العالم يبكي أمير الإنسانية

نشر في 02-10-2020
آخر تحديث 02-10-2020 | 00:05
 مشاري ملفي المطرقّة على مدار أكثر من 6 عقود من الزمن قدم سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، رحمه الله، خدمات جليلة لا تعدّ ولا تحصى لوطنه والأمتين العربية والإسلامية والإنسانية جمعاء، لم يكلّ أو يملّ ولم يمنعه العمر المتقدم والمرض عن العمل من أجل نهضة الكويت وتقدمها، فحققت في عهده قفزات تنموية واقتصادية في مختلف المجالات، وأسهمت وساطاته في حل العديد من الأزمات ورأب الصدع بين الأشقاء المتخاصمين، كما وصل الخير الكويتي إلى كل ربوع العالم دون تمييز أو تفرقة بين الناس أو النظر إلى أجناسهم وأعراقهم وأديانهم.

وببسمته المتفائلة وسياسته المتزنة الحكيمة استطاع سمو الأمير الراحل أن يكسب حب واحترام الجميع.. أحبه الكويتيون واعتبروه والداً لهم قبل أن يكون قائدهم، وأحبته كل شعوب العالم التي ترك على أرضها بصمات الخير والسلام، وتوجت مبادراته الإنسانية التي كانت لها أصداء عالمية بتكريم رفيع من الأمم المتحدة بمنحه لقب "قائداً للعمل الإنساني"، وهو لقب تم اعتماده خصيصاً له نظراً لجهوده في العمل الإنساني على الصعد كافة، ولم يتم منح مثل هذا اللقب لأحد من قبل.

رحل سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد بعدما أكمل رسالته، وأدى أمانته، وقاد سفينة الكويت وسط بحار عاتية من التوترات الإقليمية والعالمية، استطاع بحنكته أن يجنب بلاده إياها، وأن يشق لها طريقا آمناً محفوفاً بالسلام والمحبة من العالم، رحل صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، لتفقد الكويت قائداً فذاً قاد مسيرة تنميتها وازدهارها خلال الـ14 عاماً الماضية، وخلد اسمها في المحافل الإقليمية والعربية والعالمية.

ولم يكن بالمفاجأة ما شهدناه من تهافت قادة وزعماء العالم على نعي سمو الأمير الراحل وإعلان الحداد عليه، والحديث عن خصاله الحميدة وسياسته الحكيمة وإنجازاته الكثيرة، وإنسانيته الفريدة، وشخصيته التي لن تتكرر، فالحزن لم يلف الكويتيين فحسب، إنما اتسعت دائرته إلى الوطن العربي قاطبة الذي فقد برحيل صاحب السمو قائداً حكيماً كان حريصاً على تعزيز صفوف دوله وتمتين وحدتها وإعلاء كلمتها، ووأد الخلاف بينها، فضلاً عن أحزان الإنسانية كلها التي فقدت بفقدان أميرها عطاءه الذي لم يبخل به على مصاب سمع به في مختلف أرجاء العالم، حتى غدت الكويت في عهده قبلة للمساعدات الإنسانية والوقفات النبيلة مع المصابين وذوي الكوارث.

إن الأمير الراحل، رحمه الله، رحل عن دنيانا لكنه ترك خلفه إرثاً عظيماً سيظل يذكرنا بدوره الكبير في حياتنا وحياة الأجيال المقبلة بفضل ما رسخه من أسس لدولة المؤسسات التي تنبض بجميع مكوناتها نحو التحرك دائماً إلى الأمام، لدعم مسيرة النهضة والبناء والازدهار، ونسأل المولى سبحانه أن يعين صاحب السمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله ورعاه، على استكمال مسيرة البناء والنهضة والعطاء لهذا الوطن المعطاء.

نبتهل إلى المولى عز وجل في هذه اللحظات الأليمة أن يلهم أهل الكويت جميعاً ومحبي والدنا وقائدنا الراحل في كل مكان جميل الصبر والسلوان، وأن يرحمه بواسع رحمته وغفرانه ويسكنه في جنات فردوسه الأعلى مع الأبرار والصالحين والصديقين وحسن أولئك رفيقاً، وجزاه الجزاء الأوفى على ما قدمه من أعمال جليلة لوطنه وشعبه وأمته العربية والإسلامية. و"إنا لله وإنا إليه راجعون".

back to top