الصين قد تفضل إعادة انتخاب دونالد ترامب: يقوّض الغرب

الخليج يترقب: هل يعود ظل أوباما؟

نشر في 21-10-2020
آخر تحديث 21-10-2020 | 00:02
الصين تُراهن على فوز الرئيس الأميركي دونالد ترامب بولاية ثانية
الصين تُراهن على فوز الرئيس الأميركي دونالد ترامب بولاية ثانية
رغم مساعيه للتصدي لنفوذها المتنامي عالمياً وإقليمياً، تُراهن الصين على فوز الرئيس الأميركي دونالد ترامب بولاية ثانية، باعتباره قادراً على تقويض الغرب وتسريع صعودها إلى القمة، في وقت تواصلت الاتهامات لروسيا بالسعي لتقليل حظوظ منافسه الديمقراطي جو بايدن.
على الرغم من أن ولايته شهدت حرباً تجارية وتكنولوجية مرفقة بمعركة دبلوماسية يومية، قد تميل الصين لتأييد إعادة انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مراهنة على تراجع لا عودة عنه لمنافسها الاستراتيجي الكبير.

ورسمياً، لا تؤيد الصين ترامب أو منافسه الديمقراطي جو بايدن، لكن بعض معلقيها يراهنون على فوز ترامب ويعتبرون أنه سيقوّض أميركا والغرب، ما يسرع في المقابل صعودهم إلى مرتبة القوة العالمية الأولى.

وكتب رئيس تحرير صحيفة "غلوبال تايمز"، هو شيجين، في مايو متوجهاً لترامب، أن الصينيين "يأملون إعادة انتخابكم لأنكم تجعلون من الولايات المتحدة مكاناً غريباً ومكروهاً في العالم أجمع"، مضيفاً: "أنتم تعززون وحدة الصين".

وتراجعت العلاقات الثنائية بين القوتين في عهد ترامب لأدنى مستوياتها منذ إقامة علاقات دبلوماسية رسمية بين الطرفين في عام 1979. ووسط أجواء مماثلة لأجواء الحرب الباردة، أغلقت واشنطن أواخر يوليو قنصلية للصين على أراضيها، وردت بكين بالمثل بعد أيام.

مع ذلك، أكد نائب وزير الشؤون الخارجية الصيني كين غانغ، الخميس، لصحافيين أوروبيين: "نحن لا نهتم بمعرفة من في البيت الأبيض. ما نريده هو علاقة هادئة وأفضل مع الولايات المتحدة"، مشيراً إلى "إشكالية أيضاً في عهد الديمقراطيين حول العديد من المواضيع".

وجعل الرئيس الجمهوري الصين واحدةً من أهداف حملته الانتخابية، وأغضب قادتها بوصفه فيروس كورونا المستجد بـ"الفيروس الصيني".

ويرى الخبير بشؤون الصين في كلية "هارفرد كينيدي سكول" الأميركية، فيليب لو كوري، أن ترامب بالنسبة لبكين من الناحية الدبلوماسية "خارج عن السيطرة ومراوغ، لكن المصلحة في إعادة انتخابه تتمثل باستمرار شبه تلقائي لسياسته (أميركا أولاً) التي تفصل واشنطن جزئياً عن حلفائها التقليديين".

وأوضح الخبير أنه من المنطقي طبعاً الاعتقاد أن النخبة الحاكمة في الصين ستبتهج لتراجع الولايات المتحدة، خصمها الأكبر، وبالطبع، فإن الانقسام بين القوى الغربية يثير سرورها.

وتوضح مديرة مركز الدراسات الروسية والأوروبية والآسيوية في بروكسل تيريزا فالون أن "أحد الأهداف الاستراتيجية للصين هي إضعاف الحلف الأطلسي، الذي تراجع في ظل إدارة ترامب".

حمائية ترامب

ومنذ وصول ترامب إلى السلطة، سعى نظيره الصيني شي جينبينغ إلى أن يروج عن نفسه صورة الزعيم المسؤول، مشجعاً في مؤتمر دافوس على التبادل التجاري الحر، تحت وقع تصفيق ممثلي أوساط الأعمال المتعبين من الحمائية التي يريدها ترامب.

ومؤخراً، حظي شي بالمديح لإعلانه أن الصين، مصدر التلوث الأكبر في العالم، ستبدأ بتخفيض انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون قبل عام 2030، في خطوة هي بمثابة النقيض لانسحاب واشنطن من اتفاق باريس للمناخ. وبينما أعلن ترامب الانسحاب من منظمة الصحة العالمية، تعهد شي بجعل أي لقاح صيني محتمل لكورونا "منفعة عالمية عامة".

وتوقع المحلل الأميركي جو جيتشان أنه في نهاية المطاف "قد تتحسن العلاقة إذا تمكنت واشنطن من السيطرة سريعاً على الوباء، واتجهت بكين لشراء المزيد من السلع منها"، مشيراً إلى أن "تجديد ترامب وشي لصداقتهما ليست بالأمر المستبعد".

في المقابل، لن يكون لفوز بايدن بالنسبة للنظام الشيوعي مفاعيل كثيرة. وترى بوني غليسر من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن أن "بايدن سيرث الرسوم الجمركية، وأشكّ في أنه سيقوم برفعها أحادياً".

واعتبرت أن "على بكين ربما الاستسلام لمطالب أميركية أخرى، إذا ما أرادت أن ترفع تلك الرسوم الإضافية" التي فرضها ترامب على السلع الصينية المستوردة.

في ميدان التكنولوجيا، أكدت المحللة أنه "أياً كان المنتصر في النهاية، لن تتراجع الولايات المتحدة عن قرارها استبعاد معدات هواوي، التي تتهمها بالتجسس لصالح النظام الشيوعي، من شبكاتها لانترنت الجيل الخامس".

وما قد يكون مثيراً للإزعاج أكثر بالنسبة لبكين، هو تشدد الديمقراطيين أكثر من الجمهوريين إزاء مسائل حقوق الإنسان. وقد يزيد بايدن بذلك الضغوطات على بكين بشأن مساعي وضع اليد على هونغ كونغ.

واعتبر فيليب لو كوري أن فوز "بايدن سيكون خبراً سيئاً للصين لأنه سيتجه سريعاً إلى تعزيز حلف بين دول تتفق معها في الموقف تجاه الصين".

ترقب خليجي

وخلال زيارته الأولى للسعودية، قبل أكثر من ثلاث سنوات، رقص ترامب على العرضة التقليدية متسلحاً بسيف فضي، ودشّن مسار تغيير سياسي جوهري في المنطقة، عبر إرساء تحالف قوي بين إدارته ودول خليجية في مواجهة إيران.

وتتناقض علاقات ترامب الوثيقة مع دول الخليج مع علاقة فاترة ربطتها بسلفه باراك اوباما، الذي أثار بإبرامه الاتفاق مع إيران حول ملفها النووي، مخاوف السعودية وجيرانها.

ومع تخلّف ترامب في استطلاعات الرأي، قد تكون المنطقة مرة أخرى على أعتاب تغييرات جديدة، خصوصا أنّه من المرجح أن يعيد بايدن في حال فوزه، اعتماد مواقف أكثر تقليدية تتعارض مع عدد من دول الخليج بحسب منظمات غير حكومية، وصفقات الأسلحة.

ويقول مسؤول خليجي: "الزيارة التاريخية في مايو 2017 كانت بداية لعلاقة استثنائية مع رئيس أميركي. وفتحت أبوابا كثيرة، وصنّاع القرار هنا يريدون منطقياً أن تظل تلك الأبواب مفتوحة، لكنهم ليسوا مغمضي الأعين. هم يستعدون للسيناريو الآخر".

في السنوات، التي تلت إطلاقه العنان لمواجهة مع إيران، ولّدت استراتيجيته غير التقليدية سلسلة أحداث متسارعة أعادت رسم المشهد الإقليمي. كما أنّها جعلت الإيرانيين أكثر تشدداً، ورسّخت لديهم قناعة بأن "المفاوضات مع جيرانهم تعمل على إضعافهم وليس تقويتها"، بحسب سليم.

فقد انسحب ترامب من الاتفاق النووي، وأمر باغتيال الجنرال النافذ قاسم سليماني، ونقل السفارة الأميركية إلى القدس، وقلّص دور واشنطن العسكري في منطقة يَعتقد أنها فقدت استراتيجيتها التاريخية.

الحلفاء التقليديون

وتشير كبيرة محللي الخليج في معهد "مجموعة الأزمات الدولية" إلهام فخرو إلى "تصوّر أن إدارة أوباما تخلّت عن حلفائها التقليديين في الخليج، وأن السعودية حسّنت علاقاتها مع ترامب بشكل كبير، ويرجع ذلك جزئيا إلى قراره فرض ضغوط قصوى" على إيران وقطاعها النفطي.

ومع اقتراب الانتخابات، حقّق ترامب انتصاراً خارجياً كبيراً من خلال رعايته لاتفاق تطبيع علاقات بين الإمارات وإسرائيل. كما وقّعت مملكة البحرين، اتفاقاً مماثلاً.

وترى فخرو أنّه مع تقدّم بايدن في الاستطلاعات، تشعر الإمارات والسعودية بالقلق من إمكانية "العودة عن العقوبات المفروضة على إيران" في ظل إدارة ديمقراطية. كما أنّ ترامب "أكثر استعدادا لضمان أن تمضي مبيعات الأسلحة إلى هذه الدول قدما وبسرعة"، ويستبعد أن تبذل إدارة بايدن مثل هذه الجهود لدول الخليج. ومع ذلك، تستعد منطقة الخليج، وخصوصا السعودية، لاحتمال العودة إلى التعامل مع إدارة ديمقراطية. وتوقعت رندا سليم أن تحاول إدارة بايدن على الأرجح جرّ إيران مجدداً إلى طاولة المفاوضات.

ويرى الخبير في شؤون الشرق الأوسط جيمس دورسي أنّ "الأمر سيكون صعبا بالنسبة للسعوديين، لكن في نهاية المطاف سيكون عليهم التعايش معه".

back to top