العملة الوطنية الرقمية وغياب التشريع

نشر في 20-10-2020
آخر تحديث 20-10-2020 | 00:30
 خالد أيوب القناعي في عام 2009 أطلق شخص يدعى ساتوشينا كاموتو – لا يزال مجهولا – أول عملة رقمية مشفرة لا تخضع للمعايير التقليدية في إصدار العملات، والتي كانت قبل ذلك حقا خالصا للبنك المركزي وحده. جاءت عملة البيتكوين مدعومة بتقنية عالية هي blockchain التقنية التي سيكون لها دور محوري وأساسي بالقطاعات كافة في المستقبل.

ومنذ إطلاق هذه العملة، أصبح الحديث عن إعادة تعريف مفهوم العملات ومستقبلها مهما لتواكب هذه التطورات حاجات الناس وتساهم في النمو الاقتصادي للعالم، والكويت يجب أن تكون مستعدة لهذا التحول القادم بدون شك، وذلك لعدة أسباب منها:

بهذا المبدأ رسمت العديد من الدول سياساتها الخاصة بالتعاملات المالية، واتجهت إلى تطبيقها، ففي المملكة العربية السعودية تضمنت رؤية 2030 «الدفع باتجاه مجتمع غير نقدي»، أما في السويد فإنه من المقرر إصدار شهادة وفاة للأوراق النقدية في عام 2023.

القطاع الخاص أيضا يساهم في هذا التحول ويدعمه، مثال على ذلك قول جاك ما (مؤسس موقع علي بابا) إن الموقع يريد الوصول الى عالم خال من الأوراق النقدية.

عرف قانون البنك المركزي المصري الجديد 194 لسنة 2020 العملات المشفرة بأنها عملات مخزنة الكترونيا غير مقومة بأي من العملات الصادرة عن سلطات إصدار النقد الرسمية، ويتم تداولها عبر الإنترنت.

تباينت الدول في طبيعة التعامل مع العملات الرقمية المشفرة، فقد اعتبرتها هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية (SEC) بموجب تقريرها المؤرخ 25 / 7 / 2017 تخضع لقانون الأوراق المالية، ومنهم من حظر التعامل معها، كما جاء أخيرا في قرار السلطة المالية البريطانية (FCA) المؤرخ 6/ 10/ 2020.

أما الاتحاد الأوروبي فقد أعلن عن خطة عمل مشروع قانون للعملات المشفرة، وفي مصر نصت المادة 206 من قانون البنك المركزي الجديد على وجوب الحصول على ترخيص مسبق قبل إصدار العملات المشفرة أو بأي نشاط يتعلق بها، مما سبق يتضح أنه إذا لم توجد عملة رقمية رسمية مبنية على أساس قانوني سليم تضمنها الدولة المصدرة، فإن العملات المشفرة سيكون لها المستقبل في التعاملات المالية الرقمية.

تقول بعض التقارير إن هناك 40 دولة تفكر في إصدار عملاتها بشكل رقمي. أما في السويد فقد أطلقوا عملتهم الوطنية على شكل رقمي لتجربتها، وكذلك الصين وغيرهما.

وعلى مستوى الخليج، أعلنت الإمارات والسعودية عن مشروع إطلاق عملة عابر الرقمية للتسويات المالية بين البلدين، فلا مناص، إذن، من التخطيط والاستعداد من الآن لإطلاق عملتنا الوطنية رقميا، وفي سبيل ذلك علينا إدخال بعض التعديلات التشريعية وإصدار القوانين التي تخدم هذا التحول الرقمي، كما فعل المشرع المصري بإدخاله مصطلحات جديدة في قانون البنك المركزي الجديد، كالبنوك الرقمية والعملات المشفّرة والنقد الإلكتروني، وتعتبر تطورا في مضمار المصطلحات الرقمية القانونية.

وفي الكويت وحتى الوصول الى إنشاء البنك المركزي للعملة الرقمية، فإننا نقترح حاليا تعديل الباب الأول من قانون البنك المركزي، لكي لا يقتصر مفهوم النقد على الأوراق فقط، بل بأي شكل من الأشكال قد تصدرها الدولة وتضمنها.

*محام أمام محكمتي التمييز والدستورية

back to top