ضرورة إصلاح وتجديد منظمة الأمم المتحدة

نشر في 01-11-2020
آخر تحديث 01-11-2020 | 00:00
إذا تصرفت جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وفقا لإعلان الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس الأمم المتحدة بشكل صحيح وبدعم من المجتمع المدني العالمي، فقد تتمكن من رعاية روح جديدة من التعاون الدولي من خلال هدفين يُعزز كل منهما الآخر: التعزيز المؤسسي والانتعاش القوي «الأخضر» من الوباء.
 بروجيكت سنديكيت أصبح المجتمع الدولي بحاجة ماسة إلى أدوات وأفكار ومبادرات جديدة لمواجهة التهديدات والتحديات المشتركة التي تواجهها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة، حيث تُمثل الذكرى السنوية الخامسة والسبعون للهيئة العالمية، التي تم الاحتفال بها في يوم الأمم المتحدة في 24 أكتوبر، فرصة لتحديد الشراكات التي نحتاج إليها لمواجهة التحديات التي سنواجهها في السنوات والعقود القادمة، في أعقاب جائحة كوفيد19، الأزمة الأكثر تكلفة والأكثر تأثيرا منذ الحرب العالمية الثانية، أصبحت الحاجة إلى التجديد والانتعاش المؤسساتي واضحة المعالم. من بين التهديدات والتحديات الأكثر خطورة، إلى جانب الأمراض الوبائية، نواجه أيضا المناخ العالمي السريع التغير، والصراعات العنيفة، والنزوح واسع النطاق في الدول الهشة، والهجمات الإلكترونية المُعقدة، إذ إن القاسم المشترك بين هذه التحديات هو أنها تتجاوز قدرة أي دولة على حلها بمفردها، ويُعد التعاون الدولي أمرا بالغ الأهمية، لكن هذا التعاون أصبح عُرضة للخطر بسبب عودة ظهور النزعة القومية التي تهدد هيكل النظام الدولي الذي بُني قبل ثلاثة أرباع قرن من الزمان.

من شأن صعود النزعة القومية أن يزيد خطر ترك هيكل ومؤسسات منظومة الأمم المتحدة، التي تُشكل ضرورة أساسية ولكنها بحاجة إلى الإصلاح والتجديد، أو ستصبح عُرضة للتراجع أو التدهور أو حتى الانهيار. هذه النتيجة ستكون مأساوية، ليس لتلك المؤسسات فقط ولكن للبشرية جمعاء.

نعتقد جازمين أن هناك طريقا آخر، وللمساعدة في تعزيز الاستجابات التعاونية للتحديات العالمية القائمة الأكثر إلحاحا، يسعدنا تقديم دعمنا لنهج "المستقبل الذي نريده، الأمم المتحدة التي نحتاجها"، والذي تم تقديمه في الشهر الماضي إلى رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة في منتدى الأمم المتحدة للحوكمة العالمية "UN75"، وبعد الدفاع عن السياسات الخارجية لبلداننا كممثلين لها في مدينة نيويورك، وبعد تشكيلها على رأس وزارات الخارجية لدينا، نعلم من واقع خبرتنا أن الأفكار الأصلية من أصحاب المصلحة الخارجيين يمكن أن تساعد في تحريك المنظمات المتعددة الأطراف المعقدة نحو نتائج إيجابية.

فخلال الاحتفال بالذكرى السنوية لتأسيس الأمم المتحدة هذا العام، حظي الأفراد والمنظمات من جميع أنحاء المجتمع المدني العالمي بفرصة للمساعدة في خلق "المستقبل الذي نريده، والأمم المتحدة التي نحتاجها"، وهو موضوع الذكرى السنوية، لقد أشرك الحوار العالمي للأمين العام بالفعل أكثر من مليون شخص في جميع أنحاء العالم من خلال الاستطلاعات والاقتراع الرسمي ومئات الحوارات، ويُعد مثل هذا النقاش بمثابة تذكير بأن منظومة الأمم المتحدة، على مدى العقود العديدة الماضية، قد عملت على تقديم الدعم المنقذ للحياة للفئات الضعيفة، والحفاظ على حقوق الإنسان الأساسية، والسعي إلى تحقيق التنمية المستدامة المتقدمة، ومنع الحرب العالمية الثالثة.

إذا تصرفت جميع الدول الأعضاء وفقا لإعلان الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس الأمم المتحدة بشكل صحيح وبدعم من المجتمع المدني العالمي، فقد تتمكن من رعاية روح جديدة من التعاون الدولي من خلال هدفين يُعزز كل منهما الآخر: التعزيز المؤسسي والانتعاش القوي "الأخضر" من الوباء.

ندعو قادة العالم على وجه الخصوص، جنبا إلى جنب مع شركاء آخرين، إلى رفع طموح الالتزامات الاثني عشر للإعلان، وينبغي عليهم الموافقة على تعزيز جميع الالتزامات عن طريق تقديم مقترحات وخطط عمل يتم وضعها بعناية لدعم القدرة المؤسساتية، وتحسين السياسات، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، والتي سيتم تقديمها في تقرير المتابعة الصادر عن الأمين العام للأمم المتحدة بموجب الإعلان.

كما ندعو أيضا إلى عقد قمة عالمية حول الحوكمة العالمية الشاملة، كما دعا إلى ذلك تقرير مركز ستيمسون الأخير "الأمم المتحدة 2.0". وستسعى القمة، المُقرر عقدها في سبتمبر 2023، إلى تحسين وتجهيز نظام الحكم العالمي لمعالجة القضايا الرئيسة التي تواجه المجتمع الدولي، وعقد ميثاق جديد مع المواطنين لتعزيز وإعادة بناء الثقة في مؤسساتهم المتعددة الأطراف.

في الفترة التي تسبق اجتماع القادة المُقرر عقده في عام 2023، ينبغي عقد قمتين لمجموعة العشرين في عام 2021، على غرار تلك التي عُقدت في لندن وبيتسبرغ لرسم طريق للخروج من الأزمة المالية العالمية لعام 2008، مع التركيز على سياسات الاقتصاد الكلي، والسياسات الاجتماعية والبيئية المُنسقة لتعزيز الانتعاش الدائم من أزمة جائحة كوفيد19، ويجب أن تكون هذه الحوارات بين قادة أكبر الاقتصادات متزامنة بدورها مع استراتيجية أوسع للانتعاش من فيروس كورونا المستجد، والتي تسعى إلى الحصول على تأييد جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة، ودعم المؤسسات المالية الدولية، ومنظمة التجارة العالمية، والهيئات العالمية والإقليمية الأخرى.

في عام 2015، عندما قدمت لجنتنا المعنية بالأمن العالمي والعدالة والحكم تقريرها حول الذكرى السنوية السبعين للأمم المتحدة، مع مواجهة أزمة الحوكمة العالمية، تنبأت كل من العناوين الرئيسة وخطوط الاتجاه بعودة القومية الخبيثة التي تغذيها الهجرة المتزايدة، وعدم المساواة الاقتصادية، والقادة الذين يعملون على تجريد الآخرين من إنسانيتهم ويسعون إلى الانفصال بدلا من الوحدة.

وبعد مرور خمس سنوات، أصبحت هناك حاجة إلى القيادة المُستنيرة أكثر من أي وقت مضى، مدعومة بالأفكار والضغوط السياسية من المجتمع المدني في جميع أنحاء العالم، ومن خلال إحياء التعاون لمواجهة العديد من التحديات القائمة، يمكننا ضمان أن يُصبح "المستقبل الذي نريده"، لجيل الشباب اليوم وجميع الأجيال القادمة، المستقبل الذي نحصل عليه.

*مادلين أولبرايت وإبراهيم غمباري

* مادلين أولبرايت وزيرة خارجية أميركا وسفيرة لدى الأمم المتحدة سابقا، وإبراهيم غمباري وزير خارجية نيجيريا سابقا وسفير سابق لدى الأمم المتحدة، وهما رئيسان مشاركان سابقان للجنة الأمن العالمي والعدالة والحوكمة.

back to top