كيف وجد «داعش» ملاذاً آمناً في بادية الشام؟

نشر في 23-09-2020
آخر تحديث 23-09-2020 | 00:02
 المونيتور توسّعت عمليات تنظيم "داعش" ضد النظام السوري والأهداف المحسوبة على إيران في الفترة الأخيرة، مما أدى إلى زيادة الخسائر وسط تلك القوى رغم العملية العسكرية التي أطلقتها روسيا حديثاً ضد "داعش" في بادية الشام في وسط سورية.

غداة مقتل جنرال روسي على يد "داعش"، أعلن وزير الدفاع الروسي في 25 أغسطس إطلاق عملية عسكرية ضد التنظيم في بادية الشام باسم "الصحراء البيضاء".

صرّح همام عيسى، ناشط إعلامي من ريف حلب له اطلاع واسع على عمليات "داعش"، لموقع "المونيتور": "تمتد بادية الشام على مساحة 80 ألف كيلومتر مربّع، وهي تسمح للتنظيم بمفاجأة قوات النظام أثناء تحركها من محافظة دير الزور وإليها في أقصى شرق سورية مروراً بصحراء الرقة. تمتد هذه الصحراء إلى ريف السويداء وريف دمشق وريف حماة وحمص غرباً، وتصل إلى الحدود السورية العراقية شرقاً، كما أنها تمتد إلى الحدود السورية الأردنية جنوباً وضواحي محافظتَي الرقة ودير الزور شمالاً".

يقول عيسى إن روسيا تستعمل "لواء القدس" كرأس حربة في معركتها ضد "داعش" في بادية الشام لملء الفراغ الذي خلّفته قوات الدفاع الوطني بعد انسحابها من مواجهة "داعش" في المنطقة بسبب الخسائر التي تكبدتها في الأشهر الأخيرة. اليوم تقدم القوات الروسية الدعم لـ"لواء القدس" للسيطرة على الوضع الأمني والعسكري في بادية الشام. نشأ "لواء القدس" في عام 2013، وهو يتألف في معظمه من مقاتلين فلسطينيين يحاربون إلى جانب قوات النظام السوري.

في هذا السياق صرّح صهيب عبدالرزاق جابر، صحافي من ريف دير الزور، لموقع "المونيتور": "لقد حوّل "داعش" بادية الشام إلى ثقب أسود يبتلع جنود النظام، وتدرك جميع الجهات التي تسيطر على المنطقة [قوات النظام، روسيا، إيران، القوات الكردية] أن التنظيم يملك حتى الآن آخر معقل له في الصحراء، ومنذ عام 2017، تعرف تلك الجهات أيضاً حجم ذلك المعقل وعدد عناصر "داعش" هناك، حيث يتحرك هؤلاء العناصر بسهولة في الصحراء ويسهل عليهم الاختباء فيها، لا سيما خلال الليل. ينفذ مقاتلو "داعش" اعتداءات فردية، مما يُصعّب استهدافهم بالضربات الجوية، فهذا ما ساعد التنظيم على الصمود في آخر معقل له وقد استفاد أيضاً من شن اعتداءات مفاجئة قبل الاختفاء مجدداً، كذلك يتعامل بعض القادة في ميليشيات الأسد مع "داعش" لتهريب الناس والسلع، حتى أن الطرفين تستّرا على بعضهما بموجب هدنة أو اتفاق بينهما، وربما عُقد ذلك الاتفاق بعدما زار عدد من قادة الحرس الثوري الإيراني القواعد العسكرية في بادية الشام، بالقرب من مراكز "داعش"، بما في ذلك قاسم سليماني في عام 2019 ووزير الدفاع الإيراني في عام 2018.

على صعيد آخر، خسرت روسيا عدداً من ضباطها على يد "داعش" لأن هؤلاء الضباط لم يتدربوا على إطلاق عمليات عسكرية في المناطق الصحراوية، ولا يعرف الضباط الروس أيضاً الأماكن التي زرع فيها "داعش" الألغام". يستبعد الصحافي إقدام "داعش" على إطلاق اعتداءات للسيطرة على بعض المدن، على غرار السخنة، ثاني أكبر مدينة في بادية الشام بعد تدمر، لكنه يظن أن التنظيم يطلق اعتداءات أسبوعية في ضواحي المدن الأساسية مثل البوكمال، والميادين، والعشارة، والقورية، والسخنة، وتدمر، وكباجب وسواها.

تعليقاً على فشل قوات النظام في التخلص من "داعش" في بادية الشام، يوضح جابر: "جميع عمليات النظام تفشل بسبب استنزاف قواتها، فهي لا تتمتع بالقدرات البشرية أو التقنية أو المادية اللازمة لخوض هذه المعركة وتتكل بشكلٍ أساسي على قوى غربية تفتقر إلى الخبرة لمحاربة "داعش" في ظروف مماثلة".

أخيراً يقول عبدالرحمن العاصف، زعيم جهادي سابق وخبير في الجماعات الجهادية: "الهيكل التنظيمي في "داعش" هو أهم عامل يضمن صموده، ولا ننسى العمليات التي يطلقها بناءً على استراتيجية مدروسة، لذلك ستتابع روسيا تكبّد الخسائر على يد "داعش" طالما لا تدرك استراتيجية التنظيم، وفي الوقت نفسه، تعمد روسيا إلى تضخيم خسائر "داعش" لطرح نفسها كجهة تحارب الإرهاب بعدما فشلت الولايات المتحدة في التعامل بجدّية مع المخاطر الإرهابية، وتهدف هذه الحملة الدعائية كلها إلى تبرير وجودها في سورية ودعمها لنظامٍ يقتل السوريين، ففي نهاية المطاف من المعروف أن روسيا لم تحضر إلى سورية في الأصل لمحاربة الإرهاب بل لدعم الأسد".

* سلطان الكنج

back to top