الزواج نظام متكامل

نشر في 25-09-2020
آخر تحديث 25-09-2020 | 00:06
 د. نبيلة شهاب يعتبر الزواج من العلاقات الأساسية لقيام الحياة الاجتماعية، وهو نظام تكامل وتعاون بين الزوجين، ولا يعني ذلك قصوراً بأحد الزوجين، بل على العكس من ذلك، حيث يأتي أغلبهم من أسرته مكتمل الشخصية، ولكن التكامل هنا يعني اندماجا وتآلفا بل انصهاراً إيجابياً يخرج منه في النهاية نموذج صحيح متكامل لإدارة الأسرة وتربية الأبناء التربية الصحيحة السليمة.

وتعد تربية الأبناء من أصعب المسؤوليات وأهمها وأكثرها تعقيداً، خصوصاً إذا كانت من طرف واحد، فبعض الأزواج والآباء يترك موضوع التربية والتنشئة وتنظيم التعامل بين أفراد الأسرة بالكامل للأم الزوجة، ليس قصوراً في المرأة للقيام بذلك، ولكن حسب طبيعة المرأة والرجل وقدراتهما ونوع تفكيرهما نجد أنه يجب أن يتقاسم الاثنان الأدوار ويكمل أحدهما دور الآخر بكل أريحية وتفاهم واحترام، فحين يحترم الأب توجيهات الأم للأبناء والعكس صحيح نجد أن تقبل الأبناء لهذه التوجيهات يكون أكثر سهولة وأكثر احتراماً والتزاماً.

ولا تقف الأمور عند الأبناء، فهذه الأسرة الصغيرة مع الأيام تكبر، ويكبر هؤلاء الأطفال ليكوّن كل منهم أسرة مستقلة، والأسرة الصغيرة تكون داخل الأسرة الأصلية الكبيرة، ومهما حاولت الاستقلالية سيكون هناك نقاط التقاء وأحداث إيجابية وسلبية وهذه طبيعة الحياة، فعلى سبيل المثال قد لا تتقبل بعض الأمهات زوجة الابن التقبل المناسب، وقد تتدخل في حياتهما، وقد توجهها وينسحب الأمر كذلك على زوج الابنة.

ولكن لماذا تقوم بعض الأمهات بذلك لا الآباء؟ السبب الرئيس أن الأم تحمل في داخلها كماً كبيراً من المشاعر التي غالباً ما تقاد بواسطة التفكير العاطفي، ولا عيب في ذلك إن كان يوجه من قبل التفكير العقلاني الواقعي، وكذلك لاحتكاكها المستمر مع الأبناء، في حين يكون الأب غالباً مشغولاً بعمله والأنشطة خارج المنزل.

ومن حسن الحظ أن هذه النوعية من الأمهات أصبحت قليلة في وقتنا الحالي بسبب تعليم الأمهات وعملهن وتفاعلهن مع المجتمع وتفهمهن لأدوارهن، مما يؤدي الى إظهارهن احتراماً أكثر للمسافات، وأكثر تقبلاً لخصوصية الأسرة الصغيرة، أسرة الابن أو أسرة الابنة.

بعض الآباء ينسحب انسحاباً كلياً من تفاصيل ومشاكل الأسرة وكيفية تفاعلها مع المواقف المختلفة، ويقتصر دوره على الاستمتاع بالأوقات السعيدة مع الأسرة فقط! وهذا تحديداً ما نعنيه هنا، فتدخل الأب وفرض رأيه إن احتاج الأمر، وتحمله مسؤوليته الوالدية لا سيما إذا كان تفكيره وتصرفه صائباً، يسهم في القضاء على أي مشكلة تنشأ داخل الأسرة.

فبذل النصيحة للأم (زوجته) ومساعدتها إن أصبحت طرفاً فيها، لا يعد انتقاصاً من احترامها أو تفكيرها، وهو كذلك بعمله هذا ينصف زوجته ويكبر من قدرها بأن يسعى إلى أن يبعدها عن المشاكل بشكل عام بتحمله جزءا منها، وهنالك مشاكل قد تقع فيها الأم وتكون سبباً فيها لمجرد أنها المسؤولة الوحيدة عن الأسرة.

ويحدث ذلك لأن الخائف من فشله في قيادة الأسرة الى جانب قلة الخبرة غالبا ما يتخذ سلوكاً متشدداً حتى لا يقع بأي خطأ، وهذا ما تقع فيه بعض الزوجات والأمهات، ولكن لو شعرت أن هناك من يساندها ويشاركها في تحمل هذه المسؤوليات والمشاكل، تكون أكثر هدوءا وأكثر ثقة بنفسها وقدراتها وأقل تشدداً، وهنا يكون تدخل الزوج والأب منصفاً لها ولكل أفراد الأسرة، فبتفكيره العقلاني المنطقي يكمل دور الزوجة والأم، وقد يوجهه باحترام وهدوء إن كان في الاتجاه الخاطئ أو تغلب عليه العاطفة.

لذلك نجد أنه من الأنانية بمكان أن يتخلى الزوج والأب عن دوره الاجتماعي في مساندة أسرته ورعايتها ويلقي بالمسؤولية كاملة على الزوجة، والأسر التي يتشارك فيها الزوجان المسؤولية تكون النتائج إيجابية في تربية الأبناء واستقرار الأسرة وسعادتها، وتصبح العلاقات بين أفراد الأسرة جيدة وهادئة، وتتسم بالاحترام والتعاون والمودة.

back to top