«الدبلوماسية القسرية» في عهد أردوغان... مقاربة مفيدة لتركيا

نشر في 02-09-2020
آخر تحديث 02-09-2020 | 00:00
 المونيتور يفضّل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان المواقف الصارمة في تعاملاته الدولية وغالباً ما تكون مقاربته مليئة بالإهانات والتهديدات العسكرية، فهو يمقت التسويات ويستخف بأساليب الدبلوماسية التقليدية. خلال عهده أصبحت تركيا لاعبة دولية مثيرة للاضطرابات وتراجع عدد أصدقائها وحلفائها المهمّين، فباتت أنقرة تواجه اليوم المزيد من الأعداء والنقاد أكثر من أي وقت مضى منذ تأسيس الجمهورية قبل قرن من الزمن.

لكنّ هذه العزلة لا تؤثر بإردوغان الذي يعبّر بشكلٍ متكرر عن استعداده لاستعمال القوة العسكرية التركية كخيار أولي لحل المشاكل بدل اللجوء إلى المسار الدبلوماسي، كذلك التزم بوعوده حين أمر بتنفيذ ثلاثة توغلات عسكرية في سورية وورّط أنقرة في الحرب الأهلية الليبية.

في الوقت الراهن، تستعرض أنقرة قوتها العسكرية في شرق البحر الأبيض المتوسط لتعطيل نشاطات استكشاف مصادر الطاقة المشتركة بين اليونان وقبرص ومصر وإسرائيل، وتتجاهل هذه البلدان برأيها حقوق تركيا في المنطقة وحقوق القبارصة الأتراك أيضاً.

وتكثر المخاوف من أن تغرق تركيا في صراع لا يقتصر على قوى إقليمية بل يشمل قوى خارجية أخرى، ويخشى البعض أن تثبت أي مواجهة محتدمة في البحر الأبيض المتوسط إلى أي حد أصبحت تركيا في عهد إردوغان معزولة سياسياً.

يظن عدد كبير من المحللين الأتراك أن الدبلوماسية هي المقاربة المنطقية الوحيدة التي تسمح بتجاوز هذه الأزمة، فقد توحي تركيا للوهلة الأولى بأنها كسبت بعض المنافع بفضل مقاربة إردوغان في مجال السياسة الخارجية، أو ما يسمّيها سابان كارداس من صندوق مارشال الألماني "الدبلوماسية القسرية المدعومة من الأدوات العسكرية"، حيث تسيطر تركيا مثلاً على أجزاء من الأراضي السورية اليوم، فضلاً عن منطقة حدودية تمتد على 911 كلم، نتيجة ثلاثة توغلات عسكرية كبرى منذ أغسطس 2016.

لكنها فشلت في تحقيق جزء مهم من أهدافها، أبرزها استئصال "وحدات حماية الشعب" التي تحظى بدعم الولايات المتحدة من شمال سورية، تعتبر تركيا هذه الجماعة الكردية السورية منظمة إرهابية تُهدد أمنها، كما أن تورط تركيا العسكري في ليبيا ونجاحها في منع خليفة حفتر من الاستيلاء على العاصمة طرابلس يبرران الدبلوماسية القسرية التي يعتمدها إردوغان.

راهنت أنقرة بأموالها على جهة واحدة في هذه الأزمة، وهي تحتاج إلى حكومة فايز السراج الإسلامية في معظمها لفرض سيطرة كاملة على البلد، وإلا ستبقى مكانة تركيا هناك هشة، وأدى تورطها في هذه الأزمات إلى تأجيج العداء العربي تجاهها.

وكتب محلل السياسة الخارجية مراد يتكين في تقرير له: "لم يعد العرب اليوم موحّدون على معاداة إسرائيل بل إنهم يتخذون موقفاً موحداً ضد تركيا، الأمر المفاجئ هو أن إردوغان لا يحبذ هذا الوضع". ويظن كارداس من جهته أن التهديدات العسكرية التي تفرضها تركيا في مناسبات متكررة تثبت فشلها في الاتكال على مجموعة أوسع من الأدوات الدبلوماسية، ويستنتج: "إذا أساءت تركيا التعامل مع الوضع، فقد تؤدي التزاماتها الراهنة إلى دوامة من التصعيد الخارج عن السيطرة، وقد تنجرّ أنقرة إلى خيار صعب بين التراجع والتورط في مواجهات عسكرية خطيرة بسبب مسائل يسهل التشكيك في أهميتها".

* «سميح إيديز»

back to top