خالد أمين: الرقابة تضعف الدراما الكويتية

شدد على أهمية الحرية للكاتب الدرامي ودعم السينما وتدريس المسرح

نشر في 01-11-2020
آخر تحديث 01-11-2020 | 00:05
خالد أمين فنان أكاديمي من الطراز الأول، حصل على الدكتوراه في التمثيل والإخراج، وقدّم عشرات الأعمال الدرامية على خشبة المسرح والتلفزيون، إلى جانب عدد من الأفلام السينمائية المهمة، كما قدّم عددا من البرامج مثل "الرجل والديوانية"، و"أنت الفيلم"، الى جانب برنامج المسابقات الرمضاني "ويانا"، ويعمل حاليًا مدرساً في المعهد العالي للفنون المسرحية.
حصد أمين عددا من الجوائز كمخرج مسرحي، ويرى في حواره مع "الجريدة"، أن الرقابة أحد أهم أسباب ضعف الدراما الكويتية، وأن مهرجان الكويت السينمائي ينقصه الكثير حتى يصبح مهرجانا بمعنى الكلمة، آملا في مزيد من الحرية حتى تعالج الدراما قضايا المجتمع، ولا تدور في فلك الزواج والطلاق، ومطالبا بتدريس مادة المسرح من رياض الأطفال حتى الثانوية.
وأشار أمين إلى أن افتتاح دور العرض السينمائي في السعودية فتح المجال للإنتاج السينمائي الكويتي بقوة، وآراء أخرى تابعوها في التفاصيل التالية:
* هل سنراك خلال رمضان المقبل في عمل مميز، كما عودتنا؟

- مازلت أقرأ عددا من النصوص الدرامية، ولم أستقر حتى الآن على الدور المناسب الذي أجسده، لأن العمل إذا لم يضف إلى رصيدك الفني وتقدم شخصية جديدة من خلاله، فإنه يعتبر تكرارا لما قدمت من قبل، وإن كنت أجد صعوبة في ذلك، لأن كثيرا من أعمالنا الدرامية لا تستطيع تجاوز الأمور الاجتماعية كالزواج والطلاق والحب التي ملّها الناس وحفظوها، وأصبحت مجرد تنويعات على وتر واحد، مما يصيبها بالضعف.

دراما اجتماعية

* ما الأسباب التي جعلت الدراما ضعيفة وتدور في الفلك الاجتماعي دون تجاوزه؟

- هناك نصوص يقدمها شباب هواة لا يسعون إلى تطوير قدراتهم، ويحتاجون إلى كثير من دورات "الدراماتورجي"، فما يقدمونه مجرد قصص وحوارات تحتاج إلى إضافات وتعديلات حتى تصبح سيناريو متكاملا فنيا جاهزا على التصوير، ومنهم أيضا شباب جيدون متمرسون يمتلكون أدواتهم، لكن لا تسمح له الرقابة بتقديم أفكار جديدة تتجاوز السائد والمألوف من قضايا أصبحت مستهلكة دراميا، وكل ما يستطيع الكاتب عمله هو التحايل على الرقابة عبر تمرير بعض الأفكار البسيطة التي ربما تتجاوز قليلا هذا الفلك الاجتماعي حتى لا يسقط في التكرار.

مقص الرقيب

* وما الحل برأيك لإنقاذ الدراما من مقص الرقيب والدخول في قضايا جديدة غير مكررة؟

- العالم أجمع حاليا يتجه إلى المنصات الرقمية والقنوات الخاصة وشاهد وغيرها، حيث مساحة الحرية أكبر ليتمكنوا من طرح أفكارهم، لأن التلفزيونات الحكومية ملتزمة بسياسات وقوانين لا تستطيع تجاوزها.

العادات والتقاليد

*هل فقدت الرقابة دورها وأهميتها في عصر المنصات الرقمية، وأصبحت من الماضي؟

- هناك وسائل كثيرة في العالم أصبحت متاحة للجميع، وما يمنع عندك تستطيع مشاهدته عبر منصات جديدة بها حرية أكبر، فعلينا ألا ندفن رؤوسنا في الرمال كالنعامة، بحجة العادات والتقاليد، وأطرح سؤالي: هل هناك بيت لا يوجد فيه منصات رقمية وتشاهد العائلات كل ما تريد؟ هي لديها رقابة ذاتية ولا تحتاج إلى مثل هذه الرقابة الرسمية التي تحجب كل فكر جديد بسبب شخص منغلق أو متزمت.

قضايا جريئة

* هل هناك مواصفات للرقيب العصري المتطور برأيك في حال الإصرار على استمرار الرقابة؟

- نحن نتحدث عن شخص يمتلك ثقافة عالية ودراية بكثير من الأمور الخاصة بالعملية الفنية ومدى تطورها على المستوى الدولي، وكيف يحدث مواءمة بين ما يعرض لدينا وفي العالم، وهذا لا يعني أنني أطالب بحرية مطلقة أو عرض أعمال إباحية مثلا، لا قدر الله، ولكني أطالب بعرض قضايانا بحريّة، لأن هناك دولا كانت متزمتة وقت أن كنا منفتحين صارت منفتحة وتزمتنا، فالمسرح الكويتي مثلا كان يتحدث عن قضايا جريئة بحرية، والجمهور كان يضحك ويستمتع، ولم تحدث مشاكل إطلاقا، ونحن كفنانين على وعي تام ونعرف ماذا نقول وما لا يمكن قوله، فالدراما لا بدّ من ارتباطها بقضايا الشارع.

عورات المجتمع

* الرقابة لا تريد إظهار مساوئ المجتمع والتركيز عليها دراميا، فماذا تقول لهم؟

- نحن لا نركز على مساوئ المجتمع، نريد دراما متطورة استشرافية تعالج السلبيات وهي موجودة في كل المجتمعات، هل يوجد مجتمع كامل بلا أخطاء؟ وربما لا تعالج بل تطرح أسئلة وتدعونا إلى التفكير لكي نطور من أدواتنا ومستقبلنا، وفيها خيال مؤلف، فنحن نقدم عملا فنيا المقصود منه المتعة أولا، وتنبأت السينما والدراما بأعمال لم تكن موجودة وقت طرحها فنيا، ثم وقعت حوادثها في المجتمع، فالدراما سبقت الواقع وحذرت منه.

مادة المسرح

* تطالب بتدريس مادة المسرح في المناهج التعليمية بداية من رياض الأطفال، كيف يمكن تطبيق ذلك عمليا، وما هو الهدف منها؟

- المسرح هو "أبو الفنون"، فعندما يكون لدينا جيل مثقف مسرحيا، فهو قادر على المواجهة والتطور، ولدينا مخرجات المعهد العالي للفنون المسرحية ممن يتخرجون ولا يندمجون في الأعمال الفنية، فمثل هؤلاء يمكن الاستفادة منهم في تدريس المسرح من رياض الأطفال إلى الثانوية، سيتخرج بعد ذلك جيل لن يقبل سوى بالمسرح الذي يفيد مجتمعه ويطوره وقادر على مواجهة الجمهور والتعامل معه، وإذا جلس أحدهم على كرسي الرقيب فهو قادر على التعامل مع الأعمال الفنية، وهذا مكسب كبير للحركة الفنية والمجتمع.

أفلام الكويت

* قدمت مجموعة من الأفلام السينمائية، فكيف ترى السينما الكويتية حاليا؟

- كانت الكويت رائدة سينمائيا بعد أفلام خالد الصديق وهاشم محمد ومحمد السنعوسي، هؤلاء أساتذة كبار، لكن مع الأسف توقفت لفترة طويلة وجاء الشباب الآن ليقدموا تجارب سينمائية هي أقرب للتلفزيونية منها للسينما، لأن السينما لها تكنيك في الصورة وحركة الكاميرا والمشهد البصري، ويعتمدون على الأفلام القصيرة التي مللناها بسبب عدم وجود دعم حقيقي لإنتاج الأفلام الروائية الطويلة.

*هل تخشى شركات الإنتاج التصدي للأفلام الطويلة خوفا من الخسائر؟

- ربما يكون ذلك في السابق، لكن بعد فتح دور العرض السينمائي في السعودية بطلت هذه الحجة، فلدينا جمهور كبير في المملكة، إلى جانب السينما في البحرين وبقية دول الخليج، فالسوق مفتوحة، والسؤال الذي يطرح نفسه إذا ظل فيروس كورونا معنا عدة سنوات لا قدر الله، هل ستظل الأنشطة مغلقة، فلا بد أن نتعايش معه مع تطبيق الاشتراطات الاحترازية.

* هل تعتقد أن مهرجان الكويت للسينما حقق أهدافه في النهوض بالسينما؟

- مع تقديري واحترامي لكل الجهود المبذولة، فإن هذا المهرجان لا أستطيع أن أعتبره مهرجانا سينمائيا حقيقيا إلا بعد أن يستقدم أفلاما عالمية وعربية مهمة وإقامة ندوات حول هذه الأفلام، مع استضافة نجومها وأبطالها، وتنظيم ورش سينمائية حتى يطور شبابنا من قدراتهم، أما أن يقتصر العرض على الأفلام الكويتية فقط فهذا يعني عرضها في أي قاعة من القاعات من دون مهرجان، فلا بد أن يكون المسؤول مهموما بهذه القضايا.

* هناك مثل يقول "عدوك ابن كارك"، فهل تؤمن به وبالغيرة والحسد في الوسط الفني؟

- ليس لديّ أية مشكلة مع ابن "كاري"، وبدلا من الحسد والغيرة علينا أن نطور من أنفسنا وقدراتنا لمصلحة الحركة الفنية والارتقاء بها، وفي النهاية لكل مجتهد نصيب.

لدينا كتّاب سيناريو هواة يحتاجون إلى دورات «دراماتورجي»
back to top