رياح وأوتاد: كشف حسابات النواب والمرشحين

نشر في 19-10-2020
آخر تحديث 19-10-2020 | 00:09
 أحمد يعقوب باقر نشر قبل أيام قليلة تقرير مصور عن عمل كل لجنة من لجان مجلس الأمة، يحتوى على أسماء أعضاء اللجنة وعدد اجتماعاتها ونسبة إنجازها، كما نشر د. بدر الملا عرضاً لأعماله خلال فترة عضويته في المجلس، ولا شك أنها مبادرات جيدة، فمن حق كل الناخبين معرفة أداء وأعمال النواب قبل الانتخابات القادمة لكي يكون الحكم على المرشح فيها قائماً على أعمال ومواقف وتصويتات واقعية لا مجرد خطب فارغة ووعود لا تنفذ.

ومن المعروف أن من أعمال عضو مجلس الأمة ما انفرد به العضو، ومنها ما بادر هو بطرحه واستعان بالنواب الآخرين، ومنها ما قُدم إليه من اقتراحات فقام بالمشاركة فيها ودعمها، وكل هذا يحسب للعضو إذا كانت هذه الأعمال تصب في المصلحة العامة، وكل هذا يجب أن يبين ويشرح للناخبين الآن.

ومن غير شك فإن بعض النواب والمرشحين يحتاجون إلى عرض أعمالهم وإنجازاتهم أكثر من غيرهم بسبب الهجوم المغرض عليهم، كما أن هناك من لا يحتاجون إلى بيان أعمالهم مثل الذين يعتمدون على شراء الأصوات أو الانتخابات الفرعية أو العصبيات الأخرى، وهناك أيضاً من لا يحتاج إلى شرح أعماله بسبب حجم المعاملات التي أنجزها أو بسبب عدم وجود أي هجوم عليه، أو بسبب دعم جهات قوية متنفذة أو إعلامية ينتمي إليها.

والقبول بانتخاب هؤلاء المرشحين دون بيان الأعمال وتقييمها ليس الوضع المثالي المطلوب، ولا يؤدي إلى تقدم وتطور في الحكم على المرشحين للعمل النيابي، بالإضافة إلى أهمية تدوين الأعمال للسجل التاريخي لكل النواب.

ويحدثنا التاريخ الإسلامي إبان الفتنة الكبرى كيف كان الصحابة الكرام يواجه بعضهم بعضاً بمآثرهم وأعمالهم عند النبي، صلى الله عليه وسلم، ومكانتهم عندما كانوا مجتمعين عنده، وكان هذا الحديث كفيلاً بإبعاد القتال بينهم لأيام، ثم تدخل الفاسدون والمحرضون الذين أشعلوا الفتنة، لذلك كان الرصد والتذكير بالأعمال والإنجازات من الضرورات.

ورغم مرور عشرات السنين على الممارسة الانتخابية عندنا فإننا رأينا بكل أسف من تم انتخابه دون أي إنجاز يذكر، ورأينا من خالف الشريعة في تقديمه تعديلات على قانون الأحوال الشخصية، وأيضاً من ألغى بتصويته قانون الاختلاط، ورأينا من صوت مع إزالة القيود الشرعية من قانون المطبوعات، ومن طالب بإلغاء تجريم التعرض لكرامات الناس من قانون المرئي والمسموع، كما رأينا الاقتراحات الفاسدة التي أفرغت خزانة الاحتياطي العام للدولة، وغير ذلك من الأخطاء التي فوجئ الناخبون بها، ولم تكن حاضرة في الطرح والمناقشة عند الانتخاب.

ومجرد ذكر المآثر والأعمال وحده لا يكفي، إذ يجب أن تكون هناك معايير تعرض عليها هذه الأعمال تبين أهميتها للمصلحة العامة، ومن أهم بنود هذا المعايير:

* ما قدمه العضو من تشريعات تحقق وتتوافق مع الشريعة الإسلامية.

* ما قدمه العضو من تشريعات تأتي بإيرادات مالية لزيادة الدخل غير النفطي للدولة، ووقف الهدر.

* ما قدمه العضو من تشريعات وأعمال تحقق العدالة في جميع أركان البلاد مثل العدالة في التوظيف والرواتب والترقية والمناصب القيادية وتوزيع القسائم الزراعية والحرفية والعلاج والكوادر وغيرها، وذلك بدلاً من الواسطة والمحسوبية والبراشوتية.

* ما قدمه العضو من أعمال وتشريعات لاكتشاف ومكافحة الفساد ومطاردة الفاسدين، وتقديم الأدلة ضدهم لحماية المال العام من خلال أدوات المجلس، وأهمها الأسئلة ولجان التحقيق، مع بيان الأحكام القضائية التي صدرت بشأنها.

* ما قدمه العضو من تشريعات لتعديل التركيبة السكانية بإجراءات عملية ملموسة لا بالخطب والصراخ وإشعال الكراهية للوافدين.

* ما قدمه العضو، وتم إقراره من قوانين لإصلاح الوضع الاقتصادي من أجل خلق مستقبل تنموي أفضل للبلاد والأجيال القادمة بحيث ينعكس على التوظيف والإسكان والتعليم وأراضي الدولة والقطاع الخاص.

وبالنسبة إلى المرشحين الجدد يجب أن تعرض برامجهم واقتراحاتهم على هذه المعايير، وأن تكون واضحة ومحددة لا هلامية أو عاطفية وبعيدة عن الخطاب التحريضي الذي يخلو من الأدلة، أو الشعبوي الذي دمر العمل البرلماني وأفرغ خزانة الدولة من السيولة وأخل بموازين العدالة والنظرة المستقبلية. والخلاصة أنه يجب عرض أعمال النواب السابقين وبرامج وأهداف المرشحين الجدد في الانتخابات القادمة (إن وجدت) على مقياس فعلي دقيق تحدده المصلحة العامة، ويكفي ما لحق بالبلد من أخطاء بسبب الاختيار دون تدقيق أو مقياس.

back to top