فرنسا: تهديدات للمساجد... و20 عملية أمنية يومياً ضد التطرف

حل «جمعية الشيخ ياسين»... وذابح مدرس كونفلان في تسجيل صوتي: ثأرت للنبي

نشر في 22-10-2020
آخر تحديث 22-10-2020 | 00:04
الأعلام الفرنسية منكسة على قصر الإليزيه أمس    (أ ف ب)
الأعلام الفرنسية منكسة على قصر الإليزيه أمس (أ ف ب)
كثفت السلطات الفرنسية حملاتها الهادفة إلى القضاء على التطرف بعد «عملية كونفلان»، وتوعدت بتنفيذ 20 عملية يومياً، في وقت قررت وضع مسجدين تحت حراسة الشرطة بعد تلقيهما تهديدات بالعنف والحرق.
بينما لا تزال فرنسا تحت وقع الصدمة، بعد قطع رأس أستاذ عرض في فصله رسوما مسيئة للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، أطلقت باريس عددا من العمليات الأمنية الهادفة إلى القضاء على التطرف، مشيرة إلى أن عددها سيكون بمعدل 20 عملية في اليوم، متهمة في الوقت نفسه «قوى الإسلام السياسي بالسعي لتدمير الجمهورية»، معلنة كذلك وضع مساجد تحت حماية الشرطة بعد تلقيها تهديدات.

وبعد ظهر الجمعة الماضي، قطع رأس صامويل باتي، وهو رب عائلة يبلغ 47 عاما، قرب مدرسته، حيث يدرس التاريخ والجغرافيا في حي هادئ بمنطقة كونفلان سانت أونورين، في الضاحية الغربية لباريس.

وأردت الشرطة الجاني، وهو لاجئ شيشاني يدعى عبدالله أنزوروف، ويبلغ 18 عاماً.

دارمانان

وفي حوار مع قناة TF1 الفرنسية، ذكر وزير الداخلية جيرالد دارمانان أن العناصر الأمنية تنفذ حاليا عددا من العمليات الأمنية، «وتم إطلاق 34 عملية أمنية ضد شخصيات وجمعيات الإسلام السياسي»، مضيفا أن «هذه العمليات ستستمر بمعدل 20 عملية في اليوم، بهدف مضايقة وزعزعة استقرار هذه الجماعات المتطرفة».

وأكد وجود لائحة تشمل عددا من الجمعيات التي رصدت الوزارة نشرها خطابات دينية متطرفة في الآونة الأخيرة ويشتبه في ارتباطها بشبكات متطرفة.

في المقابل، طلب وزير الداخلية، أمس، من السلطات المحلية وضع المساجد في مدينتي بوردو وبيزييه في جنوب غربي البلاد تحت حماية الشرطة بعد تهديدات بأعمال عنف، وقال: «مثل هذه الأعمال غير مقبولة على أرض الجمهورية».

وأفادت إذاعة «فرانس بلو» بأن مسؤولي «مسجد الرحمة» في بيزييه رفعوا شكوى للشرطة بعد تلقيهم رسائل كراهية منها دعوة لحرق المسجد.

كاتال

وفي أعقاب جلسة لمجلس الوزراء، اتهم الناطق الحكومة غابريال كاتال، أمس، «قوى الإسلام السياسي بالسعى لتدمير الجمهورية الفرنسية بشكل ممنهج»، معلنا خلال مؤتمر صحافي أنه لابد من التنسيق بين المعنيين «لمواجهة الانفصالية الإسلامية بفرنسا والتدخلات الخارجية»، متابعا: «يجب أن نواجه التطرف الإسلامي حتى لا يكون هناك فتح لمدارس سرية، وتلقين للأفكار والأيديولوجيات المتطرفة».

وشدد كاتال على أن هناك «العشرات من المدارس والجمعيات والنوادي التي تم إغلاقها ومن المنتظر حل جماعات أخرى في الأسابيع المقبلة»، موضحا أن الحكومة أمرت بحل جماعة «الشيخ أحمد ياسين» المؤيدة للفلسطينيين، والتي أنشأها الداعية الإسلامي عبدالحكيم الصفريوي.

ماكرون

وكان الرئيس إيمانويل ماكرون صرح بأن جماعة «الشيخ أحمد ياسين» مرتبطة بشكل مباشر بالهجوم على باتي، واعلنت حركة حماس انه «لا علاقة لها» بهذه الجماعة ولا حتى بزعيمها.

وبعد اجتماعه مساء أمس الأول، مع وحدة مكافحة الإسلام السياسي في الضواحي الشمالية المضطربة بباريس، قال ماكرون للصحافيين إن الحكومة كثفت الإجراءات ضد التطرف في الأيام القليلة الماضية، ووعد «بأعمال وليس بأقوال جديدة فقط».

وأشار إلى أن الإجراءات ستستمر بهدف حماية «مواطنينا المسلمين من المتطرفين»، مضيفا: «انها ليست مسألة إعلانات جديدة، فنحن نعرف ما يجب القيام به، والوقت قد حان لاتخاذ إجراء، لذا فإن ما يتوقعه مواطنونا هو العمل».

القروي

ويبدو أن إدارة ماكرون تواصل التحرك وفق التقرير المُعد سنة 2018 من قبل كريم القروي، أحد أبرز مستشاري ماكرون المشاركين في صياغة قانونه حول «الانفصالية الإسلامية»، وعنوانه «صناعة الإسلاموية». ويدعو القروي، في تقريره، إلى التعامل مع الإسلام السياسي بجميع أطرافه، باعتباره «كتلة صماء»، وإلى تعزيز الترسانة القانونية في فرنسا للتصدي له بفعالية أكبر.

التحقيق

في غضون ذلك، أفاد مصدر قضائي بأن 7 أشخاص مثلوا أمس أمام قاضي تحقيق متخصص بقضايا مكافحة الإرهاب، تمهيدا لفتح دعوى واحتمال توجيه اتهامات إليهم في «جريمة كونفلان».

والسبعة هم قاصران يشتبه في أنهما قبضا مبلغا ماليا من القاتل لقاء تزويده بمعلومات عن الضحية، وابراهيم سي، والد تلميذة نشر تسجيلات مصورة دعا فيها الى الثأر من المدرس وشن حملة ضد باتي، والداعية الصفريوي الذي ساهم مع والد التلميذة في التحريض على القتل على مواقع التواصل، وثلاثة أصدقاء للجاني يشتبه في أنهم أقلوه أو رافقوه حين ابتاع سلاحاً. ونشر قاتل باتي رسالة صوتية باللغة الروسية على مواقع التواصل الاجتماعي عقب نشره صورة ضحيته.

وفي هذا التسجيل الموثّق، قال عبدالله انزوروف، بلهجة روسية ركيكة، إنّه «ثأر للنبي»، ملقياً باللوم على المدرس، لأنّه أظهره «بطريقة مهينة».

تكريم باتي

وأقيمت، أمس، مراسم وطنية بجامعة السوربون في باريس لتكريم اسم المدرس الراحل.

ومنح الرئيس ماكرون «وسام جوقة الشرف» لاسم باتي، وهو أعلى وسام مدني في فرنسا، خلال الحفل.

«لا نوفيل ريبوبليك»

في سياق متصل، تلقت صحيفة «لا نوفيل ريبوبليك» الفرنسية الإقليمية، أمس، تهديدات على وسائل التواصل الاجتماعي، بعدما نشرت رسما كاريكاتوريا مسيئا للنبي (صلى الله عليه وسلم) على صفحتها الأولى في 18 الجاري، كانت مجلة «شارلي إبدو» الساخرة نشرته في وقت سابق.

وقال الصحافي كريستوف إيريغو، الذي يعمل في «لا نوفيل ريبوبليك»، لقناة BFM التلفزيونية، أمس، إنه «في حين كان رد فعل الغالبية على الصفحة الأولى إيجابيا من منطلق الدفاع عن حرية التعبير والديمقراطية، فإن قلة وجهت تهديدات للصحيفة»، مضيفا: «كانت هناك 5 تهديدات، خصوصا على فيسبوك، ما دفعنا إلى تقديم شكوى قضائية باعتبارها مسألة مبدأ».

طعن جزائريتين

وفي دليل على تصاعد التوتر، لكن دون أن يلقي الإعلام الفرنسي الضوء عليها، تعرضت فرنسيتان من أصل جزائري للطعن بسكين أثناء سيرهما مع أطفالهما قرب برج إيفل، كما تعرضت الضحيتان اللتان ترتديان الحجاب للشتائم العنصرية، بعد يومين على مقتل باتي.

وحسب صحيفة «لوموند»، مزق أحد المهاجمين حجاب إحدى الضحايا. وذكرت صحيفة «سود ويست» الفرنسية، أمس، أن مكتب المدعي العام أعلن أن حادث الطعن جاء بعد مشادة نسائية بسبب كلب غير مقيد، وتطور الأمر إلى إهانات عنصرية.

وندد العديد من مستخدمي الإنترنت بصمت وسائل الإعلام على هجوم وصفوه بأنه «معاد للإسلام والمسلمين».

الأزهر

وفي خطاب ألقاه باللغة العربية من بعد في روما في ساحة الكابيتول الشهيرة أمام مجموعة من كبار رجال الدين المسيحيين واليهود والبوذيين، بينهم البابا فرنسيس وبطريرك القسطنطينية المسكوني برثلماوس الأول، وكبير حاخامات فرنسا حاييم كورسيا، الذين التقوا أمس الأول لتوقيع دعوة مشتركة إلى السلام، قال شيخ الأزهر الشريف أحمد الطيب: «إنني كمسلم وكشيخ للأزهر الشريف، أبرأ إلى الله تعالى وأبرّئ أحكام الدين الإسلامي الحنيف وتعاليم نبي الرحمة محمد (صلى الله عليه وسلم) من هذا الفعل الإرهابي الأثيم».

وأضاف الطيب: «في الوقت ذاته، أؤكد أن الإساءة للأديان والنيل من رموزها المقدسة تحت شعار حرية التعبير هو ازدواجية فكرية ودعوة صريحة للكراهية».

5 تهديدات لصحيفة نشرت رسوم «شارلي»... وطعن جزائريتين محجبتين وتوقيف قاصرين قبضا المال من ذابح المدرس
back to top