تحرير قطاع الإنتاج من الحكومة

نشر في 30-10-2020
آخر تحديث 30-10-2020 | 00:06
 ناجي الملا لا بد من انسحاب الحكومة من دائرة الأنشطة الإنتاجية والاقتصادية، وإلا تحولت هذه الأنشطة ومرافقها والوظائف والمراكز القيادية ومناقصاتها إلى محاضن للفساد والشراء السياسي، ناهيكم عن رداءة الأداء والإنتاج وزرع البطالة المقنَّعة وانتفاخ الباب الأول (الرواتب) في الموازنة العامة، وتأبيد تشوه الهيكل الاقتصادي، وضمور التنمية، وهذا سر عرقلة تطبيق القانون رقم 37 لسنة 2010 في شأن تنظيم برامج وعمليات التخصيص الذي مضى على إقراره ١٠ سنوات.

أحد الأصدقاء أبدى مخاوفه من الخصخصة وأنها ستقود إلى وقوع المواطن تحت رحمة القطاع الخاص، أجبته باختصار بتجربة شخصية عملية جراحية بجراحة ليزر استغرقت مني هي وما سبقها من فحوص ٤ أيام في غرفة خاصة مطلة على البحر وخدمة ممتازة لو كانت في مستشفى حكومي لاستغرقت أربعة شهور في قسم عمومي وخدمة رديئة.

هذا هو الفرق بين العلاج في القطاع الخاص والقطاع الحكومي، فإذا كان العلاج بتغطية من التأمين الذي تدفعه الحكومة فإنه يوفر ضمانا يورث كل الثقة، وإذا أصبح التأمين يغطي العلاج في البلاد وخارجها فإن المواطن يكون في منتهى الثقة والاطمئنان،

كل ما يثير مخاوف المواطن متمثل في استحواذ تجار جشعين على مرافق وأصول الدولة بأبخس الأثمان وبصفة احتكارية تجعلهم يتحكمون ويتلاعبون بالأسعار، لذلك فإن جهود التيارات السياسية ومنظمات المجتمع المدني والنُّشطاء يجب أن تتركز في وضع القوانين والنُظُم التي تتضمن القواعد والإجراءات التي تحول دون السلبيات، وتجعل الخصخصة تخدم المواطن، وتوفر له فرص العمل عبر فرض التكويت بنسبة 70٪، وتغيير التخصصات في الكليات والمعاهد لإعادة تأهيل الخريجين فضلا عن مراقبة الحكومة لمستويات وجودة المنتجات والخدمات، مع انتفاء الاحتكار ومنعه قانوناً، وترتيب عقوبات وغرامات باهظة في حال وجود تعمد للفعل.

هذا ما ينبغي أن يكون الشغل الشاغل للرأي العام، لا أن نسمع من بعض حواة ومشعوذي الحملات الانتخابية أنهم سيكونون حاجزاً منيعاً أمام الخصخصة، وبعضهم من المخلصين للأسف يرتهن في رفضه لمواقف محكومة بمقولات أيديولوجية اشتراكية ماركسية تآكلت جذورها حتى في موطنها الأم فغدت من التُّحف والمتحجرات.

فلا بد أن تتكتل الجهود في بلورة التعديلات والإضافات الترشيدية على قانون التخصيص ووضع جدول زمني لتطبيقه على مرافق الدولة، وإدراج ذلك في برنامج عمل الحكومة.

ولا يبقى بعد ذلك إلا المؤسسات الأمنية والقضائية والمؤسسات المالية وهيئة الاستثمار وبعض المؤسسات النفطية والمؤسسات الرقابية والتخطيطية والتنسيقية التي تضمن تطبيق القانون، وتنسيق الأدوار، والرقابة على أداء المؤسسات في القطاع الخاص، والتزامها بالشروط وتحقيقها الأهداف المطلوبة والمستوى المتفق عليه من الخدمات والمنتجات، وتوفير كل الدعم والمشاريع المحفزة لنشاط القطاع الخاص، وتطوير التعليم عبر تسهيل غرس المدارس والكليات المتطورة، والأمر ينطبق على المستشفيات مع توجيه إيرادات الدولة بدل صرفها المختل على الأنشطة الإنتاجية يتم صرفها لدعم المواطن بدفع رسوم الدراسة والتأمين الصحي ودعم العمالة مع تعزيز الرفاهية برفع العلاوة الاجتماعية وتوفير شقة للسكن خلال سنتين من تاريخ الزواج.

الحصيلة سينخفض الباب الأول بنسبة 50٪ على الأقل، وستحقق الدولة إيرادات صخمة من بيع الأصول والمرافق وخفض الدعوم إلى 3 مليارات توزع لكل فرد من المواطنين 90 ديناراً شهريا لتنتهي ملهاة الدعم ومهزلة تهريب مواد التموين وتهريب الديزل والوقود، وتسعير الكهرباء والماء حسب نظام الشرائح المطبق في دولة الإمارات.

back to top