دونالد ترامب تعمّد تقليل خطر كورونا... وجو بايدن يتهمه بالخيانة

هل منع البيت الأبيض الاستخبارات من تقييم مخاطر تدخُّل روسيا بالانتخابات وقصرها على الصين وإيران؟

نشر في 11-09-2020
آخر تحديث 11-09-2020 | 00:04
جو بايدن يركع للتحدث مع صبي خلال زيارته أحد أسواق ديترويت أمس الأول (أ ف ب)
جو بايدن يركع للتحدث مع صبي خلال زيارته أحد أسواق ديترويت أمس الأول (أ ف ب)
رغم إصراره على نجاحه في مواجهة الوباء وصوابية قراراته المبكرة بحظر دخول المسافرين من الصين ومن نقاط ساخنة في أوروبا، اعترف الرئيس دونالد ترامب بمحاولته التقليل من التهديد القاتل لفيروس كورونا في بداية انتشاره، وذلك وفق مقتطفات من كتاب جديد، اعتبرها منافسه الديمقراطي جو بايدن أنها تؤكد كذبه على الشعب وخيانته له.
أقرّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنه حاول التقليل من مدى خطورة وباء كورونا من أجل تجنيب شعبه «الهلع»، وذلك وفق تصريحات وتسجيلات صوتية مأخوذة من كتاب جديد يحمل عنوان «الغضب» للصحافي المخضرم بوب وودورد نشرت مقتطفات منها، أمس الأول، ومن المقرر أن يصدر في في 15 سبتمبر الجاري.

وقال ترامب، في مقابلته المسجلة مع وودورد في 19 مارس، «أردت أن أقلل على الدوام من مدى خطورته (الفيروس) وما زلت أرغب بذلك لأني لا أريد أن أخلق حالة من الذعر».

وفي مقابلة أخرى مسجّلة في السابع من فبراير، قال ترامب لوودورد، إن الفيروس «ينتقل عبر الهواء»، رغم أنه كان يسخر دائماً ممن يضع كمامة في الأسابيع والأشهر اللاحقة. واستغرق الأمر حتّى يوليو قبل أن يقتنع بوضعها خلال ظهوره العلني.

وفي مقابلات سابقة مع وودورد، أوضح ترامب بأنه كان مدركاً أنّ الفيروس «فتّاك» وأكثر خطورة بأشواط من الإنفلونزا العادية. لكنّه كان يطمئن دوماً الأميركيين مطلع 2020 بأنه ليس خطيراً و»سيزول» من تلقاء نفسه.

وتفاقم التصريحات، التي نُشرت قبل ثمانية أسابيع من موعد الاستحقاق الرئاسي، الضغوط على ترامب، في وقت تظهر الاستطلاعات أن نحو ثلثي الأميركيين غير راضين عن طريقة إدارته للأزمة الصحية، وتطاوله اتّهامات بأنه يقلّل من مدى خطورة الأزمة من أجل تعزيز فرص فوزه بولاية رئاسية ثانية.

وفي تصريح للصحافيين في البيت الأبيض، ندّد ترامب بكتاب وودورد، الذي وفر حججاً جديدة سيستخدمها الديمقراطيون لتأكيد فشل في تحضير الأميركيين لمواجهة خطورة تفشي الفيروس وفي قيادتهم نحو الاستجابة المناسبة، ووصفه بأنه «عملية اغتيال سياسي جديدة»، مؤكداً أنّه قلل من مدى خطورة الفيروس لتجنّب «هستيريا». وتابع: «لا أريد أن يصاب الشعب بالذعر لن أقود هذا البلد أو العالم إلى الهستيريا، وعلينا أن نظهر الريادة وآخر ما تريد القيام به هو إثارة الهلع».

هجوم ديمقراطي

وعلى الفور، شنّ المرشّح الديمقراطي جو بايدن هجوماً شرساً على منافسه الرئيس الجمهوري، الذي عبر وصهره جاريد كوشنير عن سروره بترشيح النائب اليميني النروجي كريستيان تيبرينغ-غيدي له لنيل جائزة نوبل للسلام عام 2021 لرعايته اتفاق التطبيع بين الإمارت وإسرائيل، معتبراً أنّ الركود الاقتصادي سببه سوء إدارة ترامب للأزمة الصحية وتقصيره في أداء الواجب.

وقال بايدن في أول تجمع بولاية ميشيغان المتأرجحة التي تمثل ساحة معركة انتخابية حامية، «ترامب كان يعلم كم كان الفيروس مميتاً، وكذب على الشعب الأميركي. كذب عن دراية وعن قصد بشأن التهديد الذي كان يشكله على مدى أشهر»، مضيفاً: «لقد كانت خيانة حياة أو موت للشعب الأميركي ووصمة عار وبالتالي فهو غير أهل لهذا المنصب».

وفي خطاب ألقاه في الهواء الطلق أمام عدد محدود تجمّع أمام مقرّ «يو دبليو إيه»، النقابة القوية للعاملين في قطاع صناعة السيارات، تساءل بايدن: «كم عدد العائلات التي تفتقد أحباء لها على مائدة العشاء هذه الليلة بسبب إخفاقاته؟» مذكّراً بأنّ الجائحة حصدت أرواح 190 ألف شخص.

وسعى بايدن إلى رسم صورة قاتمة لترامب أظهره فيها رئيساً هجّر الوظائف الأميركية إلى الخارج بدلاً من توطينها وأطلق حروباً تجارية زعزعت الاستقرار ودفعت بالعجز التجاري لبلوغ أعلى مستوى له على الإطلاق.

كما ذكّر بايدن بأنّ ترامب فشل في الوفاء بوعده بأنّه في عهده لن يغلق أي مصنع للسيارات. وقال: «عندما أغلق مصنع جنرال موتورز هنا في وارن العام الماضي، أراهن أنّ الناس هنا لم يكونوا مرتاحين لوعوده الفارغة».

وأكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض كايلي ماكيناني أن ترامب لم يتعمد تضليل الأميركيين أو الكذب عليهم أبداً ودافعه الوحيد وراء التقليل من خطر الفيروس هو طمأنتهم وإظهار الثقة والهدوء»، لافتة الى أن «الرئيس لم يكذب أبداً على الأميركيين بشأن كوفيد».

التدخل الروسي

من جهة ثانية، كشف المسؤول الرفيع في مكتب الاستخبارات والتحليل في وزارة الأمن الداخلي براين مورفي أنّ البيت الأبيض أمره في مايو الماضي بالكفّ عن إعداد تقارير لتقييم مخاطر التدخل الروسي في الانتخابات والتركيز بدلاً من ذلك على التدخّلات الصينية والإيرانية.

وفي شكوى قدّمها ونشرت، أمس الأول، أوضح براين أنّ القائم بأعمال وزير الأمن الداخلي تشاد وولف أبلغه بأن الأمر صادر عن مستشار الأمن القومي روبرت أوبراين بضرورة كتم التقارير لأنها «تجعل الرئيس يبدو بمظهر سيئ»، مبيناً أنه عوقب بخفض رتبته في أول أغسطس بعدما قاوم على مدى سنتين الضغوط لتحريف تقارير استخبارية لغايات سياسية.

وأضاف أنّ هذا الأمر شمل تضخيم مخاطر دخول إرهابيين من المكسيك، والتقليل من شأن تهديد تطرحه «القومية البيضاء» (السعي إلى الحفاظ على هوية عرقية وقومية بيضاء والتمسّك بها وتطويرها)، وكتم تقارير حول التدخّل الروسي.

وجاءت معاقبة مورفي بعد مجموعة إحاطات وتقارير أعدّها حول تدخّل روسيا في الانتخابات وأنشطتها على وسائل التواصل الاجتماعي، لاسيّما بعد التحذير الذي وجّهه إليه وولف في مايو. واستُدعي مورفي للقاء وولف في 8 يوليو، وبعد ذلك أقصي عن الاجتماعات اللاحقة التي عقدت حول هذا الموضوع، وقلّل تقرير حول هذه المسألة من أهمية الأنشطة الروسية التي تبدو داعمة لجهود ترامب في سعيه للفوز بولاية رئاسية ثانية، وركّز في المقابل على أنشطة الصين وإيران.

استهداف بايدن

إلى ذلك، نفى المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أمس، استهداف متسللين مدعومين من روسيا شركة استشارية رئيسية في الحملة الانتخابية لبايدن، مؤكداً أنها «محض هراء».

ونقلت وكالة «رويترز» عن ثلاثة مصادر عليمة أن «مايكروسوفت» نبهت شركة استشارية إلى أنها كانت هدفاً لمتسللين عبر الإنترنت يعتقد أنهم مدعومون من الدولة الروسية.

وقالت المصادر إن محاولات الاختراق استهدفت العاملين في شركة (إس.كيه.دي.كيه نيكر بوكر) المتخصصة في استراتيجيات حملات الدعاية والاتصالات ومقرها واشنطن والتي تعمل مع بايدن وغيره من الديمقراطيين البارزين، وذلك خلال الشهرين الأخيرين.

وتأتي محاولات اختراق هذه الشركة في وقت دقت فيه وكالات الاستخبارات أجراس الإنذار من جهود محتملة من جانب حكومات أجنبية للتدخل في الانتخابات المقررة في 3 نوفمبر.

الكرملين ينفي استهداف شركة استشارية لحملة المرشح الديمقراطي
back to top