في ظلال الدستور: مد مدة المجلس بقانون ولضرورة في حالة الحرب

نشر في 18-10-2020
آخر تحديث 18-10-2020 | 00:08
 المستشار شفيق إمام يدور خلال هذه الأيام حديث معاد حول مد مدة المجلس بسبب جائحة كورونا، بقياسها على حالة الحرب، وفي هذا السياق تنص المادة (83) على أن "مدة مجلس الأمة أربع سنوات ميلادية من تاريخ أول اجتماع له، ويجري التجديد خلال الستين يوما السابقة على نهاية تلك المدة مع مراعاة حكم المادة 107، والأعضاء الذين تنتهي مدة عضويتهم يجوز إعادة انتخابهم، ولا يجوز مد الفصل التشريعي إلا لضرورة في حالة الحرب، ويكون هذا المد بقانون".

ويدل الدستور بهذا النص على أمرين متلازمين:

الأمر الأول: وجوب التجديد للمجلس في خلال الستين يوما السابقة على انتهاء الفصل التشريعي، بعد أن حددت المادة (83) سالفة الذكر مدته بأربع سنوات، وذلك حرصا من الدستور على تداول السلطة، وحيث يعاد كذلك تشكيل الحكومة في بداية كل فصل تشريعي طبقا للمادة (57) من الدستور.

ومع ما هو معلوم من أن تداول السلطة هو جوهر النظام الديمقراطي، وفي هذا السياق تقرر المحكمة الدستورية في قرار تفسيرها لأحكام هذه المادة (83) سالفة الذكر في طلب التفسير رقم 10 لسنة 2002 "أن المشرع الدستوري في إطار التنظيم الشامل المتكامل للنظام النيابي الذي أورده الدستور كافلا للديمقراطية دعائمها، متوخيا ألا توجد فترة تكون فيها البلاد بدون مجلس نيابي، حرص على تحديد مدة زمنية معلومة لمجلس الأمة باعتبار ذلك ركنا أساسيا من أركان النظام النيابي، والتي يمارس المجلس خلالها سلطته ومهامه المنوطة به في مجالي الرقابة والتشريع".

الأمر الثاني: تشدد المشرع الدستوري في مد مدة المجلس المحددة بأربع سنوات، فحظر مدها إلا بقانون ولضرورة وفي حالة الحرب، الأمر الذي يتمخض عن ثلاثة شروط، لمد مدة المجلس، وهي:

الشرط الأول:

صدور قانون بمد مدة المجلس، يتمتع فيه الأمير بصلاحيته الدستورية كاملة في التصديق عليه وإصداره، أو طلب إعادة النظر فيه إعمالا لأحكام المادتين 65 و66 من الدستور.

الشرط الثاني:

أن يصدر مرسوم بإعلان حالة الحرب: حيث تنص المادة (68) من الدستور على أن "يعلن الأمير الحرب الدفاعية بمرسوم"، أما الحرب الهجومية فمحرمة، والمقصود بالحرب هنا هي الحرب الحقيقية بين الجيوش.

ولئن كنا قد أطلقنا في مقال لنا نشر على صفحات (الجريدة) في عددها الصادر في 29/ 3/ 2020 "البشرية تخوض حرباً عالمية ضد كورونا"، وقلت فيه إن البشرية كلها تخوض أول حرب عالمية حقيقية ضد هذا الفيروس، الذي يجتاح العالم كله من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه، ولقد خرت الدول العظمى صريعة أمامه، وهي الدول التي تملك أكبر ترسانات عسكرية، والقنابل النووية، أفظع قوة تدميرية في الكون".

إلا أن حرب كورونا (كوفيد19)، تظل حربا، تخرج عن مفهوم الحرب الذي يفهم من المادة (83) من الدستور، تحريا لمقاصد هذا النص ووقوفاً عند الغاية التي استهدفت من تقريره، والغرض المقصود منه، والذي يفترض أن يكون النص محل التفسير معبرا عنه، ومحمولا عليه.

الشرط الثالث:

أن تدعو إلى هذا المد ضرورة، فلا تكفي حالة الحرب وحدها لمد مدة المجلس، بل يشترط أن تدعو الضرورة إلى ذلك، فالحرب قد تؤدي أو لا تؤدي إلى تعريض حياة الناخبين للخطر أثناء إجراء الانتخابات بسبب التجمعات التي تحدث أثناءها، وقد تؤدي أو لا تؤدي إلى إحجام الناخبين عن المشاركة في الانتخابات، بسبب ظروف الحرب، وقد يترتب على ظروف الحرب، عدم انتظام العملية الانتخابية بما يؤثر على سلامة الانتخابات ونزاهتها، فلا تكون نتيجة الانتخابات معبرة تعبيرا صحيحا وصادقا عن إرادة الناخبين، وقد لا تؤدي الى ذلك، فلا يكفي إعلان الحرب الدفاعية، بل يجب أن تكون هناك ضرورة تدعو إلى عدم إجراء الانتخابات، ولا تكفي الضرورة وحدها لمدّ مدة المجلس إن لم نكن في حالة حرب على التفصيل المتقدم.

back to top