عقوبات ما قبل «اتفاق إيران» تعود وواشنطن تهدد المنتهكين

• طهران تُحذّر الأميركيين من اتخاذ «خطوات عملية» وتتعهد بالرد على تفتيش السفن
• «الأوروبي» يتمسك بالاتفاق النووي
• موسكو: العالم ليس لعبة كمبيوتر أميركية

نشر في 21-09-2020
آخر تحديث 21-09-2020 | 00:05
إيراني يمر أمام جدارية في طهران أمس تمثل البطل الفارسي الأسطوري روستم وهو يجر أسيراً (أ ف ب)
إيراني يمر أمام جدارية في طهران أمس تمثل البطل الفارسي الأسطوري روستم وهو يجر أسيراً (أ ف ب)
تعهدت واشنطن بمعاقبة «الدول المتهاونة» في تطبيق العقوبات الأممية، التي أعلنت إعادة فرضها على إيران، من جانب واحد، رغم معارضة أعضاء مجلس الأمن للخطوة، في حين هددت السلطات الإيرانية برد ساحق إذا قامت الولايات المتحدة بانتهاك سيادتها، استناداً إلى العقوبات المندرجة تحت «البند السابع»، الذي يجيز استخدام القوة.
بالتزامن مع إعلان الولايات المتحدة، من جانب واحد، أن عقوبات الأمم المتحدة على إيران دخلت مجدداً حيّز التنفيذ، حذّر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو من عواقب عدم الالتزام بالخطوة، وأكد أن واشنطن ستعلن إجراءات جديدة خلال الأيام المقبلة لتعزيز العقوبات الأممية على الجمهورية الإسلامية ومحاسبة منتهكيها.

وكتب بومبيو على «تويتر»، أمس: «عادت جميع عقوبات الأمم المتحدة تقريباً على إيران، الدولة الرائدة في رعاية الإرهاب ومعاداة السامية. يشمل ذلك التمديد الدائم لحظر الأسلحة. هذه أخبار رائعة من أجل السلام في المنطقة!».

وشدد على أنه «إذا أخفقت الدول في القيام بواجباتها بتطبيق العقوبات، فإن الولايات المتحدة مستعدة لاستخدام سلطاتنا الداخلية لفرض عواقب على الجهات التي تقف وراء هذه الإخفاقات، وضمان ألا تجني إيران مكاسب من هذا النشاط المحظور من قبل الأمم المتحدة».

وتابع: «لن نتردد في فرض عقوباتنا، ونتوقع من جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة الامتثال الكامل لالتزاماتها بموجب هذه القيود المعاد فرضها».

وتعهد الوزير باستمرار حملة إدارة الرئيس دونالد ترامب للضغوط القصوى على النظام الإيراني، وبالتنسيق مع حلفاء واشنطن، حتى توقيع اتفاق شامل، يكبح تهديداتها النووية، و«نشر الفوضى والعنف وسفك الدماء».

وجاءت الخطوة المثيرة للجدل قبل خطاب مرتقب لترامب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، غداً، وقبيل الانتخابات الرئاسية المقررة في الثالث من نوفمبر المقبل، والتي يسعى من خلالها للفوز بولاية ثانية.

تنديد وتهوين

من جهتها، نددت السلطات الإيرانية بالخطوة الأميركية، ودعت باقي دول العالم للوقوف صفاً واحداً في مواجهة «تحرّكات واشنطن المتهورة».

واعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة أن «الإجراءات الأميركية ضجة من أجل لا شيء». ورأى أن الولايات المتحدة نفسها «تعلم بأن مزاعمها بشأن عودة العقوبات فارغة وبعيدة عن الواقع ولا أثر لها».

ودعا زادة واشنطن إلى «العودة للمجتمع الدولي والعمل بواجباتها».

وبشأن إمكانية قيام واشنطن بتفتيش السفن والطائرات الإيرانية، استناداً إلى البند السابع الذي تندرج تحته العقوبات الأممية، قال المسؤول الإيراني إن «طهران سترد بحزم على أي إجراء ينتهك سيادتها والقوانين الدولية». وحث واشنطن على التخلي عن الغطرسة والكف عما أسماها بسياسة «قطاع الطرق».

ولاحقا، قال الرئيس ​حسن روحاني​ إن «​أميركا​ واجهت هزيمة، وقوبلت برد فعل سلبي من المجتمع الدولي في مسعاها لإعادة فرض العقوبات».

وأضاف روحاني: «إيران لن ترضخ أبداً للمطالب الأميركية غير المشروعة... ونقول دوماً إن هناك طريقة واحدة فقط للتعامل مع الأمة الإيرانية، وهي التحدث إليها بلغة الاحترام».

وحذر من رد «إيراني حاسم» إذا ما «استمرت الولايات المتحدة في بلطجتها وقامت بخطوات عملية» فيما يتعلق بإعادة فرض العقوبات الأممية على إيران.

من جانبه، قال رئيس مجلس الشورى الإسلامي، محمد باقر قاليباف، في جلسة للبرلمان، أمس، إن «عداوة أميركا للشعب الإيراني متجذرة، ولن يكون هناك أي فرق سواء أصبح ترامب رئيساً، أو جو بايدن»، مضيفاً: «يجب ألا نبتهج بفشل أميركا القانوني والسياسي؛ فالأعداء ماضون في مخططاتهم ضد إيران، وتشديد العقوبات عليها».

في موازاة ذلك، أكد سفير إيران الدائم لدى الأمم المتحدة مجيد تخت روانجي في رسالة إلى رئيس مجلس الأمن الدولي، رفض بلاده للخطوة الأميركية.

معارضة واسعة

وقوبلت إعادة تفعيل آلية «سناباك» المنصوص عليها في الاتفاق النووي الإيراني، التي أُعلن عنها بومبيو، أغسطس الماضي، باعتراض واسع من كل الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، استنادا إلى إعلان ترامب الانسحاب من الاتفاق عام 2018.

وصدر، أمس، بيان مشترك عن البلدين دائمي العضوية في مجلس الأمن، فرنسا وبريطانيا، إضافة إلى العضو غير الدائم ألمانيا، جاء فيه أنه لا يمكن أن يكون لـ«إشعار بومبيو المفترض أي أثر قانوني».

وأكد مسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، أمس، أن «الولايات المتحدة انسحبت بصورة أحادية من الاتفاق في مايو من عام 2018، وبالتالي فإن التزامات رفع العقوبات بموجب الاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015 مستمرة في التطبيق».

وشدد على أن الاتفاق النووي الذي يسمح بمراقبة البرنامج الذري الإيراني يظل ركيزة أساسية للهيكل العالمي لمنع الانتشار النووي، ويساهم في الأمن الإقليمي والعالمي.

ودعا إلى ضبط النفس والامتناع عن أي عمل يمكن أن يزيد تصعيد الوضع الحالي.

اتهام روسي

واعتبرت وزارة الخارجية الروسية أن خطوة واشنطن «باطلة وملغاة قانونياً وإجرائياً». واتهمت موسكو واشنطن بـ«إدخال المجتمع الدولي في متاهة من خلال الادعاء أن مجلس الأمن الدولي جدد العمل بنظام العقوبات ضد إيران». وقالت موسكو: «بحكم طبيعتها، لا يمكن لمبادرات وتحرّكات الولايات المتحدة غير الشرعية أن تحمل عواقب قانونية دولية».

واعتبرت أن واشنطن «تحاول إجبار الجميع على وضع نظارات الواقع الافتراضي»، والموافقة على روايتها للأحداث، مضيفة: «العالم ليس لعبة كمبيوتر أميركية».

ورأت موسكو أن إصرار واشنطن على موقفها وجّه «ضربة خطيرة لسلطة مجلس الأمن الدولي»، وكشف عن «ازدرائها الصريح لقراراته وللقانون الدولي برمّته».

وأكدت أنها ستعمل على تنفيذ اتفاق 2015 وطالبت الولايات المتحدة بألا تفاقم الوضع، «بل عليها فورا التخلي عن مسارها الرامي لتدمير الاتفاقية النووية».

عدم يقين

وتحدث الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن «عدم اليقين» بشأن استمرار أو عدم استمرار العقوبات، مشيراً إلى أنه لن يمضي قدماً في اتجاه إعادة العقوبات ما دام هذا الشك موجوداً.

تجدر الإشارة إلى أن الأمم المتحدة تقدم دعماً فنياً وإدارياً إلى مجلس الأمن من أجل تنفيذ أي عقوبات، وهو ما يلفت إليه غوتيريش حينما يقول إنه لن يتخذ أي إجراء في هذا الاتجاه إلا بعد أن يتأكد من وضع العقوبات الإيرانية.

back to top