شوشرة: إحباط

نشر في 18-09-2020
آخر تحديث 18-09-2020 | 00:10
 د. مبارك العبدالهادي العديد من الأشخاص يكررون تساؤلا حول أسباب الانتقادات المستمرة للأوضاع المتقلبة في البلاد، ويستاؤون من الكتابات التي تعبر عن واقعنا المؤلم، بل يعتبرون ذلك جريمة ويتحدثون بألفاظ نترفع عن التطرق لها، فلماذا لم يتساءلوا عن كل هذه الانتقادات والاستمرار فيها؟ وما الشيء الجميل الذي يعكس واقعنا للكتابة عنه أو الإشادة به؟

نحن لسنا المدينة الفاضلة، وقد تتعرض العديد من الدول لما نحن فيه، لكن لماذا لا نكون الأفضل؟ ولماذا لا نغير واقعنا السيئ؟ ولماذا لا نعالج أوضاعنا في ظل استمرار الأحداث السلبية التي أصبحت صداعاً يلازم غالبية المواطنين والمواطنات حتى وصل إلى الصغار؟

وهؤلاء الذين يحاولون تجميل الصورة وهمهم الأول استمرار مكاسبهم الخاصة، لماذا لم يتساءلوا عن المسؤول عن حالة الإحباط التي وصلنا إليها؟ والمسؤول عن التناحر والصراع الذي أصبح عالمكشوف بين بعض الأقطاب؟ وكيف ستنصلح الحال والكل يشكو بدءاً من الوزير وانتهاءً بالصغير؟

أما غالبية نوابنا الأفاضل فحدّث ولا حرج لأنهم شركاء رئيسيون في إيصال الشعب إلى مرحلة الإحباط، ألم يعلم هؤلاء أن الانتقاد أصبح المتنفس الوحيد أمام هذا الفائض من الفساد والاختلاسات والسرقات والتجاوزات والتلاعب والرشا وتجاوز القانون والتلاعب بمصير الآخرين بمزاجية بعض الشراذم، وانتهاك خصوصية الناس حسبما يرغبون، وغيرها من المصطلحات التي لا تعدّ ولا تحصى، والتي تعبر عن واقعنا ومعاناتنا ومآسينا؟

إلى متى الشعب يدفع الثمن في كل شيء؟ وإلى متى يحمل على عاتقه مسؤولية تجاوزات الحرامية والغسالين وغيرهم؟ حتى وصل الأمر أن يتحمل الشعب مسؤولية تخلف وزارة الصحة بعد ارتفاع أعداد المصابين بكورونا رغم الحجر وتقيد الغالبية بالاشتراطات.

على هؤلاء الذين يرسمون لنا الصورة الجميلة وفقا لمخيلتهم أن يلتفتوا إلى القضايا التي أنهكت الناس، وأن يشاهدوا ما فعلته السلطتان التشريعية والتنفيذية في البلد، وأن الحزن الشديد الذي أصبحت ملامحه صفة تلازم العديد لم يأت من فراغ، والإحباط الذي عشعش في نفوسهم لم يأت مصادفة، والاكتئاب الذي صادق البعض لم يأت في ليلة وضحاها، بل كلها مخلفات غزو الفاسدين لأموال الشعب واختلاس حقوقه وانتهاك حرياته.

العديد يكررون عبارة «غدا أجمل»، رغم أننا ننتظره بفارغ الصبر ونرجو ألا نرجع إلى المربع الأول، لأننا لسنا على استعداد لصدمات أخرى ومفاجآت أشد بأساً، والتبريرات «الكورونية» التي أصبحت مخرجاً جديداً أمام بعض الأزمات أصبحت الملجأ الوحيد للخروج من المأزق من بعض الذين يخشون المواجهة، وكأن كورونا بات شريكا مهما حاليا أمام مشاكلنا وأصبحت فوائده تفوق عدواه، أي أن هذا الوباء لم يسلم أيضا من بلاوينا.

التفتوا إلى الشعب وقضاياه وهمومه بعيدا عن التلاعب بمصيره ومشاعره، لقد سئم الناس تكرار السيناريوهات والمشاهد المخزية وغيرها من الأحداث التي تجاوزت حدود العقل في دولة المؤسسات والقانون.

back to top