فرنسا تتخوّف من هجمات في الداخل والخارج

السعودية تستنكر «الرسوم» وطهران تستدعي دبلوماسياً... و«الحكماء» يقاضي «شارلي إيبدو»

نشر في 28-10-2020
آخر تحديث 28-10-2020 | 00:05
تظاهرة مناهضة للرسوم المسيئة في دكا أمس (ا ف ب)
تظاهرة مناهضة للرسوم المسيئة في دكا أمس (ا ف ب)
حضّت فرنسا، التي يتمسّك مسؤولوها بحقّهم في عرض الرسوم الكاريكاتيرية من منطلق «مبدأ الحرية»، مواطنيها في الخارج على الابتعاد عن أي احتجاجات أو تجمعات شعبية مناهضة للرسوم المسيئة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، مطالبة في الوقت نفسه تركيا بوقف التدخل في شؤونها.
في خطوة تظهر تخوفها من هجمات داخل البلاد أو خارجها، نصحت فرنسا مواطنيها المقيمين في دول عدة ذات الأغلبية المسلمة أو المسافرين إليها بأخذ احتياطات أمنية إضافية، مع تواصل التهديدات الرسمية والشعبية الإسلامية ضد تمسك فرنسا بعرض الرسوم الكاريكاتيرية للنبي محمد، صلى الله عليه وسلم.

وشدّد المسؤولون الفرنسيون على حقهم في عرض الرسوم بعد أن ذبح طالب شيشاني عمره 18 عاماً في 16 أكتوبر الجاري، مدرساً يدعى صامويل باتي في كونفلان سانت أونورين الواقعة على بعد 40 كلم شمال غرب باريس، لعرضه الصور على تلاميذه أثناء درس عن حرية التعبير.

ونشر الموقع الإلكتروني لوزارة الخارجية الفرنسية، أمس، «نصيحة جديدة للمواطنين في إندونيسيا وبنغلادش والعراق وموريتانيا بتوخي الحذر».

وقالت التوجيهات الفرنسية إن المواطنين الفرنسيين عليهم الابتعاد عن أي احتجاجات على الرسوم، وتجنب التجمعات الشعبية. كما أصدرت السفارة الفرنسية في تركيا نصيحة مماثلة لمواطنيها المقيمين في البلاد.

وجاء تحذير «الخارجية»، غداة مذكرة للمدير العام للشرطة الوطنية الفرنسية بعد 10 أيام من «هجوم كونفلان»، قال فيها إن «فرنسا هدف لتهديد إرهابي كبير».

وتدعو المذكرة التي صدرت بعد تهديدات نشرتها وكالة «ثبات» المقربة من تنظيم القاعدة، إلى «تعزيز أمن التجمّعات، خصوصاً لمناسبة احتفال المسيحيين بعيد جميع القديسين، اضافة الى حماية الجمعيات الإسلامية ودور العبادة التي دان ممثلوها علناً الهجمات الإرهابية».

وأكدت المذكرة أنه سيتم تنفيذ «تعليمات وإجراءات أمنية تتلاءم مع كل الأوضاع من أجل مكافحة التهديد الإرهابي الذي يمكن أن ينفّذه فرد أو جماعية»، كما نبّهت المذكرة من «خطر اللجوء إلى أسلحة بيضاء أو أسلحة حربية».

ومع تصاعد الأزمة التي اتخذت عدة أبعاد بين تركيا وفرنسا، دعا وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان تركيا الى وقف عن التدخل في شؤون بلاده الداخلية، بعدما دعا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى «حماية مسلمي فرنسا» وحث مواطنيه على مقاطعة المنتجات الفرنسية.

وقال دارمانان لإذاعة «إنتر فرانس»، أمس: «من الطبيعي أن يشعر كل واحد منا بالصدمة حين تتدخل قوى أجنبية فيما يجري بفرنسا»، مشيراً إلى تركيا وإلى باكستان حيث وافق البرلمان على قرار يحضّ الحكومة على استدعاء مبعوثها من باريس.

السعودية

وفي وقت دانت رافينا شمدساني، الناطقة باسم مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، امس، «القتل المروع» للمدرس الفرنسي في كونفلان، استنكرت السعودية أمس، الرسوم الكاريكاتيرية، مؤكدة في الوقت ذاته إدانتها «كل عمل إرهابي».

وأفاد مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السعودية، في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس)، بأن المملكة «ترفض أي محاولة للربط بين الإسلام والإرهاب، وتستنكر الرسوم المسيئة إلى نبي الهدى ورسول السلام، صلى الله عليه وسلم».

وأكد المصدر أن الرياض «تُدين كل عمل إرهابي أياً كان مرتكبه، وتدعو إلى أن تكون الحرية الفكرية والثقافية منارة تشع بالاحترام والتسامح والسلام وتنبذ كل الممارسات والأعمال التي تولد الكراهية والعنف والتطرف وتمس بقيم التعايش المشترك والاحترام المتبادل بين شعوب العالم».

حكماء المسلمين

أما مجلس حكماء المسلمين، فأعلن بدوره في بيان صدر في أعقاب اجتماع عقده أمس الأول عبر الفيديو برئاسة شيخ الأزهر، إنّه «قرّر تشكيل لجنة من الخبراء القانونيين الدوليين لرفع دعوى قضائية على صحيفة شارلي إيبدو التي قامت بنشر رسوم كاريكاتيرية مسيئة لنبيّ الرحمة وكذلك كلّ من يسيء للإسلام ورموزه المقدّسة».

وشدّد المجلس على أنّ «حرية التعبير لا بدّ أن تأتي في إطار من المسؤولية الاجتماعية التي تحفظ حقوق الآخرين ولا تسمح بالمتاجرة بالأديان في أسواق السياسة والدعاية الانتخابية».

طهران

في السياق، استدعت طهران القائم بأعمال السفارة الفرنسية فلوران إيدالو؛ «احتجاجاً على إصرار السلطات الفرنسية على دعم نشر رسوم كاريكاتورية مسيئة للرسول الأكرم».

واحتجت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان، أمس، على «التصرفات غير المقبولة للسلطات الفرنسية التي أساءت لمشاعر ملايين المسلمين في أوروبا والعالم»، معتبرة أن «أي إهانة وعدم احترام لنبي الإسلام (صلى الله عليه وسلم) والقيم الإسلامية أمر مدان».

ودعت صحيفة «كيهان» المحافظة إلى «طرد السفير الفرنسي»، في وقت أفردت «وطن إمروز» المساحة الأكبر من صفحتها الأولى لرسم كاريكاتيري يجسّد ماكرون بهيئة شيطانية، وعنوان عريض «إبليس باريس». ووضعت «جوان» (جافان) صورة كبيرة للرئيس الفرنسي على صفحتها الأولى مع عنوان «شرور!» (شرير بالعربية).

قديروف

وفي غروزني، أعلن رئيس جمهورية ​الشيشان​ رمضان قديروف، أن «السلطات الفرنسية تؤيد نشر الرسوم الكاريكاتيرية، وأن الرئيس الفرنسي صرح بذلك»، مضيفاً: «وصف ماكرون هذه الإجراءات الهجومية على نحو ملياري مسلم في ​العالم​ بحرية التعبير​، وعلاوة على ذلك، قرر أنه سيغير دينهم ويخلق الإسلام المستنير في ​فرنسا​«.

وأضاف قديروف: «لا أعرف ما هي الحالة التي كان عليها ماكرون عندما أدلى بهذا التصريح، لكن عواقب مثل هذا التصريح تثير ردود فعل يمكن أن تكون مأساوية جداً»، مشيرا إلى أن «الرئيس الفرنسي نفسه أصبح الآن مثل الإرهابي وداعما للاستفزازات، ويدعو المسلمين سرا إلى ارتكاب الجرائم».

وفي العاصمة البنغلادشية دكا، تظاهر عشرات آلاف الأشخاص، أمس، ضد فرنسا، داعين إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية، قبل أن يحرقوا دمية تمثل ماكرون.

وأفادت الشرطة بأن أكثر من 40 ألف شخص كانوا شاركوا في هذه المسيرة التي نظّمها حزب إسلامي، وتم توقيفها قبل أن تصل إلى قرب السفارة الفرنسية.

الاتحاد الأوروبي

وفي بروكسل، أعلن متحدث باسم المفوضية الأوروبية، أمس، أن الدعوة لمقاطعة المنتجات الفرنسية التي وجهها إردوغان «تتنافى مع روحية» الاتفاقات الدبلوماسية والتجارية الموقعة من جانب تركيا مع بروكسل و«ستُبعدها أكثر» عن الاتحاد الأوروبي.

وحسب المفوضية الأوروبية، كانت تركيا عام 2019 الشريك التجاري الخامس للاتحاد الأوروبي وهو «بفارق كبير» الشريك الأول بالنسبة إلى أنقرة.

فيلدرز

في غضون ذلك، قدم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان شكوى أمام محكمة تركية ضد زعيم «حزب الحرية» الهولندي اليميني المتطرف المعادي للإسلام، النائب خيرت فيلدرز بسبب نشره رسماً «مسيئاً» له.

وكان فيلدرز نشر صورة لاردوغان وهو يرتدي قبعة عثمانية تقليدية على شكل قنبلة، وكتب تحتها «إرهابي».

back to top