نقطة:لا يُوجد مَخرَج

نشر في 11-09-2020
آخر تحديث 11-09-2020 | 00:20
 فهد البسام هذا ما يُكتب أحياناً على لافتات الخطوط السريعة أو الشوارع قيد الصيانة، لتنتبه بشكل كلّي للطريق، ولا يشتت انتباهك الأمل بظهور جادة مختصرة توصلك لغايتك.

وإذا كنّا نعتبر النظام في الكويت "ديمقراطياً"، كما نحبّ أن نردد دائماً ونعاير غيرنا، فعلينا أن نقتنع بأنه لا توجد في "الديمقراطيات" طرق مختصرة توصلنا لما نتمنّاه من تقدّم ورفاه واستقرار لبلدنا، ناهيك أننا - من حيث المبدأ - غير متفقين على معاني هذه المفردات.

طريقنا قيد الصيانة، وآلاف الحسابات تُجرى الآن في القاعات المغلقة، وتُعقد التحالفات والوعود، وتتغيّر وتُنقض وتُعقد مرة أخرى، ورغم ذلك، عليكم ألّا تتوقّعوا مخرجاً سهلاً يختصر لكم مشوار الألف ميل بخطوة واحدة.

فالنظام "الديمقراطي" بطيء بطبيعته، ويصحح أخطاءه بنفسه كما يُفترض، فإن حمّلته بالطائفية والقبلية والفئوية والامتيازات الطبقية والمنافسات العائلية والنزعة الشعبوية، فلا تتوقّع بعدها أن يأتيك شيخ منقذ ينزل من السماء أو نائب "سوبرمان" خارق للطبيعة يعدل المقلوب، ويملأ الأرض عدلاً، بعد أن ملأها مَن سبقوه قبضاً وتخليصاً للمعاملات، فالطين واحد، وإن تغيّرت الأشكال والأجسام والبشوت ومخارج الحروف، وسيظلّ النظام يراوح مكانه، كما أظنّكم تعرفون، ولا شيء سيُصحّح، ولن يتغيّر سوى بعض الوجوه، بينما ستبقى الآليات والتكتيكات ذاتها، قد يكون فلان أنزه من فلان أو أنظف منه قليلاً، لكنّ النتائج لن تتغير بالشكل الخيالي المأمول.

أمّا حين تسمع البعض يحرّض "الشيوخ" على ارتكاب ممارسات دكتاتورية لتحقيق إنجازات تقدّمية بذرائع ديمقراطية، سواء أكان ذلك عن قناعة تامة أم بادعاءات إنقاذ البلد والحرص على تاريخ الأسرة وحُكمها، إلى آخر هذه "اللطمية"، فاحذر من هؤلاء قبل غيرهم، فهم يعلمون قبل غيرهم أنهم بالذات أحد أسباب تردّي الأوضاع في البلد، وأن ما يطالبون به لن يحدث لأسباب عديدة مختلفة وعميقة، ليس أوّلها ندرة الشيوخ التقدميين المتنورين من أصحاب الرؤى والأهداف بعيدة المدى، ولن يكون آخرها معارضة تلك "الإنجازات" من نفس الذين كانوا يدعون لها في البداية، أو عرقلتها على الأقل، سواء بدفع من "شيوخ" آخرين أو لأسباب ذاتية، فللفشل والتردي "شريطية" شطّار يدركون أنهم لا يستطيعون تقديم شيء، وبالتالي سيخرجون من السوق نهائياً لو تغيّرت الأوضاع للأفضل.

نفهم أن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، والدرج ينظف من الأعلى ورأس السمكة وذيل الكلب، وبقية المقولات والأمثلة المسحولة لنا من ماليزيا حتى جنوب إفريقيا، لكنّنا هنا في الصحراء، ولطالما كان الفساد والمحسوبية من سلوم العرب وعلوم الرجال، فلن تتغيّر الأحوال حتى يتغيّر ما بأنفسكم، وبعدها كما تكونوا سيُولّى عليكم.

فأنت في غالب الأحوال موظف الحكومة الذي يشتكي من سوء اختياراته الانتخابية وأدائه الوظيفي بقية موظفي الحكومة، الذين تشتكي أنت - بدورك - من سوء أدائهم واختياراتهم، ثم تلقون جميعاً همومكم وقلقكم على حال البلد عند حائط السلطة التي، بدورها، تمارس مهامها من خلالكم، لذا، فالأضمن لك ولمستقبل أبنائك أن تراهن على نفسك فقط، فإذا أردت فعلاً لبلدك النهوض، وأن تكون كالدول الإسكندنافية، فعليك أن تتصرف وتعمل كنرويجي ليتولّى أمرك بعدئذ أخوك السويدي أو الدنماركي على الأقل، ولا تكتفي بجَلد الذات والمقارنات السوداوية وإلقاء اللوم على الآخرين إلى ما لا نهاية، وحتى ذلك الحين سيبقى لكلّ زمان شيوخه ومعارضته وقبّيضته ومنتفعوه ولصوصه الكرام.

back to top