «اليوم، صنفت الولايات المتحدة جبران باسيل، وهو وزير سابق فاسد أساء استغلال مناصبه الحكومية».

وقال مسؤول في الإدارة الأميركية في مؤتمر صحافي إن جبران باسيل «استخدم نفوذه لتأخير جهود تشكيل حكومة في لبنان».

وأضاف المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه «بهذا العمل اليوم، نشجع لبنان على تشكيل حكومة من دون سياسيين معروفين بممارسة الفساد، وعلى بدء إصلاحات اقتصادية جدية».

وتابع «الشعب اللبناني يستحق أفضل من جبران باسيل».

حكومة

ويسعى رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الذي سقطت حكومته التي كان باسيل عضواً فيها، قبل سنة تحت ضغط الشارع، إلى تشكيل حكومة جديدة، ووعد بحكومة إصلاحات تساهم في حصول لبنان على مساعدات دولية موعودة توقف الانهيار الاقتصادي المتواصل في لبنان منذ أكثر من عام، وهذه المساعدات مشروطة بالإصلاحات.

وانطلقت في لبنان في 17 أكتوبر 2019 حركة احتجاجية واسعة طالبت برحيل الطبقة السياسية كاملة متهمة إياها بالفساد والعجر بعد أن وصلت البلاد إلى أوضاع اقتصادية ومعيشية مزرية، وتراجع زخم الحركة مع تفشي فيروس كورونا المستجد وتعب الناس من تمسك السياسيين بالسلطة، وفاقم الانفجار المروع الذي وقع في مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس هموم الشعب، لا سيما أن كل المؤشرات تدل على أن سببه الإهمال والفساد.

كما أشار المسؤول الأميركي إلى أن حزب جبران باسيل «مرتبط بشكل وثيق بحزب الله»، ويقيم معه «شراكة سياسية سمحت لحزب الله بتوسيع نفوذه والمساهمة في النظام الحكومي الذي فشل في تأمين حاجات الشعب اللبناني الأساسية».

وفي تعليق عبر «تويتر»، ردّ باسيل على إعلان العقوبات بالقول «لا العقوبات أخافتني ولا الوعود أغرتني، لا أنقلب على أي لبناني.. ولا أُنقذ نفسي ليَهلك لبنان».

وأضاف «اعتدت الظلم وتعلّمت من تاريخنا: كُتب علينا في هذا الشرق أن نحمل صليبنا كل يوم.. لنبقى».

وللمرة الأولى، تطال العقوبات الأميركية مسؤولاً سياسياً رفيعاً من حلفاء حزب الله المسيحيين.

وفرضت الإدارة الأميركية الشهر الماضي عقوبات على الوزير السابق في تيار المردة المسيحي المتحالف مع حزب الله يوسف فنيانوس ووزير المالية السابق علي حسن خليل من حركة أمل الشيعية برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري، أبرز حلفاء حزب الله.

وتجمع التيار الوطني الحر وحزب الله وثيقة تفاهم منذ العام 2006.

ومن الأسباب التي أوردها بيان وزارة الخزانة لفرض العقوبات أن باسيل «مسؤول أو متواطئ، أو تورط بشكل مباشر أو غير مباشر في الفساد، بما في ذلك اختلاس أصول الدولة ومصادرة الأصول الخاصة لتحقيق مكاسب شخصية»، متحدثة أيضاً عن فساد «متعلق بالعقود الحكومية أو استخراج الموارد الطبيعية، أو الرشوة».

وجاء في البيان «في عام 2017، عزز باسيل قاعدته السياسية بتعيين أصدقاء له بمناصب في عام 2014، عندما كان وزيراً للطاقة، وافق على مشاريع عدة من شأنها توجيه أموال من الحكومة اللبنانية إلى أفراد مقربين منه».

الرئيس الظل

ومنذ وصول عون إلى سدة الرئاسة عام 2016، ينظر على نطاق واسع إلى باسيل على أنه «الرئيس الظل».

خلال التظاهرات الشعبية الاحتجاجية، كان هناك إجماع على استهدافه بالهتافات المنددة والشتائم، لكنه وتياره مصرّان على أنه من أكثر من عمل من أجل لبنان، وأنه «مُنع» من تحقيق الإصلاحات التي يحمل التيار لواءها منذ سنوات.

وتحدثت تقارير إعلامية كثيرة وتصريحات وشريحة شعبية واسعة عن تورط باسيل في صفقات وتقاضي عمولات وفساد، ووصف محللون النقمة ضده بـ «الاغتيال السياسي»، لكن الواقع يدل على أنه يبقى الأقوى بين الأطراف المسيحيين، ولو تناقصت شعبيته إلى حد بعيد، بحكم تحالفه مع حزب الله الذي يتحكم إلى حد بعيد بالحياة السياسية في لبنان، البلد الصغير ذو التركيبة السياسية والطائفية المعقدة.

ويرأس باسيل منذ العام 2018، الكتلة البرلمانية الأكبر في البرلمان اللبناني، بعد فوزه بمقعد نيابي إثر إقرار قانون انتخاب جديد كان هو من أبرز مهندسيه، وقد كان وزيراً في كل الحكومات منذ العام 2008، وتولى تباعاً حقائب الاتصالات والطاقة والخارجية، باستثناء الحكومة الأخيرة التي قدمت على أنها من الاختصاصيين غير السياسيين والتي عاشت لبضعة أشهر فقط، وسقطت بعد انفجار المرفأ بسبب تحكم السياسيين، وبينهم باسيل، بها.

خلال تشكيل الحكومات المتعاقبة في السنوات الأخيرة، لطالما اتُهم من خصومه بعرقلة التأليف عبر فرض شروطه، والاتهام الموجه إليه من الإدارة الأميركية سبق تم التداول به في الأيام الأخيرة في لبنان مع تعثر الحريري في تأليف حكومة بعد أكثر من أسبوعين على تكليفه.

back to top