إدارة إيمانويل ماكرون تتشدد وتتوعد بالحزم بعد قطع رأس مدرس

• منفذ الهجوم قرب باريس شاب شيشاني
• الأزهر يدين ويدعو لتجريم الإساءة للأديان ورموزها

نشر في 18-10-2020
آخر تحديث 18-10-2020 | 00:04
فرنسية تقف حيث وضعت مئات الورود والبطاقات أمام المدرسة حيث كان يعمل أستاذ التاريخ في كونفلان أمس          (رويترز)
فرنسية تقف حيث وضعت مئات الورود والبطاقات أمام المدرسة حيث كان يعمل أستاذ التاريخ في كونفلان أمس (رويترز)
أبدت إدارة الرئيس إيمانويل ماكرون مزيداً من التشدد تجاه ما أصبحت باريس تطلق عليه "الإرهاب الإسلامي"، وتوعدت بإجراءات حازمة، رداً على الهجوم الإرهابي قرب باريس الذي قام خلاله شاب شيشاني بقطع رأس مدرس عرض لطلابه رسوماً كاريكاتورية للنبي محمد، في إطار نقاش حول حرية التعبير.
توعدت فرنسا بأنها "ستتصرف بأشد درجات الحزم" ضد ما أسمته "الإرهاب الإسلامي"، بعد عملية قتل أستاذ تاريخ بقطع رأسه، الجمعة، عقب عرضه رسوماً كاريكاتورية للنبي محمد صلى الله عليه وسلم على تلامذته، في حين قضى المعتدي، وهو شاب في الثامنة عشرة من العمر من أصل شيشاني على يد الشرطة.

كاستيكس

وقال رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس، أمس، "ضرب الإرهاب الإسلامي الجمهورية في قلبها، عبر أحد المدافعين عنها". وأضاف: "تضامناً مع معلميها، ستتحرك الدولة بأقصى درجات الحزم كي تحيا الجمهورية ومواطنيها بحرية. لن نستسلم أبدا".

من ناحيته، أعلن وزير التعليم الفرنسي جان ميشيل بلانكير، أن "الوحدة والصمود هي الرد على وحشية الإرهاب الإسلامي"، معتبراً قطع رأس المدرس "هجوماً على فرنسا، واغتيالا حقيرا لأحد خدمها، وهو مدرس". وأضاف أن "الوحدة والصمود هي الرد".

بدوره، رأى رئيس منطقة او دو فرانس، كزافييه برتران، أن "الهمجية الإسلامية طالت أحد رموز جمهوريتنا: المدرسة". وأضاف: "عليهم معرفة أننا لن نخضع، لن يمنعونا يوماً من القراءة، والكتابة، والرسم، والتفكير، والتعليم".

وفي الجمعية الوطنية، وقف النواب تحيةً لـ"ذكرى" المدرس وتنديداً بـ"الاعتداء البغيض".

كما ندد زعماء للجالية الإسلامية في فرنسا بالحادث، الذي اعتبره كثيرون من الشخصيات العامة "هجوما على جوهر الدولة الفرنسية وقيمها المتمثلة في العلمانية وحرية العقيدة والتعبير".

مزيد من الاعتقالات

في غضون ذلك، أكد مكتب الادعاء لمكافحة الإرهاب، أمس، القبض على 5 آخرين بعد الحادث الذي وقع في ضاحية كونفلان سان أونورين التي تقطنها الطبقة المتوسطة على بعد 50 كلم شمال غرب باريس.

وحسب تقارير، يتردد أن هؤلاء المقبوض عليهم أفراد من أسرة المنفذ وكذلك آخرون، مما يعني أن 9 أشخاص من بينهم قاصر، يقبعون حاليا في حجز الشرطة. ويحاول المحققون معرفة ما إن كان المهاجم، تصرف بشكل منفرد أم له شركاء.

تفاصيل الواقعة

وقُتِل أستاذ التاريخ صامويل باتي وعمره 47 سنة، بقطع الرأس، أمس الأول، في طريق عام غير بعيد من مدرسته.

وأكدت الشرطة أن باتي عرض أخيرا رسوما كاريكاتورية للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، خلال حصة دراسية في 5 من الشهر الجاري، في إطار نقاش حول حرية التعبير، أعقبه شكاوى من بعض الأهالي.

وأكدت النيابة العامة أنه جرى فتح تحقيق في ارتكاب "جريمة مرتبطة بعمل إرهابي وتشكيل مجموعة إجرامية إرهابية".

وأوضح مصدر مطلع على التحقيقات أن المعتدي، وهو غير معروف لدى الشرطة، صرخ "الله أكبر" قبل مقتله.

وقال ممثل الادعاء الفرنسي المختص بمكافحة الإرهاب فرانسوا ريكارد، أمس، إن قاطع رأس مدرس التاريخ تحدث إلى تلاميذه في الشارع، وطلب منهم أن يشيروا إليه نحو ضحيته.

وأضاف ريكارد، خلال مؤتمر صحافي، أن المهاجم نشر صورة لجسد المدرس على "تويتر"، بعدما قطع رأسه وأرفقها برسالة يقر فيها بقتله.

زعيم الكفار

وأُرفقت بالصورة رسالة تهديد للرئيس إيمانويل ماكرون "زعيم الكفار"، قال ناشرها إنه يريد الانتقام "ممَن تجرأ على الاستهزاء بمحمد".

ومساء أمس الأول، زار ماكرون مكان الاعتداء، ووصفه بأنه "هجوم إرهابي إسلامي"، وهي العبارة التي كانت تثير حساسية في عواصم الغرب خلال موجة الهجمات التي قامت بها "داعش" قبل سنوات.

وقال ماكرون: "علينا أن نقف سدا منيعا. لن يمروا. لن تنتصر الظلامية والعنف المرافق لها". وتابع: "قتل أحد مواطنينا اليوم، لأنه كان يدرس لطلابه، لأنه كان يعلم الطلاب حرية التعبير وحرية الإيمان وعدم الإيمان".

شبح لوبن

وكان ماكرون أثار في وقت سابق هذا الشهر غضب الكثير من المسلمين، عندما قال في خطاب له غرب باريس إن "الإسلام يعيش اليوم أزمة في كل مكان بالعالم"، وجدد التزامه بـ "التصدي للانعزالية الإسلامية الساعية إلى إقامة نظام مواز وإنكار الجمهورية الفرنسية"، متوعدا بإجراءات لضبط التطرف بين صفوف المسلمين في فرنسا.

وعلقت مجلة "فورين بوليسي" المرموقة على خطاب الرئيس الفرنسي قائلة إن "ماكرون ليس قلقاً من الإسلام بل من لوبن"، في إشارة الى مارين لوبن زعيمة

حزب "التجمع الوطني" اليميني المتشدد، التي نافسته في الانتخابات الرئاسية في 2017. واعتبرت المجلة ان خطاب ماكرون مؤشر الى تبني الكثير من الوسطيين لخطاب اليمين المتشدد حول الإسلام.

وتظهر بعض الاستطلاعات ان شعبية لوبن ترتفع قبل عامين من الانتخابات الرئاسية في 2022. وفي استطلاع نُشر الأحد الماضي في صحيفة "لو جورنال دو ديمانش"، حصلت لوبن على ما بين 24 و%27 من الأصوات، اعتمادا على من ستواجهه نظريا.

وتتحدث أوساط اخرى عن امكانية عودة النائبة السابقة ماريون ماريشال ابنت اخت لوبن، والتي كانت النجمة الصاعدة لليمين المتطرف، الى الساحة السياسية، التي اعتزلتها قبل سنوات بعد خلافات حزبية وعائلية بين جدها وخالتها وتيارات الحزب.

الأزهر

وأثارت الحادثة الاستياء في العالم الاسلامي؛ فقد دان "الأزهر الشريف" في مصر الجريمة، مطالباً في الوقت نفسه بتجريم الاساءة للأديان.

ودعا الأزهر، في بيان، لـ"سن تشريع عالمي يجرم الإساءة للأديان ورموزها المقدسة"، وأعرب عن إدانته لـ"الحادث الإرهابي الذي أسفر عن قيام شخص متطرف بقتل مدرس وقطع رأسه".

وتابع: "ويؤكد الأزهر رفضه لهذه الجريمة النكراء ولجميع الأعمال الإرهابية، مشددا على أن القتل جريمة لا يمكن تبريرها بأي حال من الأحوال"، مطالبا بنبذ خطاب الكراهية والعنف بجميع أشكاله ومصادره وأسبابه.

كما دان الجريمة مفتي مصر شوقي علام، أمس، داعيا "الحكومة الفرنسية إلى عدم تحميل الإسلام مسؤولية سلوك فردي متطرف لا يمثل هذا الدين".

وعلق الكثيرون من الدول الإسلامية على وسائل التواصل على الاعتداء وانقسموا بين من اعتبر أن "المس بالمعتقدات تحت عنوان حرية التعبير هو سبب الجريمة"، وبين من قال إن "التشدد الديني هو الذي دفع الشاب الشيشاني الى تنفيذها".

وكتب الاستاذ في جامعة الكويت عبدالله الشايجي أن "الهجوم هو نتيجة العلمانية المتوحشة، وبعد تهجم ماكرون على الإسلام واتهامه بالمأزوم واستعدائه في كل مكان وعدم تنديده برسوم مجلة شارلي ايبدو المسيئة للرسول".

في المقابل، علق السياسي المصري الليبرالي محمد أبوحامد قائلاً: "نرفض وندين هذا العمل الاجرامي ونتضامن مع فرنسا وشعبها في حربهم ضد الإرهاب".

«شارلي إيبدو» على الخط

جاء قتل مدرس التاريخ قرب باريس في وقت تستمر جلسات محاكمة شركاء لمنفذي الهجوم الذي استهدف في يناير 2015 مكاتب صحيفة شارلي إيبدو الساخرة، التي كانت قد نشرت رسوما كاريكاتورية للرسول الأكرم، وأسفر عن مقتل 12 شخصاً.

وأعادت الصحيفة نشر الرسوم أول سبتمبر الماضي مع بداية جلسات المحاكمة، كما نشرت رسالة مشتركة مع مئات من وسائل الإعلام الفرنسية، تدعو إلى التعبئة دعماً لحرية التعبير.

وقبل 3 أسابيع، نفّذ شاب باكستاني (25 عاما) هجوما بآلة حادة أمام مقر قديم لـ "شارلي إيبدو"، أسفر عن إصابة شخصين بجروح بالغة ردّاً على إعادة نشر المجلة الرسوم الكاريكاتيرية.

وعلقت "شارلي إيبدو"، أمس، على جريمة كونفلان معبّرة عن "إحساسها بالرعب والغضب عقب اغتيال مدرس يمارس مهنته من طرف متعصب دينيَّا".

المهاجم طلب من التلاميذ أن يرشدوه إلى الضحية والشرطة توقف 9
back to top