غروب شمس «فتى الشاشة الأول» محمود ياسين عن 79 عاماً

أقعده المرض سنوات داخل منزله وتوارى عن الأضواء

نشر في 15-10-2020
آخر تحديث 15-10-2020 | 00:04
رحل عن عالمنا صباح أمس الفنان الكبير محمود ياسين بعد صراع طويل مع المرض عن عمر ناهز 79 عاماً، قضى منها قرابة نصف قرن في الحياة الفنية أثراها بأعمال من روائع الفن المصري في السينما والتلفزيون والمسرح.
غيب الموت الفنان محمود ياسين (79 عاما)، تاركا إرثا فنيا كبيرا بعد معاناة مع المرض، تاركا خلفه أفلاما وأعمالا مميزة، وهو ابن المدينة الباسلة بورسعيد، وبعد حصوله على درجة الليسانس في الحقوق من جامعة عين شمس عام 1964، عمل بالمحاماة لفترة ولكنه بعد ذلك رفض تعيين الحكومة في القوى العاملة وتفرغ للفن تماما ثم التحق بالعمل بالمسرح القومي بعد تقدمه للاختبارات الخاصة به وشارك خلال هذه الفترة في مسرحيات عديدة بدأت في صناعة اسمه منها سليمان الحلبي، وليلى والمجنون، والزير سالم.

بدأ حياته المهنية في الأعمال الفنية من خلال الأدوار الثانوية والأدوار الثانية وبدأ نجمه يلمع حتى أصبح فتى الشاشة الأول خلال فترة وجيزة، في بداياته كان أجره لا يتجاوز 5 جنيهات حتى أصبح في إحدى الفترات من أصحاب الأجر الأعلى في السينما المصرية، كان الظهور المميز الأول له من خلال مشاركة صغيرة بفيلم «3 قصص» إنتاج عام 1968 وجسد دور ضابط شرطة بالقصة الأولى، وظهر اسمه بتتر المقدمة باسم «محمد فؤاد يس» وهو اسمه الحقيقي حيث كان يعتز في البداية باسم والده الذي توفي وهو صغير وكان السادس بين أشقائه العشرة.

قدم محمود ياسين في مسيرته الفنية 250 عملا فنيا مختلفا في جميع المجالات الفنية، ففي البداية شارك في الفيلم الملحمي «شيء من الخوف» وكان أجره فيه 5 جنيهات ولاحظ الجمهور بداية تألقه فأشركه المخرجون والمنتجون في الأعمال بعدها في نحن لا نزرع الشوك، والرجل الغامض، وأختي، والخيط الرفيع، وبدأ نجمه يلمع حتى وصل إلى البطولة في بداية السبعينيات فقدم حب وكبرياء، وأنف وثلاث عيون، وامرأة من القاهرة، والحب الذي كان، حتى أثبت أنه يستحق البطولة المطلقة، وفي النصف الثاني من السبعينيات أصبح من أبطال الصف الاول المعدودين وأصحاب الأجر المرتفع تماما فقدم لا يا من كنت حبيبي، والرصاصة لا تزال في جيبي، ومولد يا دنيا، وسنة أولى حب، والعذاب امرأة، وأفواه وأرانب، وقاهر الظلام، ورحلة النسيان، وانتبهوا ايها السادة.

أعمال كثيرة

في هذه الفترة من السبعينيات والثمانينيات كان يقدم أعمالا كثيرة في العام الواحد، ففي 1986 فقط قدم 7 أعمال هي مسلسل الأفيال، وأفلام، الجلسة سرية، والحرافيش، وامرأة مطلقة، وبلاغ ضد امرأة، وعصر الحب، ومدافن مفروشة للإيجار، واستمر على هذا المنوال حتى تسعينيات القرن العشرين وبداية الألفية الجديدة، فقد ازداد عمله بشكل كبير في التلفزيون، وإن كان لم يبتعد عن السينما بشكل كامل، ومن أعماله التلفزيونية أبوحنيفة النعمان، وضد التيار، وسوق العصر، والعصيان، ووعد ومش مكتوب، وكان آخر مسلسل له ماما في القسم مع الفنانة الكبيرة سميرة أحمد، وفي سنواته الأخيرة قدم عدة تجارب سينمائية مثل الجزيرة والوعد وجدو حبيبي، وكانت آخر أعماله مشاركته في مسرحية مصر فوق الجميع قبل 6 سنوات.

وخلال السنوات الماضية هاجمه المرض وبقي في منزله ولم يظهر في الأضواء حتى في التكريمات التي حرص نجلاه عمرو ورانيا على تسلمها وكان آخرها تكريم من وزارة الثقافة قبل وفاته بأيام قليلة، وقبل عامين أعلن ابناه اعتزاله الفن تماما، وفي أيامه الأخيرة اشتد عليه المرض حتى رحل عن عالمنا صباح أمس.

الأعمال الوطنية

وكان الفنان الراحل من أهم الفنانين الذين شاركوا في الأعمال الفنية التي وثقت لحرب أكتوبر وانتصاراتنا المجيدة ومنها الفيلم الأشهر الرصاصة لا تزال في جيبي مع حسين فهمي ويوسف شعبان، وفيلم حائط البطولات الذي أفرج عنه قبل سنوات عن بطولات قوات الدفاع الجوي، وفيلم أغنية على الممر، وفيلم الوفاء العظيم، وغيرها من الأعمال الفنية الخالدة.

حياته الشخصية

وتزوج من الفنانة شهيرة وأنجب نجليه الفنان والمؤلف عمرو محمود ياسين والفنانة رانيا محمود ياسين، والتقى لأول مرة بزوجته الفنانة شهيرة أثناء تصوير فيلم صور ممنوعة إخراج مدكور ثابت عام 1972، ونشأت بينهما قصة حب طويلة على مدار 6 أشهر مدة تصوير الفيلم، انتهت بالخطوبة قبل الانتهاء من تصويره، ثم الزواج بعدها بعدة شهور، واشتركا معا فى 16 عملا فنيا، منها 11 فيلما هي: صور ممنوعة 1972، وأنا وابنتى والحب 1974، وسؤال في الحب 1975، وشقة فى وسط البلد 1975، وضاع العمر يا ولدى 1978، ورحلة الشقاء والحب 1982، وعصر الحب 1986، والجلسة سرية 1986، ونواعم 1988، وليل وخونة 1990، وعودة الهارب 1990، ومنها 3 مسلسلات هي: القرين 1978، وميراث الغضب 1981، واليقين 1990، ومنها مسرحيتان؛ بداية ونهاية 1985، وعودة الغائب.

«ابن سينا» عمل استثنائي

كان للفنان الراحل محمود ياسين حضور بالدراما الكويتية من خلال مسلسل "ابن سينا" الذي قدّمه في أوائل الثمانينيات، وشاركته في بطولته الفنانة الكويتية سعاد عبدالله وكوكبة من نجوم الدراما الكويتية، منهم جاسم النبهان والفنان الراحل جوهر سالم، بجانب الفنان أحمد مساعد الذي قدّم شخصية نجله.

وجسّد محمود ياسين شخصية العالم ابن سينا، ولعبت الفنانة الراحلة سناء جميل شخصية والدته، في المسلسل الذي ظل الفنان الراحل يعتز به لدرجة أنه تمنّى قبل سنوات من اعتزاله إعادة تقديم العمل نفسه بشكل يواكب العصر الحالي ليشاهده الجمهور مجدداً.

وفي أكثر من مقابلة تحدث ياسين عن شخصية ابن سينا التي شكّلت محطة استثنائية مهمة ومبكرة في مسيرته الدرامية، خاصة أن حماسه لتقديم الدور هو الدافع الرئيسي في توجهه آنذاك نحو الدراما التلفزيونية في الخليج وهو نجم الشباك السينمائي بمصر والعالم العربي.

وتطرق إلى كون ابن سينا أحد علماء الطب وهو صاحب مسيرة حافلة، وذلك ما ساهم في نجاح المسلسل عربياً في فترة تقديمه، مؤكدا أن الأجيال الجديدة تحتاج إلى مثل هذه الأعمال، ولكن بطريقة تناسب العصر الحالي بشكل كبير، وهو الدافع الذي جعله يسعى من أجل إعادة تقديم المسلسل بشكل جديد، لكن الظروف لم تسمح.

فنانون عرب يبكون الفنان الراحل ويعزون أسرته

تحوّلت الصفحات الخاصة بالفنانين على مواقع التواصل الاجتماعي لساحة تعازٍ ورثاء للفنان الراحل محمود ياسين، وهي التعازي وعبارات النعي التي شارك فيها أفراد عائلته بعد ساعات من إعلان الخبر.

وكتبت زوجة الراحل، الفنانة شهيرة: «رحل حبيب عمري خلاص»، في وقت شارك نجلها عمرو وحفيده محمود في إعلان الخبر عبر حساباتهم على مواقع التواصل، مطالبين متابعيهم بالدعاء بالرحمة للفنان الراحل، كما نشرت الفنانة رانيا محمود ياسين صورة لها من طفولتها برفقة والدها مع إعلانها خبر الوفاة.

ونعت وزارة الثقافة المصرية الفنان الراحل، معتبرة أن ساحة الإبداع فقدت أحد رموزها ونجم عبر بصدق عن قضايا المجتمع في أعماله التي ستبقي علامات بارزة في تاريخ الأداء التمثيلي، في حين أشادت جمعية كتاب ونقاد السينما بالمسيرة الحافلة التي قدمها الفنان الراحل.

وعبر حساباتها المختلفة، كتبت الفنانة هند صبري: «فقدنا نجماً عربياً من طراز خاص شرفت بالعمل معه في الجزء الأول من فيلم الجزيرة»، في حين عبرت الفنانة إليسا عن حزنها لخبر رحيل محمود ياسين، مغردة في «تويتر»: «مؤلم جداً فقدان أحد أهم نجوم الفن المصري، نجم رافق مراحل العز والإبهار في السينما والتلفزيون في مصر»، وعلقت الفنانة ماجي بوغصن: «‏‏في ناس لو رحلت بالجسد بتبقى، ألف رحمة على روحك ‎محمود ياسين، عطاؤك على الشاشة رح يبقى».

واختارت الفنانة إسعاد يونس صورة للراحل وعلقت: «في أمان الله يا أستاذ، سلم عالحبايب»، في حين نشرت الفنانة اللبنانية يارا صورة للراحل من فيلم «أين عقلي» وكتبت: «وداعاً ‫محمود ياسين عملاق من عمالقة الفنّ والزّمن الجميل».

وغردت نانسي عجرم راثية الراحل: «‏‏‏محمود ياسين... تاريخ طويل من الأعمال الفنية بالسينما والمسرح والتلفزيون والإذاعة، غيابك رح يترك فراغ كبير، كل التعازي لعائلته والشعب المصري والعربي».

وكتبت الفنانة ليلي علوي عبر حسابها: «وداعاً فتى الشاشة الأول وهرم من أهرام الفن والثقافة في مصر والوطن العربي وصاحب سنوات النجاح والخبرة والأعمال الخالدة.. إلى رحمة الله عزائي لأسرته وأحبابه الفنانة شهيرة وعمرو ورانيا محمود ياسين ومحبي فتى الشاشة جميعًا من المحيط إلى الخليج»، في حين غردت الفنانة هاله صدقي: «وأنا طفلة كان حلم حياتي اني اشوفه على الحقيقة ولما جاءت الفرصة للتصوير معاه في مسلسل الافيال لم اصدق اني اقف امام غول التمثيل، رحل فتى أحلام جيل كامل من البنات، الله يرحمه فقدنا رمزا مهما، الله يرحمه».

أما الفنانة بشرى التي شاركته آخر افلامه السينمائية «جدو حبيبي» فكتبت: «وداعاً الأستاذ محمود ياسين... رحل عملاق السينما والمسرح والتلفزيون والإذاعة، رحل الفنان والزوج والأب والجد تاركا حزنا كبيرا، لكنه ترك أيضا فخرا كبيرا وتاريخا وسيرة محترمة ومسيرة منفردة، كان لى شرف العمل معه في فيلم جدو حبيبي وفي نهاية الفيلم بكيت لرحيل جدو واليوم أبكي مرة أخرى لرحيلك يا أستاذي العزيز».

ونعت الفنانة نادية الجندي الراحل قائلة: «فنان لا يعوض ولن يتكرر أنجح افلامي كانت معه، وأحلى كواليس وعشرة، فنان جميل لن يتكرر، قدم كل الأدوار والشخصيات ببراعة على الشاشة، كان نموذجاً للفنان الراقي الخلوق المحترم الله يرحمه يارب، خالص التعازي لأسرتة الكريمة».

كما نعته الإعلامية هبة الاباصيري ومادلين طبر ودرة ونهال عنبر عبر صفحاتهن في مواقع التواصل الاجتماعي.

شهيرة... قصة الحب الوحيدة في حياته

عاشت الفنانة شهيرة برفقة زوجها الفنان الراحل محمود ياسين قرابة نصف قرن من الزمان، بعد زواجهما في بداية السبعينيات، لتشكل معه ثنائيا ناجحا فنيا وزوجيا على مدار العقود الخمسة، أثمر عن انجاب عمرو ورانيا بعد قصة حب لم تدم طويلا.

تعرف محمود ياسين على شهيرة للمرة الأولى كمرشحة أمامه في فيلم «صور ممنوعة»، الذي نشأت فيه قصة حبهما، بعدما استمر تصويره نحو 5 أشهر، وكانت وقتها شهيرة في الفرقة الاولى وفقدت والدها بتلك الفترة، لتتوج قصة حبهما بالزواج بعد شهور قليلة. كانت شهيرة في تلك الفترة قادمة من الزقازيق كطالبة مغتربة بالمعهد، وتربطها علاقة أخوة مع الفنان الراحل أحمد زكي، الذي طلب من محمود ياسين أن يتم الزواج سريعا، وهو ما حدث بالفعل ببداية مشواره مع النجومية، بعد نجاح فيلمه الأول «نحن لا نزرع الشوك».

ورغم تحول محمود ياسين إلى فتى الشاشة الأول في السبعينيات والثمانينيات فإن زوجته شهيرة لم تشعر بالغيرة من معجباته، بحسب تصريحاتها المستمرة، خاصة مع قيام المعجبات بمحاولة الوصول إليه من خلالها، فهي أدركت مبكرا نجومية زوجها ولم تتضايق منها.

في رحلة مرضه، التي استمرت نحو 7 سنوات، حرصت شهيرة على مرافقة زوجها وقضاء غالبية الوقت برفقته في المنزل مع ظهور قليل في المناسبات، وفضلت دائما عدم الكشف عن طبيعة مرضه، حفاظا على صورته أمام الجمهور.

قدم ياسين في مسيرته الفنية 250 عملاً فنياً مختلفاً

شارك في مجموعة أفلام وطنية وثقت حرب أكتوبر
back to top